- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ماذا لو تخلى العرب عن لغتهم ؟
بقلم: هادي جلو مرعي
على الدوام كانت اللغة هي العامل الأهم في جمع الناس، وربطهم ببعض بوشائج قربى، وصلات لاتنقطع، فماذا لوتخلى العرب عن لغتهم، هل سيعودون عربا، وماذا لو تخلى الكورد عن لغتهم هل يعودون كوردا؟ وماذا لو تخلى كل أبناء قومية عن لغتهم، هل يعودون أبناءا لتلك القومية ؟
اللغة هي مادة القومية وركيزتها، ولعل فشل بعض الأمم في إختراق أمم أخرى يعود لجهلها بلغة الأمة المستهدفة، وهناك مانسميه (عامل اللغة في العلاقة بين القوميات) وماذا لو كانت لغة واحدة هي المتداولة والمعروفة في كامل الأرض، ولعل حديثا قديما يقول: من تعلم لغة قوم تجنب شرهم. ولهذا عمدت دول إستعمارية الى نشر ثقافتها في البلدان التي إحتلتها عبر عامل اللغة، ومحاولة تثقيف الناس بها.
حاولت دول عبر التاريخ إعتماد اللغة كأداة هيمنة وسيطرة ونفوذ كما حصل خلال فترة الإحتلال العثَماني الذي مارس سياسة التتريك مع العرب، وفعلت فرنسا مثل ذلك، ولكن ذلك لم ينفع كما قد أضر.
لكن ماالذي فعله العرب لحماية لغتهم وتدليلها، وهي التي تستحقق ذلك، بدلا من التشويه والتخريب الذي تعانيه، ويذكرني ذلك بطفلة صغيرة مثلت دور (اللغة العربية) في مسلسل تعليمي حين نظرت في المرآة، وظهرت عليها الصدمة، وصرخت : هذا شكلي، هذا شكلي؟ ثم بكت بحرقة، والأسوأ أن يعمد البعض الى قتل اللغة العربية بالدعوة الى تغليب اللهجات المحلية في عدد من البلدان، وتتم الدعوة الى هجر اللغة العربية، والتحول الى اللهجة الخاصة في كل بلد من البلدان.
اللغة العربية تبدو كجسم غريب عند البعض، ولعل الشعور بالهزيمة والإحباط العام، والضياع، والإيمان بتفوق الحضارة الغربية دفع فئات إجتماعية الى تفضيل الحديث باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وتعلمهما وتدريسهما، وجعلهما من اللغات التي يشترط إجادتها أولا قبل الشروع في عمل بعينه، أو دراسة جامعية، أو الحصول على مقعد في الدراسات العليا التي هي هدف الدارسين.
لدينا من الأفكار والموارد البشرية والمادية مايكفي لوضع إستراتيجية واضحة لحماية اللغة العربية، ونوفير شروط العيش الكريم والآمن الذي تستحق بوصفها لغة القرآن، ولغة أهل الجنة، وهي واحدة من أقدم اللغات التي تحدث بها عدد كبير من سكان الأرض، وألفت بها كتب، ونظمت أشعار، وكانت سببا لتواصل إجتماعي وحضاري لم ينقطع حتى اليوم.