- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
إصبع على الجرح .. نحن والحسين عليه السلام ..
بقلم: منهل عبد الأمير المرشدي
كل احتفال او احتفاء او احياء لمناسبة معينة يقال عنها احتفالا بمناسبة ذكرى ذلك الشيء. فجميعها احتفال بذكريات ثورة او انقلاب او نكبة او انتصار او هزيمة او كارثة او ميلاد او وفاة او اي شيء كان ومهما كان وكيفما يكون بإستثناء مراسيم عاشوراء وثورة الإمام الحسين عليه السلام وواقعة الطف.
مناسبة مضى على احيائها قرابة الـ1400 عام. مئات السنين مرت وستمر والحسين عليه السلام حقيقة نعيشها ووجدان نحسه ونبراس يهتدى به وشعار وراية وثورة وليس ذكرى كأي ذكرى او مناسبة كأي مناسبة.
لو نظرنا اليوم وتتبعنا مساحة احياء ذكرى مصيبة كربلاء فإننا نرى راية الحسين عليه السلام خفاقة عالية في القارات الخمس وبكل اللغات وعند كل الأمم ولا يمكن ان نجرد ذلك من بديهة الإرادة الإلهية التي شائت ان تجعل منها مصداقا للشعار الخالد والذي يؤرق الطواغيت واعداء الحق والجبابرة (كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء).
لا نأتي بجديد إذا ما قلنا إن العطاء الحسيني تجاوز أُفقه كل الكرامات وما تحتمل العقول وتتوقع الأبصار فكل من نصب العداء له ولمحبيه ومن شايعه آل مصيره الى الذل والخزي في الدنيا والعذاب وبئس المصير في الآخرة إنطلاقا من العهد الأموي المنحرف الضال وقصاص السماء من اللعين يزيد الذي تقطعت اوصاله فوق فرسه في الصحراء ولا قبر ولا ذكرى ومرورا بالحقبة العباسة وانتهاء بعبد السلام عارف الذي وعد المرجعية بإنه سيذهب للبصرة ويعود ليمنع كل ذكر للحسين فأحترقت طائرته هناك وقالوا عنه (صعد لحم نزل فحم) ومن ثم جرذ الحفرة المقبور صدام وقبله صهره حسين كامل الذي خاطب الإمام الحسين بقوله (انا حسين وانت حسين وسنرى من ينتصر) حيث كانت خاتمتهم الذل والهوان والإحتقار.
اليوم صرنا الأحوج والأفرض والأوجب ان ننقل حبنا للحسين وما نحسه به في وجداننا للحسين ودموعنا للحسين وحزننا على الحسين عليه السلام وزيارتنا له الى معطيات ترسم واقع مفردات العمل في حياتنا التي تتلاطمها امواج الصراع والخلاف والإختلاف.
نعم لا يجوز ولا يصح ولا يمكن ان يكون شعارنا هيهات منا الذلّة ونحن نركن لذل الفاسدين واللصوص ونكون رهن إرادة اعداء الحق وأنصار الباطل. لا يمكن لنا ان نحب الحسين عليه السلام ونعادي من اعطى دمه ثمنا لتحرير الأرض وحفظ العرض ابطال الفتوى الحسينية الخالدة للمرجعية الدينية العليا. لا يمكن ولا يجوز ولا يصح أن نحب الحسين ونبكي عليه ونحن لا نصلي او نكذب اولا نكون القدوة والمثال في النظام والنظافة والصبر والتحدي.
أملنا كبير بأولادنا من الشباب الذين أخذتهم فوضى الزمن الرديء وتسايروا مع ما يخطط ويريد اعداء الحسين ان يكون محرم الحرام فرصة للعودة والصحوة والإنتفاض ليكونوا اشبالا حسينيين بإمتياز.
أخيرا وليس آخرا أذكر لكم ما عشته في واحدة من كرامات حسينية حيثت تعرضت في العام 1996 الى جرح في قدمي الأيمان بين ابهامي والخنصر ولإنني مصاب بالسكري التهبت قدمي حتى فاحت رائحتها وبعد أيام قرر الطبيب ان يقطع القدم من فوق الأصابع وتم احالتي لغرفة العمليات فخرجت على مسؤوليتي ولم اجري العملية وتوجهت الى بيت صديقي قاسم في الكاظمية واسترحت عنده وكنا نستمع الى محاضرة للدكتور أحمد الوائلي من إذاعة طهران حيث كان الشيخ الوائلي يتحدث عن مسيرة السبايا وكيف إن الرمح الذي يحمل رأس الحسين عليه السلام توقف ولم يستطيعوا تحريكه وعندما أخبروا الإمام علي السجاد عليه السلام قال لهم دققوا في الأطفال اليتامى فبحثوا فلم يجدوا الطفلة خولة وقد تاهت بعيدا عن القافلة فنظروا الى الجهة التي تنظر اليها عيني الحسين عليه السلام فوجدوا الطفلة هناك واعادوها.
هذا المقطع من مسيرة السبايا ابكاني بحرقة وانهالت دموعي حتى مسحت عيناي بأصابعي ومن ثم مسحت اصابع قدمي بالدمع وغفوت دقائق معدودة فصحوت لأتفاجئ بأن قدمي سليمة ولله الحمد وكأن شيئا لم يكن ببركات ابي عبد الحسين عليه السلام. السلام عليك سيدي ومولاي ابا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وماجعله آخر العهد مني ورحمة الله وبركاته.