- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الفتح - سائرون: تحالف الضرورة
بقلم: مازن الزيدي
بعد اكثر من ثلاثة اشهر على تولي عبدالمهدي لمهامه وسط غموض دستوري وغياب واضح للكتلة الاكثر عددا، حمل الاسبوعان الماضيان انباء لاتفاق هو الأهم الذي تشهده الساحة السياسية منذ نهاية الانتخابات البرلمانية الاخيرة.
فقد فاجأت التفاهمات السريعة التي ابرمها كل من تحالفي الفتح بقيادة بدر وسائرون بقيادة الصدر، الاوساط السياسية المنشغلة في مراقبة اداء حكومة عبدالمهدي بعد انتهاء مهلة المئة يوم، والمنقسمة فيما بينها للحصول على ما تبقى من حقائب وزارية ومناصب تنفيذية اخرى.
كان اتفاقاً مفاجئاً وغير متوقع بالمرّة داخلياً وخارجياً، لاسيما بين فريقين سياسيين وقفا طيلة الاعوام الاخيرة على طرفي نقيض في العديد من المحطات، ومثّلت احداث العنف التي شهدتها البصرة الصيف الماضي ذروة الاشتباك المباشر وغير المباشر بينهما. وقبل ذلك شكلت التحالفات التي اختارها كل من هذين الفريقين، تكريساً لواقع التنافر والتوتر الذي طبع علاقتهما على طول الخط. فذهب الصدر مع العبادي وذهبت بدر مع فصائل الحشد واطراف اخرى.
من هنا فإن الكشف عن تفاهمات ترقى الى مستوى من التنسيق العالي بين الفتح وسائرون يعد بمثابة انعطافة كبيرة ومهمّة في المشهد السياسي؛ الذي عاني من شلل وانقسام تمخض عنه ولادة حكومة بلا غطاء برلماني، بعد تعويم الكتلة الاكثر عدداً التي ينصّ الدستور العراقي على انها الجهة التي تتولى ترشيح رئيس الحكومة حصراً.
ويبدو ان هذا التفاهم حديث الولادة جاء نتيجة استجابة لتحديات سياسية وامنية لايمكن لهذين الطرفين الايفاء بالتزاماتها من دون تشكيل طيف سياسي متناسق ومتفاهم في القضايا الستراتيجية على أقل تقدير.
لذا يمكن الاشارة الى اكمال التشكيلة الحكومية ومساعدة الرئيس عبدالمهدي في تنفيذ برنامجه الوزاري، ومحاربة الفساد واطلاق الاصلاحات الضرورية والملحة، بالاضافة الى حسم ملف تواجد القوات الامريكية الذي اصبح ملفاً داهماً، كأبرز العوامل المؤثرة بتقريب الفتح من سائرون وبالعكس.
لكنّ الملاحظ ان سائرون يتحرك باتجاه الفتح بمعزل عن حلفائه في الاصلاح وتحديداً كتلتي العبادي / الحكيم والاطراف السنية، استكمالا لمسار التفاهم المنفرد مع الفتح الذي اختاره لتشكيل حكومة عبدالمهدي، والذي فاجأ حلفاءه.
بما يوحي بوجود مراجعة صدرية لتحالفاته الانتخابية، وتدشين مسار تحالفي جديد تمخض عن اجتماع بيروت التي يقيم فيها الصدر منذ شهرين.
في قبال ذلك، تقود كتلة بدر التفاهمات بتفويض واضح من بقية الحلفاء في الفتح؛ سنة وشيعة وكرداً. لذا فإن نجاح الفتح بالتقارب مع سائرون من شأنه ان يعزز قوة هذه الكتلة وتقديمها كجدار صلب بإمكان رئيس الوزراء الاستناد عليه فيما يريد انفاذه من سياسات واصلاحات تعهد بها امام البرلمان.
لاحظنا ان اولى ثمرات هذا الاتفاق خلال الفترة القليلة تجلّت بتراجع حدّة التوتر في الخطاب، والابتعاد عن سياسة ليّ الاذرع التي اريد لها ان تحكم علاقة الطرفين بدفع اطراف اقليمية معروفة.
وعلى الرغم من التفاؤل الذي يشيعه التفاهم الصدري - البدري الراهن إلاّ ان من المبكّر الحديث عن تحالف متين بين الطريفين مع استمرار المباحثات وتشكيل اللجان المشتركة. ولايمكن الحديث عن تحالف قوي من دون خضوعه لاختبارات جادة، ومواجهته تحديات ملحّة تبدأ باستكمال الوزارات الشاغرة ولاتنتهي بمنع تحويل العراق الى ساحة للعدوان على دول الجوار كما يريد ترامب.
يتحمل التحالف الصدري / البدري مسؤولية كبيرة في بناء تفاهمات راسخة وقوية تحصن الوضع الداخلي امنيا وسياسياً واقتصادياً، ومنع تحوّل الخلافات الى ازمات تعصف بالاستقرار الامني الذي يراد تصديره الى المحافظات الجنوبية بذرائع شتى.
أقرأ ايضاً
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني