حسن كاظم الفتال
الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) ـ الأعراف / 79
من أجل أن أمهد أو أقترب من صيغة تسليط الضوء على الموضوع وأتوفر على آلية مناسبة أقدح زند الإفتتاح بشرارة صغيرة تشير بشدة إلى حقيقتين ثابتتين وهما:
أولا: الإنسان كائن حي يمتلك مقومات وخصائص وهواجس وقد تعتريه نزعات تغرس فيه ويُجبَلُ على مطاوعتها أو التطبع بها أحيانا.
فليس كلُ شيء بخياره مثلما لم يكن مجبولا على كل الأشياء.
تكوِّن كيانَه النزعات والرغبات وكلما تقدم الإنسان بالعمر إزداد دراية ومعرفة وتوسع مدى ذهنيته وتبلورت أفكاره ثم يكتسب خبرة وكلما ازداد خبرة ازداد نضجاً وأتقن كيفية حسن التعامل مع الأشياء.
وليس بالضرورة أن يُشترط مدى النضج بمستوى الكبر أو الصغر بالسن فلا تقدم العمر مقياسا ملازما للنضج ولا صغر السن برهانا لتدنيه. إنما هنالك تراكمات من التجارب التي تولدها الوقائع والممارسات هي التي تتحكم أحيانا بتدني وعلو المراتب للنضج
ثانياً: لما تعذر على الإنسان بلوغ درجة العصمة أو الكمال فقد حق أن يوصف بالخطّاء وهو لاشك خطاء.
وهذه الحقيقة أشار لها القرآن الكريم بإشارات عديدة وواضحة حيث ورد في الآية الكريمة في سورة يوسف: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ). وألحق النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله قولَه: (إن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)
وسوق هذا الحديث الشريف خير لحاظ أو مصداق لإثبات احتياج الإنسان إلى توجيه وتقييم وتقويم وتدارك الضعف. وتلبية هذه الحاجة تتم من خلال سريان النصيحة والإرشاد والتوجيه الذي يأخذ منحى التنبيه والتذكير والتوجيه أو الإرشاد أو ما يُطلِقُ عليه بعضُنا سمة الإنتقاد ويقسمه على قسمين: بنّاء وهدام.
إلى اللقاء في الجزء الثاني