بقلم: حسين فرحان
لعل آية قرآنية واحدة أو حديثا صدر عن النبي الاعظم صلى الله عليه وآله أو عن أحد أئمة الهدى عليهم السلام أو شاهد تاريخي أجمعت عليه الأمة يكون كافيا لذوي البصائر في أن تكون راسخة لديهم مفاهيم (التصديق والتسليم والطاعة) لمن يحمل أمانة التبليغ وحفظ رسالة السماء نبيا كان أو إماما أو حجة ارتضاه المعصوم نائبا له صائنا لنفسه مخالفا لهواه مطيعا لامر مولاه.
وقد لا تنفع مئات الحجج والشواهد مما ذكرناه في أن يتنازل البعض عن الأنا العاصية التائهة في الجهالة وحيرة الضلالة.
ومؤمن حق الايمان من تخلى عن أناه وصير عمله قلادة يضعها في عنق من تصدى لمقام النيابة عن سلسلة الذهب المعصومة من الزلل.
إن التسليم.. التصديق.. الطاعة، توفيق إلهي لايعترف بكم المعلومات الدنيوية في رأس الشخص ولا بعدد الكتب التي اطلع عليها فكم من قاريء شغوف التهم المصنفات التهاما فاغتر بما حصله وزلت قدمه به الى هاوية التمرد على رسالة السماء، وكم من أمي بأبجدية الحروف عرف تلك الرسالة بفطرة الله التي فطر الناس عليها ولم يلوثها بالافكار المستوردة.
لا يروق للبعض أن نكون على بينة من أمرنا.. ولايروق لهم أن نمتثل لمرجعيتنا، فالامتثال بالتصديق والتسليم والطاعة يعني هدم صروح الطغاة والمنتفعين، فيا أيها الشيعي الكريم: من برأي هؤلاء يكون سبيلا الى رضوان الله تعالى ورضا نبيه وآل بيته عليهم السلام سوى من جعلوه حجة - واشترطوا لذلك شروطا - سوى مرجعيتك الدينية ؟
كن نقيا.. كن صافيا.. فأصل النبوة والامامة طهر ونقاء (أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الاَْصْلاَبِ الشَّامِخَةِ، وَالاَْرْحَامِ الْمُطَهَّرَةِ، لَم ْتُنَجِّسْكَ الْجَاهِلِيَّةُ بِأَنْجَاسِهَا، وَلَمْ تُلْبِسْكَ مِنْ مُدْلَهِمَّات ِثِيَابِهَا).
احرص على فطرتك التي تخبرك أنك مخلوق من فاضل طينتهم، انصت جيدا لمن بشرك بطهارة المولد إذ رأيت برد حبهم في قلبك..
انظر أيها الموالي الى ما قيل في زيارة القمر الهاشمي (اَشْهَدُ لَكَ بِالتَّسْليمِ وَالتَّصْديقِ وَالْوَفاءِ وَالنَّصيحَةِ).. خذ منها التسليم والتصديق وخذ منها الوفاء..
تأمل في شهادة خزيمة بن ثابت لرسول الله صلى الله عليه وآله في واقعة ادعاء الاعرابي بأن فرس النبي فرسه ولم يكن خزيمة حاضرا، فلما سأله النبي عن ذلك أجاب بنبرة التسليم والتصديق والطاعة (أفأصدقك بما جئت به من عند الله، ولا أصدقك على هذا الاعرابي الخبيث) فأقر النبي صلوات الله عليه شهادته بشهادة رجلين وعرف بها.
وشواهد الطاعة كثيرة، وتاريخ الطف يشهد لاصحاب الحسين عليهم السلام رفضهم أن يتخذوا الليل جملا وأن الكهل أنس قد رفع حاجبيه بالعصابة فأبكى الامام وأن جونا أبى الا أن يختلط هذا الدم الاسود مع دمائهم وأن للرجال و للصغار والنساء مواقف أنارت تاريخ الطف وشيدت مع الحسين واهل بيته عليهم السلام بناء الدين وبقائه الذي اقترن بقتلهم جميعا.
فمن وطن نفسه لتصديقهم بخبر السماء فمن الحري به أن يصدقهم بخبر الدنيا، ومن قلد المرجعية الدينية وآمن بأنها حجة الحجة عليه فما عليه الا الطاعة، وليكن كالذين استجابوا للفتوى المقدسة فمنهم من استشهد ومنهم من جرح فكان شهيدا حيا، ومنهم مايزال مرابطا في الجبهات وغيرهم آخرين لم يشكوا ولو للحظة واحدة بحكمتها ولم يتجرأ منهم أحد أن يبدي رأيا في مقابل رأيها.
ومن الجهل والتناقض أن يقلد المكلف مرجعا في أمور دينه التي يلقى بها ربه وفي ذات الوقت يعترض ويتشنج لانها لم تماشي رغباته وهواه في أمر دنيوي أو شخصي.
ان تقليد المرجعية يستلزم تصديقا وتسليما وطاعة، فكم من (خزيمة) بيننا؟
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!