حسن كاظم الفتال
الليل أيقظَ روعتي برقادي ** فتلا تعاويذ الأمانِ فؤادي
كاد الضباب يريب صبح المرتجى ** ليلمَّ أشتاتاً من الأنكاد
خَلَدي اعتراه توقدٌ لتنبؤي ** فغدا يخطُ السفرَ دون مدادِ
لكن نشوةَ مهجتي أزفت أسى ** لتحيط باستأثارها إنشادي
وسما التطير أبرقت برعودها ** وانداح خوفٌ في صدى الإرعادِ
العين إن تغفو ستوخُزها الرؤى ** والجَفن قد هجر الكرى بعنادِ
سفنٌ تجاذبُها رياحُ تجبرٍ **وإلى الجوار المنشآت تعادي
شبحٌ يرشُ على المآذن غُصةً ** وتلاوةٌ صُلِبَت على الأشهاد
نغمٌ إلهيُ اللحونِ يزفُه ** عرسُ الزنابقِ من شذا الأورادِ
نعت الليالي ضوءَها وتمردت ** هل يُسكِتُ الناعي حنينَ الشادي
ألوي مسافاتِ النحيب فتغتدي ** كلُ الرغابِ مطيعةً لودادي
وغرست آمالاً برحب سجيتي ** شغفا ولكن ما استفاق حصادي
يجتاح عطرُ الطلع فجرَ تأملي ** ما بلل الفجرُ الذبيحُ مرادي
قد كدرت حلم الزنابق شوكةٌ ** وخزت وروداً أنعمت برقادِ
نزفت رحيق شهادةٍ تدلي بها ** لجنان فردوسٍ بلا ميعادِ
نم يا شهيد على أكف ملائك ** لا فوق تابوتٍ ولا أعوادِ
يا أيها البدرُ المودعُ صبحَه ** يا شهقةَ الريحانِ في الإسعادِ
يبست (دللول) المساء بغنوةٍ ** تنثالُ بين المفتدى والفادي
فارقد على شوقِ الأرائك هانئا ً **في روضةِ مُدت إلى العُبّادِ
نم حيث شئت لتستريح بنومةٍ ** وأنا أطلقُ بالثلاث وسادي
إشمخْ فقد صلى لك الزمنُ الذي ** بدمٍ يخطُ شهادةَ الميلادِ
فخر الشهادة رحتَ تكسو بها الإبا ** ولأنت وارِثَه من الأجدادِ
سرْ في بهائك فالعيون تكحلت ** وانسج لوجه الصبح ِ ثوبَ حداد
واشهق بسارية النعيم مخلداً ** وافقأ بخلدك أعينَ الحسادِ
صاحت فراشات الجنانِ تبشراً **(رضوان) قد قدم العريس ينادي
كلَّ الملائك بل ونادى صفوةً ** يخضَّرُ من دمها يبابُ الوادي
أثلجت صدرَ الحور إذ لاقيتَها ** خلَّفتَ طعناً غُلَّ في الأكبادِ
وتركت أماً يعتريها ذعرُها ** فتزودت بالصبرِ خيرَ الزادِ
وتجيبها إذا أذهلتها جارةٌ ** ولدي مضى يلهو مع الأولادِ
يا شحرجات الأمهات تنغمي ** لحناً يئز مسامع الأنداد
ولَوَجنَةٌ سجدت عليها دمعةٌ ** كالقطر حين يروي قحل الوادي
لِم يا زمان الغمِ تطرقُ بابنا ** دوما وتخطف صبية بعناد
استودع اللهم حصنَك موطني ** مالي سواك الحصنُ من أضدادي
ماذا سأكتبُ والمواجعُ جمرةٌ ** تكوي فؤادي والدموع مدادي
لغة القصائد لا سرت إن لم تكن ** وقفاً على الشهداءِ والأمجادِ