- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العتبات في كربلاء المقدسة خدمات وتحدي الأزمات
بقلم: ابراهيم حبيب
لا يُمكن لأي صحفي أن يشرع بكتابة موضوع من دون قراءته أو معايشته ودراسته، وهذا أمر بيَن وواضح جليٌ، غير أنّ الاستهلال بكتابة مقدمة مقتضبة أغطي فيها عنواني الآنف الذكر إنه لأمر صعب.
ولأن دور الصحافة هو نقل الأحداث وصناعة الأخبار بموضوعية دون تعاطف مع جهة على حساب الموضوع سأكون موضعي في طرحي.
منذ أنين محراب الكوفة ولتناثر كربلاء أشلاء، مروراً بالحجاج وصولا لحكم الجلاد لم تحظى العتبات المقدسة بدور بارز، بل كانت أجهزة الحكومات المتعاقبة تترقب عن كثب وتضيق الخناق عليها وعلى الزائرين القاصدين الأئمة المعصومين عليهم السلام، وما أن سقط نظام الحكم البائد، حظيت العتبات المقدسة بالإدارة والحكم الرشيد فرفع الباطل ووضع الحق.
وبعد بزوغ شمس الحرية وتحطم قيود الظلم والطغيان، رسمت العتبة الحسينية المقدسة شفقها على سماء العراق، حيث تصدت عبر منبرها الذي ينطق عن لسان المرجعية مختلف التهديدات الوجودية التي تواجه العراق وشعبه وعلى مختلف الأصعدة، وأصبحت ملاذ يقصدها الزائرين بكل حرية، ويصغي لها العالم بأسره، وأسست ودعمت الأمن وزرعت الاستقرار برسائلها المعتدلة وتوجيهاتها الحكيمة، وبسطت يدها لخدمة الزائرين واليد الأخرى إنسانية تدافع عن المواطنين وتخدمهم.
فطوال سنوات الحرب مع داعش التي هب خلالها رجال المرجعية والفتوى كانت العتبات المقدسة داعمة للمجاهدين تشد أزرهم وتوفر للنازحين أجواء ومستلزمات الحياة، كما أنشأت المراكز الصحية والتعليمية والكثير من المرافق التي تقدم خدمات متميزة في القطاعات المتنوعة، ففي المجال الصحي باتت تمتلك مستشفيات كبيرة جدًا تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة، وبشهادة أطباء الاختصاص.
جائحة كورونا وتصدي العتبات
ما إن اجتاحت كورونا العالم ودق ناقوس الخطر المحدق بالعراق استهلت العتبات مشوار آخر يضاف إلى رصيد عطائها الحافل ومدت يد العون والمساعدة وبعثت رسائل اطمئنان عبر خدمتها وسرعة إنجازاتها القصوى بأشكال فنية وهندسية فريدة تضاهي نتاج دول متطورة تتفوق بإمكانيتها، فخلال أسبوع واحد جهزت العتبة الحسينية مستشفى ميداني متكامل، وأنشئت مستشفى للعناية والطوارئ داخل مدينة كربلاء مجهز بأحدث الأجهزة الطبية، ولم تتوقف بل قامت بتنفيذ مركز الشفاء في النجف الأشرف، وتخطط الآن لإنشاء 5 مراكز جديدة متخصصة دعمًا لعلاج مصابي فيروس كورونا في محافظات عراقية مختلفة.
ومذ بداية الأزمة شرعت بصناعة الكمامات، والأقنعة، وبدلات الوقاية، كما وضعت مدن الزائرين الخاصة بها تحت تصرف وزارة الصحة، لدعم جهودها في تقديم الخدمات الطبية، ولاستخدامها للحجر الصحي، فضلاً عن توفير جميع المستلزمات الوقائية وغيرها من إجراءات العناية المطلوبة للمصابين بفيروس كورونا وعوائلهم، فضلاً عن تقديم سلات غذائية لدعم الفقراء والمتعففين في كربلاء ومختلف محافظات العراق، إضافة إلى حملات التعفير والتعقيم.
وعلى نفس الوتيرة والهمة سجلت العتبة العباسية المقدسة أسرعُ إنجازٍ لمُنشأٍ طبّي في العراق خلال (١٥) يومًا ردهةُ الحياة الثانية التي لحقت بمدينة الإمام الحسين الطبية وتشيد بناية ردهة الحياة الثالثة في مستشفى الهنديّة العام، وافتتاحُ ردهة العزل والإنعاش للمصابين بكورونا في محافظة النجف الأشرف.
وفي الختام أقول العتبات المقدسة صنعت بجهودها وإمكاناتها البسيطة مشاريع وأعمال ستبقى نبراسًا خالدًا للعراق وشعبه.
ولولاها من الذي يدفع بعجلة العراق إلى الأمام؟!