حجم النص
بقلم:عباس الصباغ
يقول المثل السائر رب صدفة خير من الف ميعاد ، ولكن لايكون هذا المثل صحيحا حين يتعلق الامر بالأمن الوطني للبلد والمستوى المعاشي لمواطنيه فالدول ذات السياسات الناجحة والحكم الرشيد لاتعتمد على الصدف وضربات الحظ في تمشية امورها ويجب ان يتقن المتصدون فن سياسة ادارة الازمات وطرائق معالجتها وان لايعرّضوا شعوبهم تحت رحمة الصدف. اسوق هذه المقدمة للتطرق الى امرين مهمين سبق وان عانى منهما العراق ، الاول النقص الواضح في الموارد المائية ماسبّب معاناة كبير للمزارعين واحراجا كبيرا للجهات المسؤولة عن الخطط الزراعية التي تم تقليصها الى النصف بسبب الشحة الحاصلة في الموارد المائية الاتية من دول الجوار (المنبع ) لنهري دجلة والفرات اللذين لم يعودا يفيان بالالتزامات اللوجستية المطلوبة لتنفيذ الخطط الزراعية ضمن البرامج التي تضعها وزارة الموارد المائية بتنظيم الحصص المائية حسب المتوفر من المياه وحسب الحاجة الفعلية للزراعة ولكن شاءت الاقدار الالهية ان تتغير تلك الصورة بعد ان تغيرت الحالة المطرية التي شهدت نضوبا هي الاخرى ولعدة سنوات مضت فحدث هطول غير متوقع للأمطار الغزيرة في اقليم كردستان وبع0ض دول الجوار ما ادى الى حدوث سيول موسمية معتادة ساهمت في رفع الخزين المائي للبلد ببعض المناسيب التي تقلل من نسبة الجفاف ولكن دون ان تؤدي الى انحساره تماما بل الى تقليلها نوعا ما ماادى الى شيوع الاطمئنان بان الموسم الزراعي الحالي قد يكون شبه مؤمّن . والصدفة الثانية التي لعبت دورا كبيرا في انعاش الاقتصاد العراقي تتمثل بالوفرة المالية النسبية والمؤقتة في اسعار النفط في السوق العالمية وان كالت حالة لاتدعو للاطمئنان الكامل من قبل مهندسي الموازنات المالية العامة ـ وكما نوهت ـ هي مرحلة مؤقتة ونسبية وغير كافية لتجاوز الازمة المالية التي يمر بها الاقتصاد العراقي كما انها لن تساعد في تقليل نسب العجز الترليوني في الموازنات المالية العامة بشكل مريح اذا لم تستغل بشكل مهني ومتقن ومدروس . الدول الناجحة لاتنتظر حدوث الصدف حتى السارة منها بل تعتمد على برامجيات متقنة وحكيمة وكوادر مهنية مخلصة في عملها ومتقنة في ادارة الازمات وبعيدة عن سياسة انتظار الصدف كارتفاع اسعار النفط لتعويض الخسائر المالية جراء انخفاض الاسعار او انتظار ان تعوض الطبيعة النقص الحاصل في الموارد المائية بواسطة الامطار او السيول وغيرها كثير وكان من المفروض على جميع الحكومات المتعاقبة ان تنظم الواقع المائي بانشاء سدود على نهري دجلة والفرات او تنظيم حصة العراق بعقد اتفاقيات مع دول الجوار لتلافي حدوث شحة كما يحصل الان او تاسيس صندوق سيادي نفطي لتلافي حدوث ازمة مالية بسبب انخفاض اسعار النفط ... الخ .