- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ما هي الآثار القانونية للاحتلال؟
بقلم: الدكتور حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
الاحتلال الناشئ عن الحرب لا يؤدي إلى نقل السيادة على الإقليم المحتل, ويعد ذلك من المبادئ الأساسية المسلم بها في القانون الدولي العام.ويترتب على ذلك انه بالرغم من قيام حالة الاحتلال فان السلطات الشرعية تبقى من الناحية القانونية محتفظة بحق مباشرة جميع الاختصاصات وهي, الاختصاص التشريعي, حيث لا يؤدي إلى إلغاء القوانين التي كانت سارية قبل الاحتلال بل تبقى هذه القوانين نافذة بالرغم من الاحتلال الأجنبي المترتب على الحرب.ويبقى للسلطات الإقليمية اختصاصها الإداري أيضا وبالمثل اختصاصها القضائي.حيث تبقى المحاكم الوطنية تباشر وظيفة القضاء و الفصل في الخصومات التي تعرض عليها, متبعة في ذلك الإجراءات التي درجت على إتباعها قبل الاحتلال.
كما تؤدي الحرب عادة إلى فرض رقابة سلطات الاحتلال على السلطات العامة الوطنية في الدولة المحتلة، وقد تقوم سلطات الاحتلال بمباشرة هذه الاختصاصات كلها أو بعضها أو فرض قيود على مباشرتها، ولكن ألا يتجاوز ذلك القدر اللازم لتامين قوات الاحتلال والا كانت مخالفة لقواعد القانون الدولي. ويترك لسلطات الاحتلال تحديد القيود التي تفرضها على مباشرة السلطات الوطنية لاختصاصاتها التي تراها لازمة لتامين سلامة قوات الاحتلال.
ويجب أن يكون غرض سلطات الاحتلال من فرض القيود السابقة هو حفظ الأمن العام وتحقيق سلامة جيوشها. وعليها ان تحصل الضرائب طبقا للقوانين المعمول بها، وان ترعى الأموال العامة، وألا تقوم بتبديدها.
ولا تملك سلطات الاحتلال مصادرة الأموال الخاصة، بل تلتزم باحترامها وبعدم الأضرار بها أو إتلافها. وتملك سلطات الاحتلال الاستيلاء على ما يلزم لأفراد قواتها، ولكن بشرط أن تدفع تعويضا عادلا مقابل ذلك. وبالرغم من أن المحاكم الوطنية تباشر وظيفة القضاء طبقا للقانون الوطني، إلا انه يجوز لقوات الاحتلال إنشاء محاكم خاصة تختص بالفصل في الأعمال التي ترتكب ضد سلامة أفراد قواتها. ولكن كثيرا ما تعتدي سلطات الاحتلال على الاختصاص القضائي للمحاكم الوطنية. وعلى أثر ما صاحب الحرب العالمية الثانية من إساءة سلطات الاحتلال لحقها في فرض القيوم على مباشرة السلطات الوطنية لاختصاصاتها، خصوصا عدم احترام حقوق المدنيين، تم في جنيف بتاريخ 12/8/1949م إبرام الاتفاق الدولي الخاص بحماية المدنيين أثناء الحرب، وهذه الحماية تقوم على فكرتين:
الحد من اختصاصات سلطات الاحتلال لضمان حقوق المدنيين: ومن ذلك تحريم حجز الرهائن. والنهى عن نقل وتهجير الأهالي كرها عنهم وتحريم الجزاءات الجماعية، والانتقام، والتعذيب والاعتداء على كرامة الإنسان والإعدام، والتفرقة في المعاملة بين السكان على أساس من الجنس أو الأصل أو الدين أو الرأي السياسي، وفرض العمل الإجباري على من تقل سنة عن ثمان عشرة سنة، وعدم جواز الحكم بالإعدام إلا في حالات ضيقة حددها الاتفاق، وبشرط إلا ينفذ حكم الإعدام إلا بعد مرور 9 شهور من إعلانه إلى الدولة التي تقوم برعاية المدنيين.
ولكن نلاحظ أن إسرائيل لم تحترم اتفاقية جنيف السابقة في معاملتها لسكان المناطق التي احتلتها بعد حرب الخامس من حزيران 1967, واستمرت في الإجراءات التعسفية ضد المدنيين في الأراضي المحتلة، وتدنيس المقدسات المسيحية والإسلامية والاعتداء على حرمتها، وتدمير المنزل، ومصادرة الممتلكات.. الخ.