بقلم: د. أحمد الصحاف - المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية
لكلّ عمل رسالة. ورسالتنا الإعلاميّة كانت لتقديم مُحتوى يُروِّج لأداء وزارة الخارجيّة، وخطابها الوطنيّ المُتوازن على المُستوى الإقليميّ، والدوليّ، وينقل صورة مُؤسّسة الدبلوماسيّة الناصعة المُشرِقة وهي تعمل باتجاه تحقيق مصالح البلاد، ومُواجَهة المخاطر التي تتعرض لها.
وليس بجديد أنّ كلّ نشاط ينبغي أن يتوافر على مُقوّمات تحكي حياته الداخليّة، وتُوضّح حركته، وما يعتمل فيها من عوامل سواء أكانت فاعلة أم لا.
ينطبق هذا على المكتب الإعلاميّ الذي تسلّمتُ إدارته في 2019/1/14 عندما كانت موارده البشريّة ضمن عدد من الموظفين كنا نعتقد أنه أكثر مما يضطلع به من مهام، وقد هيكلنا هذه الموارد، واكتفينا في العمل بالحدّ الأدنى مع توزيع المهامّ حسب المهارات والقابليّات، وإشاعة ثقافة الفريق الواحد المُنسجِم، واعتمدنا النمط الأفقيّ في العمل، وكان من أبرز عوامل ما تحقّق على أرض الواقع الإعلاميّ هو رفع مُعدّل الاستجابة لإيقاع العمل بنحو 24/24.
الفريق الإعلاميّ الموجود حاليّاً في المكتب الإعلاميّ تبانوا على الانطلاقة والارتقاء مهما كان مُناخ العمل، وأجمعوا على التكيُّف مع الظروف للإبقاء على فرادة المُحتوى، وصدقيّته.
أوجدنا سياسة تحريريّة جديدة للأخبار، والمواقف، والبيانات، والتواصُل مع جميع وسائل الإعلام والإعلاميّين، وإشادة أفضل العلاقات معهم، وتحرّينا إيجاد شراكة حقيقـيّة في رسالتنا الإعلاميّة؛ كما رفعنا مُعدّلات استقطاب الإعلاميّين الأجانب لزيارة العراق، والتعرُّف إلى قصص نجاحه، والاطلاع على تجربته الديمقراطيّة، وعمل مُؤسَّساته، وقواه الاجتماعيّة عبر تيسير منح سمات الدخول للأجانب من الإعلاميّين.
على مُستوى الإعراب عن مواقف الوزارة، وتبيانها فقد حافظنا على ظُهُور مُعتدِل للمُتحدّث، وبخطاب مُتوازن، وصدقيّة في الاستجابة للرسائل، والمُناشَدات التي تردنا من العراقيين، ولم نكن صدى لأيّ انفعال، أو تصعيد في أيّ حدث مرَّ به العراق، بل كنا ركن الثقة، وخطاب التوازن.
اعتمدنا الأسلوب الدعائيّ الترويجيّ عبر التركيز على أهمّ معالم السياسة الخارجيّة، ونحتها في خطابنا اليوميّ، ومنها: شراكات العراق المُتعدِّدة ضمن الدوائر الاقتصاديّة المُتنوِّعة.
أدّت مساحة الخطاب الإعلاميّ دوراً مُعتدِلاً أظهرت سياستنا الخارجيّة التي تنبذ التمحور، أو أن تكون طرفاً في مُعادَلات صراعيّة، وركّزنا على أدوارنا الدبلوماسيّة والمهنيّة من دون أن نكون استجابة للشائعات، أو الأخبار الكاذبة، أو ما يُروَّج ليكون هدفاً في إشغال الرأي العامّ.
فعّلنا قسم الإنتاج الفنّي، وكان جديراً بإصداراته الفيديويّة، والإنفوكرافك التي فاق عددها الـ700 قطعة إنفو، وأكثر من 150 مقطعاً فيديويّاً، و٤ أفلام وثائقيّة، وكانت تُروَّج في حساباتنا الرسميّة، وحسابات بعثاتنا.
تبنينا منهج سمّيناه: (نحو خطاب رقميّ)، وقمنا بتوظيف مواقع وتطبيقات التواصُل الاجتماعيّ كوسائل لنقل مضامين الخطاب الدبلوماسيّ العراقيّ، وقد اجتذبت الانتباه، ووصلت إلى مساحة كبيرة من المتلقين.
