بقلم:احمد جنديل
أن يغيب الصدق عن المشهد مهما كان نوعه وشكله فاقرأ عليه السلام ، لا مبادئ بدون صدق ، ولا ثقافة بدون صدق ، ولا حياة كريمة إذا افتقدت الصدق .
وعندما تكون المسافة بين رأس السياسي ولسانه أطول من المسافة الممتدة بين الأرض والسماء فهذه المصيبة الكبرى ، وأن يكون فعل الكذب محصورا بين الفقراء ، ومنصبا على رؤوس الرعية فهذا هو البلاء العظيم .
والسياسيون في بلدي يتفننون في صناعة الكذب ، خجل الشيطان من وقاحتهم ، حتى وصلوا إلى درجة الاستثنائية في صياغته وإخراجه وتسويقه إلى المساكين من أبناء هذا الشعب الذي فقد صوابه من كثرة الألسن التي تكذب عليه ، وأصابه الصداع من شدة صراخ دعاة الكذب ، وبدأ البعض ممّن يتمتع بموهبة الغباء يصدق كذب ساسته ، وينصاع إلى لغة الكذب التي تمارس عليه .
والسياسيون وعلى مر تاريخنا الملطخ بغزي الأفعال ، والمحشور بين دهاليز التآمر والانقلابات والحقد والثارات والتخوين ، والمختنق بدخان النفاق والانتهازية ، والزاخر في فنون التقديس المخجل ، لا يملكون من الدنيا غير متاع الكذب ، ولا تعمل قواهم العقلية إلا ببطاريات الشحن السلبية ، ولا يجيدون غير منطق المراوغة والتسويف في إدارة شؤون البلاد ، فمع كل اشراقة شمس ، يخرج السياسي علينا محملا بكل صنوف الكذب المستورد والمصنوع محليا ، ويلقي بضاعته المغشوشة التي تبشرنا بوصول عصر الأمن والأمان ، والحرية والسعادة ، والمنافقون يصفقون ويهتفون بحياته وحياة عصر النهضة والازدهار ، ومع غياب الجميع و حلول الظلام ، يبدأ الموت الأسود يحصد أرواح المساكين ، وينشر غباره على ربوع الوطن المثقل بالويلات .
يخرج السياسيون حاملين معهم عدة الحروب ، وواضعين على رؤوسهم قيم التاريخ والتراث بعدما أفرغوه من أصالته ، وعلى قرع الطبول ، ومواعظ الزنادقة ، تكون السيوف قد أكلت أجساد الفقراء ، والنيران قد التهمت أرواح المساكين ، وان الحرب قد أنجبت حربا ، والسيوف قد خلفت سيوفا ، وما بين الحروب المتواصلة تصدح حناجرنا وسط شلالات الدم التي تغسل أرض الوطن السعيد .
في بلد الكفر ، يكذب السياسيون لصالح أوطانهم وشعوبهم ، وفي بلد التقوى والإيمان يكذب ولاة الأمر من أجل أن ينتزعوا اللحم عن جلد الشعب ، وسط دخان الشعارات الكاذبة والمقولات المزيفة .
وفي بلد السفور والفجور ، يعاقب السياسي بأشد العقوبات عندما تمتد يده إلى أموال شعبه ، وفي بلد التسابيح والتراويح يزيّن صدر السياسي بالأوسمة والنياشين عندما يشفط أموال الأرامل والأيتام ، والويل لمن يقف في وجهه فدعاة التقديس له بالمرصاد ، أستثني من السياسيين أولئك الذين إذا حضر الواحد منهم لا يعّد ، وإذا غاب لا يفتقد ، الذين يسرقون بصمت ، ويكذبون بصمت تحت قناع التواضع والأريحية والتسامح .
إلى اللقاء .
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!