عباس الصباغ
الموازنة المالية العامة اصبحت كواقع حال وفي ظل المعطيات التي فرضتها ريعية الاقتصاد العراقي المرتهن بشكل شبه كلي منذ خمسينيات القرن الماضي ببرميل النفط مع ضمور شبه كلي ايضا للاعتماد على الموارد الاقتصادية الاخرى والى يومنا هذا ، فقد اصبحت الموازنة تسمى موازنة تأمين الرواتب فقط وتكاد لاتكفي لذلك حاليا ، مع تزايد حاجات الدولة العراقية الى النفقات (التشغيلية والاستثمارية) ناهيك عن الترهّل الوظيفي الحادّ في الجهاز الوظيفي للدولة العراقية ،و لهذه الاسباب وكما كان متوقعا ان ندخل في دائرة المسكوت عنه فالقطاع العام لا ينهض بالموازنة والقطاع الخاص مايزال كسيحا ، فلم يعد الحديث جاذبا لأصحاب الاستثمار الداخلي او الخارجي فلاشيء جاذبا في الاقتصاد العراقي لهم فهو لم يعد مستوعبا للميزانيات التشغيلية (الرواتب) ولا للميزانيات الاستثمارية (البنى التحتية والنفقات الاخرى ) فهذه وفي ظل المعطيات المؤسفة الواردة آنفا اصبح الحديث عن تغطية نفقات الدولة العراقية من كلاسيكيات موازنات الماضي سواء أكانت "انفجارية" ام غير انفجارية فهي كانت تغطّي نفقات الدولة تقريبا مع وجود هامش معقول ومسيطر عليه لعجز مالي وهذا الامر متعارف عليه عالميا ، واليوم فقد تجاوزنا الحديث عن التغطية المتعثرة والعجز المالي الترليوني وصولا الى الاسوأ اي الى تامين مجمل الموازنة عموما وانتهينا بمحنة تأمين القسم الاهم من الميزانية التشغيلية (الرواتب ) ، فلم يعد برميل النفط لوحده قادرا على تغطية جميع نفقات الدولة العراقية فضلا عن الخط الاحمر فيها وهو الرواتب وما لها من تأثير على المستوى المعيشي للموظف وللسوق المحلية، فلم تعد الاخبار التي ترد عن قرب توزيع الرواتب (المؤّمنة) للأشهر الثلاثة المقبلة مفرحة لانعدام الثقة بالمؤسسة المالية التي وقفت مكتوفة الايدي ولم تقم بتعظيم الموارد الاقتصادية الاخرى كالزراعة والصناعة والسياحة والاستثمار او تنشيط حقيقي للقطاع الخاص لتكون روافد اضافة الى برميل النفط .
واذا لم يعد النفط قادرا على الايفاء بأبسط متطلبات الدولة ، وقبل انهيار الاقتصاد العراقي واعلان موته سريريا يجب رسم خارطة طريق جديدة له تنبع من تعظيم الموارد وتنشيط القطاع الخاص ويحتاج الامر الى اكثر من عصا سحرية لذلك وبأسرع وقت ولات حين مندم .
أقرأ ايضاً
- سُلّم الرواتب بين إرث بريمر وعراقيل البيروقراطيَّة
- محنة حزب البارزاني
- حرب عالمية من أجل توطين الرواتب