بقلم:عباس الصباغ
مرة اخرى عاد العالم ليكتم انفاسه على خلفية تجدد التوتر المزمن بين ايران والولايات المتحدة وهو توتر لم يخفت وهجه منذ الاطاحة بنظام الشاه وتأسيس الجمهورية في ايران ومارافق هذا التأسيس من احداث كاقتحام السفارة الامريكية في طهران (شباط 1979) واحتجاز اعضائها لاكثر من 400 يوم وهو ما عدته الولايات المتحدة تحديا لهيبتها في المنطقة فكان ذلك مدعاة لبدء القطيعة الدبلوماسية بين البلدين والى الان .
ومع تعدد تولي الرؤساء الامريكان وتعدد الامزجة المتعلقة بالسياسة الخارجية والامن القومي الامريكي اخذ هذا التوتر خطوطا بيانية متذبذبة بين التهدئة تارة والاشتعال تارة اخرى ، الا ان هذا التوتر لم يدخل في سياق الحرب الباردة الاّ في عهد الرئيس ترامب (المنتهية ولايته ) وصلت فيه الامور الى عرض العضلات ونتف الريش بين الطرفين وزاد الطين بلة خروج الولايات المتحدة ومن طرف واحد من اتفاقية الاطار (5 + 1 ) المبرمة بين ايران وبين الولايات المتحدة وحلفائها في عهد الرئيس اوباما وهي اتفاقية حصل فيها الطرفان على بعض المكاسب (والتطمينات ) وحصل فيها العالم على بعض "التهدئة".
وبلغ التوتر اقصاه بعد اغتيال الجنرال (سليماني) وتكرر الامر باغتيال العالم النووي البارز ( زادة ) ، ويبدو ان هذا التوتر او الحرب الباردة بين الطرفين سيستمر الى ان يدخل في مسار آخر مثل التطبيع الكلي بينهما او المواجهة الحاسمة ، وبحسب القاعدة المعروفة (لاتوجد عداوات او صداقات دائمة بل توجد مصالح دائمة ) ، يرى المراقبون للشأن الايران ان طهران بدأت تجنح الى انتهاج سياسة ضبط النفس وببراغماتية حذرة مبتعدة عن الدوغمائية الشعاراتية الفارغة ، ولحفظ ماء الوجه امام الراي العام كان اللجوء الى نظرية المؤامرة سهلا وذلك بتوجيه الاتهام (التقليدي) نحو إسرائيل .
الامل قوي بقدوم الرئيس المنتخب بايدن وهو من أنصار العودة إلى الاتفاق النووي الأمريكي مع إيران ويمكن أن يحمل توجهاً أقل حدة في التعامل مع طهران ، وصار من الضروري الحفاظ على مساحة هشة من البراغماتية مع إيران بما يسمح بتسوية الخلاف المزمن معها من خلال التفاوض المؤجل
لابعاد النار عن العراق الذي لاناقة له ولاجمل في هذا الصراع ،وعن المنطقة ايضا.