كما أنّه قد مثـَّل عنصراً فعّالاً في تنشيط المُبادَلات المعلوماتيّة فيما يخصُّ نشاط البعثات الدبلوماسيّة العراقيّة، وشُؤُون الجالية.
ارتفاع منسوب النجاح الذي تحقق باعتماد الإعلام الرقميّ جعلنا نُعمِّم هذه التجربة على جميع بعثاتنا؛ لرفع مُعدّلات الإطلالة على الجالية؛ فأنشأت حسابات رقميّة: (فيس بوك، وتويتر، وتلغرام، وإستغرام)، بل حذت حذونا عدد من المُؤسَّسات الحُكُوميّة، واقتفت تجربتنا، وقدَّمنا لها الدعم في إنتاج الإنفوكرافك، والأفلام الوثائقيّة، وترجمة التغريدات الإعلاميّة إلى اللغة الكرديّة.
ولأهمّية الرصد الإعلاميّ، وضرورة التعرّف إلى ما يتناوله، أو يتداوله الرأي العامّ الشعبيّ والإقليميّ والدوليّ إزاء العراق، أو مُستجدّات الأوضاع السياسيّة في العالم طوَّرنا شعبة الرصد والتحليل، وقمنا بإعداد نقاط الحديث لقيادة الوزارة، والسادة السفراء في حال طُلِبَ منا ذلك.
ولم يغِب المُنتج الإعلاميّ الورقيّ عن مجال عملنا، فعمدنا إلى إصدار المُدوّنة الصحفيّة التي تُوثّق لجميع نشاطات الوزارة، ومضامين نشاطها السياسيّ، وقد استغرقت وقتاً لإنتاجها (4) أشهر، وإصدار التقرير السنوي لإنجازات الوزارة رغم ضعف الإمكانات المادّية، والفنّية.
حقّق المُتحدّث الرسميّ ظُهُوراً إعلاميّاً مُتنوِّعاً سواء عبر اللقاءات التلفزيونيّة، أم الاتصالات الهاتفيّة، أم التصريحات، والبيانات. وكان عددها (231) أعرب فيها عن مواقف حسّاسة ومُهِمّة تعرّض لها العراق سواء أكانت سياسيّة، أم أمنيّة، أم عسكريّة، أم دوليّة.
فتحنا خطوط تواصُل مع المُواطِنين، وأجبنا عن استفساراتهم، وتابعنا العديد من المعاملات الخاصة بهم سواء أكانوا من داخل العراق، أم من الجالية الكريمة.
كان اجتياح فيروس كورونا اختباراً لقدراتنا، ومهاراتنا في إدارة المهامّ، وأداء التكاليف التي يضطلع بها المكتب الإعلامي، وقد حققنا فيه نجاحاً لافتاً.
فقمنا بتشغيل أدواتنا بالطاقة القصوى بدءاً من الظهور الإعلاميّ للمُتحدّث الرسميّ، وتبيان الموقف الوبائيّ للجالية العراقيّة الكريمة، وتلقّي المناشدات منهم بشأن إعادة العالقين، والتواصل معهم للاستجابة لمُتطلّباتهم، ونشر الأخبار.
ختاماً، لقد عملتُ ومعي فريق إعلاميّ مهنيّ كفوء واصَلنا الليل بالنهار، وكنا نُدرك أنّ التميّز في تحقيق المُحتوى الإعلاميّ ينبغي أن يتوافر على مُوظفين استثنائيّين يعملون بدأب على تتبّع المعلومة، وتقديمها في مُحتوى يُحاكي ثقافة العصر، والتطور التقنيّ المعلوماتيّ.
وهذا هو -حقاً- حال الكوادر الإعلاميّة الموجودة في المكتب الإعلاميّ التي ما حالت ظروف انتشار الجائحة دون التواصل، والعمل من منازلهم.
وعلى الرغم من صِغَر هذا المقطع من حيث الزمن إلا أنّنا شهد لنا المُنصِفون بأنّ حجم المُنتَج والمُحتوى الإعلاميّ قد فاق هذا الزمن القصير.
أقرأ ايضاً
- الإعداد الروحي.. التعبئة الروحية وكيفية اكتسابها - الجزء الاول
- ماذا قالت المرجعية وكيف فهمناها ومن حرف معانيها؟
- لماذا ننتظر؟ وكيف؟