- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الورقة البيضاء والأيّام السوداء
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
اذا كانت الورقة "البيضاء" الآن، لا تنفعنا في الأيّام "السوداء" بعد عشر سنوات من الآن، فهي ليست "بيضاء" .. إنّها "سوداء" أصلاً.
إنّ ما لا ينفعنا، وإيرادت صادراتنا النفطية لشهر واحد فقط (نوفمبر/تشرين الثاني 2021) قد بلغت 7.61 مليار دولار(الإيرادات المتوقعّة في موازنة الأردن لعام 2021 بأكمله هي 10.9 مليار دولار فقط)، لايمكن أن ينفعنا، وإيرادات صادراتنا النفطيّة هي أقل من ذلك بكثير، يوم تحلُّ علينا "نعمة" أو"لعنة" انحسارها التي تنبّأ بها السيد وزير المالية، والتي ستبدأ بعد 5-10 سنوات من الآن.
لقد صدرت الورقة البيضاء في تشرين الأوّل 2020، وفي عام 2021 صدر "الإطار التنفيذي" لها.. ومع ذلك ما نزال لا نعرف التوصيف الدقيق لهذه "الورقة"، هل هي "برنامج" أو"وثيقة" للإصلاح المالي قصير الأجل؟ هل هي "خطّة" تنمية اقتصاديّة متوسطة الأجل؟ أم هي"استراتيجيّة" طويلة الأجل، في بلد يفتقر إلى "الإستدامة" و"الإلزام" في كلّ شيء: مؤسسات، وأنماط إدارة، و برامج، وخطط، واستراتيجيات، ورؤى، وأساليب عمل.. ويفتكُ به"سياسيّون" يضعون الإقتصاد في مرتبةٍ متدنيّةٍ من اهتماماتهم، رغم انّهُ المُحرّك الرئيس لكلّ هذا الغضب (والوجع) الذي يشهدهُ "الشارع" ضدّهم.
وإلى الآن لم نحصل من هذه "الورقة" إلاّ على خفض قيمة الدينار مقابل الدولار بنسبة 23.6%، وأرتفاع أسعار سلع المُستهلِكين"الأساسية"، وما ترتبّ على ذلك من ارتفاع كبير في معدل التضخم.
وباستخدام "الرقم القياسي لأسعار المستهلك" في العراق كمؤشّر للتضخّم، سنجد أنّه شهد ارتفاعاً في معدل نموّه، من -0.2%(أي معدّل نمو سالب) في عام 2019، إلى 0.6% في عام 2020 (أي أقل من مرتبة عشرية واحدة)، وصولاً إلى 6.4% في عام 2021 (على وفق بعض التقديرات)، أو إلى 8.1% استناداً لتقديرات أخرى .. وقد يتجاوز هذا المعدّل حاجز الـمرتبتين العشريّتين (أي أكثر من 10% في العام القادم) إن لم يكن قد تجاوزه فعلاً بنهاية هذا العام.
معالي السيد وزير المالية المحترم ..
دعنا "نتمتّع" الآن بـ 7 مليار دولار شهريّاً (من عائد الصادرات النفطيّة فقط)، ونعيش "أجلنا" القصير بالحدّ الأدنى من "الرفاهية"، دون "مِنّة" منك، ومن "القادة" والزعماء "السياسيّين" الذين قادونا الى هذا "الخراب" الذي يؤكّد معاليك على وجوده دائماً بيننا، ولكنّك لم تُشر يوماً، وبصراحة، إلى أولئكَ المتسبّبين به، ولو من باب "جبر خواطرنا" المكسورة بسببهم، منذ ثمانية عشر عاماً.
أنتَ يا معالي الوزير تقفز من "الأسباب" إلى النتائج، ولا تُشيرُ إلى أولئكَ "المتسبّبين" بالمشكلة، وتُلقي تبعاتها كلّها على الناس.. لتظهرَعليهم بعد ذلكَ بمظهر "المُنقذ"، و"رسول" الخلاص.
أنتَ لا "تَقدِرُّ" يا معالي الوزير، إلاّ علينا..
وإلاّ ما نفعُ "وثيقةٍ" استراتيجيّةٍ، ومتكاملةٍ، وشاملةٍ، و متعدّدة الأبعادِ (كورقتك البيضاء)، إن لم تكن قابلة للتطبيق أصلاً؟
دعنا نعيشُ "أجلنا" القصير بسلامٍ وهدوءٍ وأملٍ بغدٍ أفضل يا معالي الوزير.. لأنّنا سنكونُ جميعاً موتى في الأجل الطويل .. نحنُ، و"هُم" .. والكثير من الأوراق البيضاء وغير البيضاء ...
وأنتَ أيضاً.
أقرأ ايضاً
- وزير المالية الإتّحادي في العراق.. بين الورقة البيضاء للإصلاح الإقتصادي وقانون الدعم الطاريء للأمن الغذائي والتنمية
- الأيادي البيضاء في ايطاليا والأصابع السوداء في العراق
- لماذا لم يتم التطرق الى الفساد في الورقة البيضاء الحكومية ؟