- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الإفلاس الإعلامي بين الإستملاك والإستهلاك..الجزء الثاني
حسن كاظم الفتال
جاهزية الإستيعاب والاستقطاب
وبذلك نأى الإعلام كرسالة توعوية حية عن المنظومة الحرفية والمهنية وغادرته صيغ الخطاب الموضوعي المنهجي المتزن الجاد والواعي.وانهكه التعثر والتلكؤ في أداء دوره التوعوي التثقيفي.
ثمة مؤسسات إعلامية أنشئت على قواعد ومرتكزات متينة رصينة وأدت الرسالة الإعلامية الإنسانية المبدئية وحتى الدينية العقائدية وإن كانت لا تخلو من بعض التعثر أو التلكؤ مما يكاد أن لا يشكل أثرا بالغا فهي رغم ذلك أدت دورا لا يمكن أن يغفل ذكره السجل الإعلامي.
وأما الصورة المغايرة فقد كونتها بعض المؤسسات دون قصد للإضرار أو لتشويه الصورة إنما جاءت بسبب التسرع والعجلة في وضع الآلية للتأسيس وهيكلية الإنشاء ورسم الإستراتيجية وارتكزت على أسس هشة غير رصينة.
ومسؤولية التردي أو الإنهيار شبه التام لهذا الواقع يعتلي وزره عواتق جهات كثيرة إنما جله يعلق بعاتق أصحاب القرار في اختيار عناصر دون تنقية أو تزكية عند تنصيبها وتسليمها مواقع القيادة بما ينطبق على العملية من وصف (غير المناسب في المكان المناسب) وغير المناسب هذا مُنِحَ كامل الصلاحيات التي تتيح له أن يصول ويجول في الميدان دون حسيب ورقيب.
إتكأت أضلاعهم بشدة على مساند كراسي الإدارات فغدوا متكئين عليها وكأنها إلتصقت بهم إلتصاقاً.
أما رغبتهم الجامحة لديمومة البقاء واستمرار التحكم بمصير من يحلو لهم أن يتحكموا لما لا نهاية. كل ذلك جذبهم لتزيين مكاتبهم بأزهى وأحدث الديكورات والزركشة والتزويق والأثاث الفاخر.
وغادرت أذهانهم ضرورةُ تزيين العقل واعتصار الفكر وتنقية وتنزيه الأذهان وتغذية الألباب بسلامة الأفكار وتخليصها من شوائب الإنحراف.
وأنساهم شيطان زهوهم وكبريائهم وتوهمهم ذكر من سبقهم من الأسلاف الذين أطاح بهم التجبر والإستبداد بالرأي وعدم قبول الرأي الآخر حين تسلموا ما لم يكن يتراءى لهم يوما بأحلامهم من مناصب لم يكونوا أهلا لها ولا أهلا للمرور عليها أو مشاهدتها.فما من متعظٍ ولا من محتسب.
خدعتهم أو غرتهم غفلة وتهاون وسكوت من ولاهم وأقعدهم على تلك الكراسي ولم يرعوا ولم يرتدعوا ولم يتورعوا بل ألهاهم التطاول والتمادي في إصدار القرارات الإرتجالية والإجتهادية الجاهزة الفورية غير المدروسة وغير الناضجة في معظم الحالات توهماً منهم بان قراراتهم هذه تصب في بوتقة التطوير الإعلامي بيد أنهم عكس ذلك تماما إنصهروا في غفلتهم وأسْرَت بهم تلك الغفلة إلى أعالي عالم العتمة والضبابية وهَمّوا يراودون جمال إشراقة صورة الإعلام ونصاعتها ليدخلوه دهاليز المتاهات وتشويه صورته الناصعة حين بادروا بعزل وإقصاء من لا تروق له أمزجتهم ودُنُوِ من تتطابق أهواؤه مع أهوائهم بعيدا عن المصداقية والخلوص ويستجيب لرغباتهم ومن يقدم خالص الولاء بطاعة عمياء.
سندان الاستمكان القسري ومطرقة التغييب الفكري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتحولت صيغة الإدارة إلى عملية استملاك دون وجه حق وهم أدرى بما يعانون من الافتقار للنضوج الفكري والإحتياج للقدرة على تأدية العمل الإعلامي الفني واضمحلال الوعي ونضوب الثقافة والفراغ الفكري.
هذه التراكمات التي مؤداها الخسران المبين خلقت لدى قسمٍ من مديري بعض المؤسسات الإعلامية هواجس ووسوسات وتوجسا عميقا من وجود المخضرمين وأصحاب الخبرة بينهم ممن لم يُمنحوا الفرص لنيل الإستحقاق مما وَلَّد لدى هؤلاء المسؤولين شعورا وإحساسا بان أصحاب الخبرة لابد من إقصائهم وتغييبهم كي لا تدور بخلدهم أو تجول بخواطرهم فكرة أنهم أحق وأولى بإشغالهم للمواقع التي شغلها هؤلاء وما وجود أصحاب الخبرة والمخضرمين إلا حجرة عثرة أو عامل خطر عليهم لأنهم سينافسونهم بإبراز الخبرات والطاقات والمواهب والقدرات الحقيقية وخشية من أن يسعوا إلى كشف تعثراتهم وتبيان تلكؤاتهم والتجاهر بتوجيه النقد لهم وقد يسبب ذلك الإطاحة بهم أو سلب المناصب منهم أو اختطافها مما دعاهم أن يتفننوا باستخدام الوسائل لإبعاد أصحاب الخبرة وكبار السن وإزاحتهم عن طريقهم وركل كل من يتوجسون منه ضررا لتخلو لهم الأجواء وليتمتعوا بصفائها وفعلا استمكنوا من ذلك.
وبعد أن استمكنوا من أن يجثموا على جيد الإعلام النقي الزاهي ابتكروا أو افتعلوا شبهةً أَلِفَها أتباعهم أو مؤيدوهم أو حتى المرادفون لهم ممن غرروا بهم وروجوا لهذه الشبهة وأصروا كثيرا بالانحياز لها والتعاطي مع ظاهرها وهي تستبطن غير ما معلن لم يتفحصوا في مكنونها ولم يضعوا في الحسبان ما ستنتج أو ما ستؤول إليه وهل تنسجم مع ما تتطلبه الاستراتيجية الإعلامية المستقبلية أم لا ؟
الشبهة هي مقترح زج الطاقات الشبابية بل وترك الأبواب مشرعة على مصاريعها لولوجهم الوسط الإعلامي ومنحهم كل الصلاحيات في إدارة الماكنة الإعلامية.
وهم بفعلهم هذا لعلهم يظهرون غير ما يضمرون إذ ليس هدفهم الأسمى تطوير وتنمية الطاقات والقدرات الشبابية الخلاقة إنما جعْلُ هؤلاء أداةً لتمرير مآربهم ويتسنى لهم سوقهم إلى حيث يبتغون هم لا حيث تتطلب الرسالة الإنسانية أو الشباب أنفسهم
إلى اللقاء في الجزء الثالث
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الثاني والاخير
- الخطأ الثاني لمسعود البارزاني