بقلم: سعاد حسن الجوهري
لا اعرف سر عتبي على العالم الخالد "توماس اديسون" وانا اتحرق شوقا لرؤية الكهرباء تعود لمنزلي بعد طول انقطاع في ظل صيف لاهب يعذب الارواح والاجساد معا؟ فوجدت ان هذا الانسان النبيل ارتكب بنبله وكرمه وابداعه جريمة بحق شعب العراق الذي يعاني من هذا الاختراع العذابات الكبرى وتهدر الملايين والمليارات من الدولارات شهريا وسنويا من ثرواته الخاصة على هذا القطاع المعاق دون جدوى.
فحينما بشرت وزارة الكهرباء قبل شهرين العراقيين بشأن ساعات تجهيز الكهرباء خلال فصل الصيف واشارت في بيانها الذي تناولته العديد من الفضائيات وصفحات التواصل الاجتماعي الى انها ستكون مرضية كانت نظرتي تشاؤمية وانا اقرأ ما قاله الناطق باسم الوزارة بان"ساعات تجهيز الكهرباء في بغداد المحافظات في الوقت الحالي لا تقل عن 21 ساعة وأي حديث عن قلة ساعات التجهيز غير صحيح على الإطلاق وان الصيف سيكون مغايرا بالنسبة للعراقيين".
بعدها بايام وانا اتصفح الفيسبوك وجدت منشورا تلاقفته صفحات اخرى صادر من وزارة الكهرباء اشار الى أنه "بهذه النسبة من الطاقة ستتمكن وزارة الكهرباء من تجهيز ساعات مرضية للمواطنين خلال الصيف المقبل". حينها ايضا وجدت نفسي في زاوية العزلة والتشاؤم ففضلت السكوت دون تعليق لان كثرة الامل بعد الالم لا يترك مجالا للتشاؤم بالمرة.
لكن ما ان اشتدت حرارة الصيف حتى انطلق قطار الاعذار الجاهزة من محطة الوزارة لتثير شفقة المواطنين والمراقبين حينما اطل علينا مسؤول ليقول "إن إصلاح وتحديث شبكة الكهرباء في البلاد يحتاج لاستثمارات لا تقل عن 30 مليار دولار". حينها حسدت نفسي واعجبني تشاؤمي وانعزالي عن جيوش المتفائلين بتحسن الكهرباء والتنعم بصيف بارد كاغلب الشعوب.
وما زاد الطين بلة ما ذكرته لجنة تحقيق برلمانية عراقية بأن وزارة الكهرباء أنفقت 81 مليار دولار على القطاع منذ عام 2005.
الفضول او الحماس لا اعرف كيف دفعني للبحث عن المليارات المهدورة على هذا القطاع الغريب لاجد ما ذكرته لجنة الطاقة البرلمانية في بيان يوما إن "حجم الإنفاق الفعلي الكلي في وزارة الكهرباء منذ عام 2005 ولغاية عام 2019 بلغ أكثر من 81 مليار دولار". ولفتت إلى "استمرار استنزاف الخزينة العامة للدولة من خلال منح ضمانات دين سيادية إلى عدد من الشركات الأجنبية والمحلية". فيما أوضحت اللجنة أن "وزارة الكهرباء لجأت في تنفيذ بعض مشاريعها إلى القروض الخارجية والتي تراوحت فترة سدادها من (2017-2048) حيث يشكل ذلك عبئا كبيرا على الخزينة العامة في السنوات القادمة فضلا عن الفوائد المترتبة على تلك القروض".
الى هنا انتهى حديث اللجنة البرلمانية الذي عزز لدي شعور التشاؤم ودفعني الى توجيه العتب على المرحوم المغفور له "اديسون" الذي يحتفل بذكرى رحيله شعب العراق في اليوم نحو 19 ساعة اجلالا لما قدم من خدمة انسانية كبرى لم يلمس منها العراقيون شيئا. والمشتكى لرب الشعب ورب "اديسون" وحده.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير