- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
وصار الإعلام "يصيح انقذوني" - الجزء الاول
بقلم: حسن كاظم الفتال
لا أرغب أن أتحدث عن ماهية الإعلام وتوصيفاته وتعريفه وخصائصه ودوره الرسالي في تنشئة الجيل . خشيةَ أن يوقعني في شبك التكرار الممل ويؤدي إلى نفور المتلقي . إذ يحسبني بعض المتلقين صاقولا لأحاديث مضت وأُدرج في حقل التكرار الممل وعدم التقبل .حيث أننا أشبعنا الإعلام شرحا وتوصيفا وتعريفا بسرد طويل مسهب.
ولا حاجة للتكرار ولكن يحتم علينا الواقع أن نُذَكِّر وهذا ما لا بأس به . ومن نافلة القول فحسب إن الإعلام من أبرز وأهم وسائل تثقيف المجتمعات وسوقها إلى عالم التطور والتقدم والتغيير أحيانا لواقع البيئة .
إن السعي لامتهان الإعلام أو الرغبة في تخصصه لم يرتبط أو يرتهن بخلاصة دراسة أكاديمية وما تفرزه هذه الدراسة, وإن شهادة التخرج لا تعني الإحاطة بمفاهيم الإعلام وغوامضه أو الإلمام بجزئياته . إنما بوسعنا أن نعد العمل الإعلامي فنا ينشأ بثقافة ذاتية تندمج مع الفطرة السليمة والملكات الإنسانية وحِدَّة البصيرة ومرتبة الذكاء والإكتساب الصائب مما تفرزه البيئة النقية بوعي تام.
وقد أدى الإعلام في العراق دورا مهما في إنماء التوعية المجتمعية وحتى في تغيير السلوكيات والتحفيز على التنفير من الأخطاء أو الممارسات السلبية والإرشاد إلى كل ما هو رشيد وصالح .
ومنذ تأسيس الإعلام كوسيلة إرشاد وتوجيه راح يتعاطى مع معظم مجريات الحياة بجدية وبرصانة وبصيغٍ تبدي رأيا متينا حصيفا لتنتج كل ما هو نافع ومفيد.
رغم أنه مَرَّ بمراحل كاد أن يصير أداةً سياسية طيعة لجهة معينة وأُطلقت عليه تسمية (الإعلام الموجه) أو (المسيس) فأثار حفيظة قسم من المختصين وحفاظا على سمعته انبروا بسعي حثيث لإعادة العافية والهيبة للدور الإعلامي وليعود الجوهر متغلبا على الصور المشوشة أو الشعارات المزيفة وظل الجوهر شاخصاً ظاهرا للعيان وشعت الصورة الحقيقية وتكشفت سحابات التزييف ببقاء الأسس والثوابت والمبادئ العامة.
انعدام التشابه بين الأمس واليوم
ثمة بون شاسع بين إشعاع إشراقة الإعلام في الماضي كمهنة بكل مفاصله ومغازيه وبين خمود توهجها في الحاضر.
حيث أن في هذه المرحلة الراهنة أو الإستثنائية في معظم مفاصلها وتمظهراتها راحت تلوح على الأفق بوادر تجعل المتلقي يعتريه اليأس لأنه لمس وجود تباين شاسع بين الصورة الحقيقية اللامعة للإعلام وبين زيف وضلال ما يطرح على الساحة.
فقد اكتظت الساحة بحشد من المؤسسات التي ربما لا تنتمي إلى جوهر الإعلام وبُنيته ولا تحمل منه إلا الاسم غامضة الملامح تفتقد لعناصر الأداء المتكامل المرجو في التعاطي . وأوشك الإعلام وسط هذا الخضم أن يفقد هويته الحقيقية الحضارية بل يتحول إلى أداةٍ من أدوات التجهيل.
وربما يحق لنا القول أحيانا أن ثمة أيدي مشلولة إنيطت لها مهمة إدارة الماكنة الإعلامية.
فقد أنشئت قنوات ومؤسسات تزعم الإستقلالية والمدنية استراتيجياتها منسجمة في تشكيلاتها ومتماثلة في تصنيفاتها إنما هي ليست كما تزعم أو تعلن.
وثمة مرضٌ ذو عدوى تسلل وانتشر في أجزاء كثيرة من جسد الإعلام الناصح العفيف. كاد هذا المرض أن ينخر جسده فيجعله آيلا للسقوط في جرف الهاوية أو نحو الانهيار التام من اجل أن تعيش مجموعة من الأجانب والغرباء عن المهنة والوسط وصا بعض أصحاب الإختصاص يحسبهم أنهم ليس إلا كابوسا جثم على نزاهة الإعلام.
اثقلوه بالمزاجات وبالاشباع لشهواتهم واغتالوا فيه روح العفة والنزاهة والمصداقية واتقنوا فن التعامل مع الجسد ولغته بما يتيح لهم الإستئناس بذلك.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول