بقلم: د. كريم شغيدل
ترتكز الدولة العراقية على ثلاث ركائز أساسية في تشكلها وسيرورتها وصراعاتها ومصالحها وانحيازاتها الإيديولوجية والثقافية، ونعني بها المكونات الثلاثة الرئيسة (السنة والشيعة والكرد) وتدور في فلكها مكونات أو أقليات صغيرة أخرى، لا ننفي وجود نوع من الاستبداد المكوناتي لكل مكون، وهذا لا يمثله أفراد أو جماعات، بل هو جزء من ثقافة مؤدلجة، إذ يستبد المكون السني بمقولة الحق التاريخي والشرعي لحكم الدولة، بينما يستبد المكون الشيعي بالمظلومية التاريخية وحق الأغلبية، في حين تشكل سردية الدولة القومية مرتكز ذهنية المكون الكردي.
كل اتجاه من الاتجاهات الثلاثة له ما يغذيه داخلياً وخارجياً، فللسنة محيط إقليمي داعم ومحرض أحياناً، وللشيعة قوة إقليمية مؤثرة داعمة ومتنفذة، وللكرد مثلما للمكونين من قوى دولية داعمة، وطبعاً للقوى الخارجية مصالحها وستراتيجياتها في التدخل والنفوذ، وهي مصالح تفوق ما لم نقل تضرب مصلحة الدولة العراقية وسيادتها ومقدراتها ومستقبلها بعرض الحائط، الآن وقد اتضح المشهد ما الذي تنتظره المكونات بنخبها وساستها وقادتها؟.
لقد مرَّ قرن على تأسيس الدولة العراقية الحديثة بحدودها الجغرافية المعروفة الآن، من نظام ملكي إلى جمهوريات تساقطت تباعاً، حتى لحظة الغزو الأميركي، ودولتنا شبه عارية، لا تمتلك غطاء يمفصل وحدتها ويحفظ استقرارها، دولة مكونات تحكمها تجذابات تاريخية وثقافية وأيديولوجية ودينية وطائفية وعرقية، وذلك بسبب غياب العقد الاجتماعي، فما الذي ننتظره؟
لا عند التأسيس، ولا بعد إسقاط الملكية، ولا في حقبة الانقلابات، ولا بعد الغزو، لم تفكر نخب المكونات الثلاثة بعقد اجتماعي تأسيسي تنبني في ضوئه فلسفة الدولة، بحيث يضمن لكل مكون حقوقه في الشراكة الوطنية، لا على أساس المحاصصة، بل على أساس المواطنة والمصالح المشتركة، بدلاً من الشراكة مع الآخرين للاستقواء على أبناء البلد.
خلاصة القول: العراق بلد مكونات ولا يستقر إلا على ثلاث أثافٍ (المكونات الرئيسة) كقدر الطعام الذي لا يستقر إلا على ثلاثة أحجار، ووفق مقادير منطقية بعيداً عن أوهام الحق التاريخي والأغلبية والانفصال القومي، وما تنتجه تلك السرديات من أدبيات كراهية وعنف وتهميش وازدراء للآخر المختلف، ماذا ننتظر كي نعيش تحت سقف عقد اجتماعي؟
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير