بقلم: علي حسين
سيظلّ الخطأ الأبرز لمعظم القوى السياسية أنها لا تريد أن تؤمن بأحقية الشباب في الرفض والاحتجاج، ولهذا نراها تتصرف بمنطق القوة والتخوين لكل من يطالب بالعدالة الاجتماعية وإنصاف فقراء الوطن .
في كل احتجاج مشروع وكان آخرها احتجاجات السليمانية أسأل نفسي: ماذا ستفعل الجهات الرسمية؟ فأجد الجميع يفتقرون إلى رؤية سياسية تبني جسوراً إلى المستقبل، ولا تعود بنا إلى عصر الاستعراضات العسكرية التي يدّعي أصحابها أنّ كل شيء تحت السيطرة، فيما تنتشر البطالة، وتزداد معدلات الفقر! هذه ياسادة قصتنا في الثمانية عشر سنة الماضية، حيث أحزابنا الحاكمة تدعو للمواطنة على الورق، لكنها في الواقع تحرّض ضد كل من يهتف برأي مغاير .
لا يريد ساستنا أن يعترفوا بأنّ هذا الشعب يملك شجاعة الاحتجاج، فهم يريدونه تابعاً لهم، مثلما هم تابعون لبلدان الشرق والغرب، لكنهم رغم ذلك يوزّعون "الأجندات الأجنبية" على المتظاهرين، فيما يحاول "جهابذتهم" تلقيننا دروساً في فنون الوطنية. لم تقدّم التجربة السياسية خلال الثماني عشرة عاما الماضية للعراقيين معنىً واحداً للولاء الوطني، لا عدالة اجتماعية لا خدمات، ولا مدن نتباهى بها.
منذ انطلاق تظاهرات تشرين وأحزاب السلطة، تريد أن تؤكد للعالم بأن الذي سرق البلاد وخربها وأشاع الطائفية والمحاصصة وباع المناصب إنما هم العراقيون المعتصمون ضدها في ساحات الاحتجاج، وأن تحرير ساحة التحرير بات مقدماً على تحرير العراق من الفساد والانتهازية، وأن فرض الهيمنة الكاملة على العراقيين له الأسبقية على تأمين مستقبل الشعب والخروج به إلى بر الأمان.
هل هناك اخبار جديدة من هذه البلاد العجيبة، غير أخبار السيدة بلاسخارت التي تُشتم مرة وتُمتدح مرات؟. نعم والحمد لله، هناك جديد أخبرتنا به محافظة ذي قار وهو بدء العمل في انشاء مطار الناصرية من قبل شركة صينية. وقبل أن يسخر البعض مني ويقول وما الغريب في هذا الخبر ؟ أحيله إلى عام 2017 عندما أعلن وزير النقل آنذاك كاظم فنجان الحمامي عن الانتهاء من مطار الناصرية ، في ذلك الزمن "الوردي" أخبرنا الحمامي بأن "إنجاز مطار الناصرية جاء بجهود ذاتية من قبل وزارة النقل ومجلس المحافظة والبلدية وجهات أخرى كثيرة". طبعا مفاجآت السيد الحمامي كانت كثيرة وغير متوقعة. هل نسجّل أنّ الوزير الذي استنجد بالكائنات الفضائيّة لكي ينشئ مطار الناصرية، وبالقوى الخارقة ليحفر أكبر نفق في العالم؟! اليوم نقرأ أنه لا مطار هناك وأن الأمر مجرد كذبة مارسها السيد الوزير الذي أصبح نائباً فيما بعد، وربما يعين سفيراً. وهي واحدة من ملايين الاكاذيب التي تم قصف هذا الشعب بها .
نشعر بالاستغراب ونحن نرى مسؤولا في بلدان العالم يُقدم الى المحاكمة لانه كذب كذبة صغيرة ، في الوقت الذي يعيش المواطن العراقي وسط بحور من الخديعة .
أقرأ ايضاً
- تداعيات الإعتداء على الصحفيين في كربلاء.. ما هكذا أيها السادة !
- قائمة بأسماء المسؤولين الجبناء
- اجازة الخمس سنوات للموظفين لماذا لا نطبقها على المسؤولين و البرلمانين