بقلم: حمزة مصطفى
لايوجد في الدستور شئ إسمه "الكتلة الأكبر" نقطة رأس السطر.
العبارة الدستورية في المادة 76 تقول "الكتلة النيابية الأكثر عددا".
لست في معرض الدخول في تفاصيلها الدستورية أو الإجرائية وهل تم الإلتزام بها أم لم يتم؟ ولماذا لم يتم إذا لم يتم؟ وهل تم سابقا الإلتزام بها أم لا؟ أسئلة عديدة بعضها جرى الحديث عنها طويلا وبعضها لاتزال قابلة للأخذ والرد طالما لم يجر التوصل الى حلول مقنعة لها بحيث تحولت الكتلة الأكبر الى جنجلوتية لها أول وليس لها آخر؟
السبب المباشر في ذلك يعود في تقديري ليس الى الدستور بحد ذاته على مافيه من مشاكل والغام بل يعود الى الإرادة السياسية الغائبة في كيفية التعامل مع مخرجات الدستور.
لهذا السبب فإن ما نواجهه دائما هو القاء اللوم على الدستور. فنحن عند كل أزمة تواجهنا نقول لنذهب الى الدستور نحتكم اليه. هذا يعني إننا مقتنعون أن الدستور يمثل حلا بوصفه عقدا إجتماعيا جامعا مانعا بيننا. وهذا يعني إننا إرتضينا به حكما. كما إرتضينا في الوقت نفسه الذهاب الى المحكمة الإتحادية عند وجود خلاف دستوري بيننا.
قبل أن أجئ الى التفسير الملتبس للمحكمة الإتحادية لمفهوم الكتلة النيابية الأكثر عددا في إنتخابات 2010 أقول أن ذهابنا الى الدستور للإحتكام كثيرا مايمثل نوعا من الهرب الى الأمام. أو محاولة البحث عن ثغرة في هذا الدستور ننفذ منها لكي نحصل على مكسب لصالحنا.
لكننا في غالب الأحيان نصدم بمجموعة من العقبات الدستورية. ففي كثير من الأحيان الدستور لايسعفنا في إيجاد حل لما نعاني منه على صعيد الخلافات سواء كانت هذه الخلافات بين الكتل والمكونات أو بين المركز وإقليم كردستان أو بين المركز والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
فالدستور إما ناقص لجهة البعد القانوني كون الكثير من مواده لم يجري تنظيمها بقانون مثلما ينص الدستور أو أن الدستور سكت عن الكثير مما نريد إستنطاقه به.
ولكون هذه إشكالية بحد ذاتها وتبدو في غاية الصعوبة لجهة عدم إيجاد حل مرضي ومقنع لها, فإن كل الذي عملناه طوال السنوات الـستة عشر الماضية هي أننا إكتفينا بترحيل مشاكلنا الى ظروف أفضل.
كان هذا في الواقع مجرد رهان فاشل الهدف منه هو إرجاء الحلول والبناء بشكل مغلوط تراكميا حتى وصلنا الى اللحظة الفارقة التي مثها الحراك الشعبي بعد الأول من تشرين الأول الماضي. فنحن الآن نعاني من إشكالية واحدة من إشكاليات عديدة في الدستور هي الكتلة الأكبر التي كلما لم نجد لها حلا نعمل على ترحيلها سنة بعد أخرى ودورة برلمانية بعد أخرى.
فالعام الماضي مثلا حين لم يتمكن تحالفا البناء والإصلاح من تسمية أحدهما الكتلة الأكبر تم إختيار حكومة السيد عادل عبد المهدي توافقيا تم على إثرها إطلاق مصطلح "العراق أكبر من الكتلة الأكبر".
إذن إرتضينا أن نتجاوز الدستور بإسم العراق وحصل بعد سنة ماحصل وهو مانعيشه الآن. واليوم حيث فشل الجميع في تسمية الكتلة الأكبر يجري الآن تسويق مصطلح وهو "الشعب أكبر من الكتلة الأكبر".
هذا صحيح طبعا كمفهوم عام لكن الشعب كونه مصدر السلطات فوض سلطاته الى ممثليه في البرلمان. والمحصلة أن هؤلاء الممثلين يتبادلون الكرات فيما بينهم مرة بإسم العراق ومرة بإسم الشعب وكل المرات بإسم.. مصالهم الخاصة.