سالم مشكور
عندما جرى قبل سنوات طرح اسم الدكتور عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء كتب مقالا قال فيه انه لن يقبل بذلك لعدة أسباب أوردها انذاك تمحورت حول من سيعيق عمله اذا أراد أن يترجم افكاره ومتبنياته الى خطوات عملية. بين أفكاره أنه لابد من الخروج من الدولة الريعية الى تنويع الاقتصاد وبالتالي تنويع مصادر الدخل، وبالتالي فان أي تحرك بهذا الاتجاه سيثير حفيظة من أنشأوا مصانع في دول مجاورة تصدر منتجاتها الى العراق. تنويع مصادر الدخل والخروج من شرنقة الدولة الريعية يحتاج الى تنشيط القطاع الخاص. الذين انشأوا المصانع في الدول المجاورة كان بامكانهم انشاؤها داخل العراق لو توفرت لهم البيئة الملائمة أمنيا وقانونياً واقتصادياً. فالعشرات من المستثمرين العراقيين وأضعافٌ من غيرهم أرادوا الاستثمار في العراق منذ ٢٠٠٣ وحتى الان لكنهم اصطدموا بعقبات عدة منها الابتزاز من قبل مسؤولين محليين او قوى نافذة على الارض او عشيرة قريبة من مكان المشروع فضلا عن حالات الابتزاز من جانب الموظفين في كل المستويات.
هرب المستثمرون ومعهم الاموال التي كانت ستوفر فرص العمل لمئات الاف العاطلينوباتوا يضحكون ملما سمعوا اعلاناً عن مؤتمر عراقي حول الاستثمار. باتوا يسمون الاستثمار في العراق كذبة كبيرة، وبقي العراقي مستوردا حتى للبن والاجبان والخضروات لدرجة اننا ارتبكنا عندما اوقفت ايران تصدير بعض الخضار الينا.
المعوقات لم تتغير، والدكتور عبد المهدي قبل التكليف هذه المرة، ولا اعتقد انه مستعد للفشل والتخلي عن تنفيذ أفكاره الاقتصادية. أفترض انه أعد العدّة لازالة هذه المعوقات وأولها اصلاح قانون الاستثمار والضرب بقوة على يد كل ما يحاول الابتزاز والعرقلة، ومنح اعفاءات مالية مشجعة. ربما نحتاج الى تشكيل قوة خاصة لحماية المشاريع الاستثمارية من كل ابتزاز، والى قرارات جريئة تضرب بعرض الحائط بكل القوانين والتشريعات التي تعرقل الاستثمار. نحتاج ايضا الى قانون يضمن التقاعد لمن يعمل في القطاع الخاص أسوة بالموظف الحكومي. وبموازاة ذلك نحتاج الى حملة توعية لتغيير صورة القطاع الخاص السلبية في ذهن العامّة والتي رسمتها ثقافة النظام المركزي الموجّه. لم نعد نظاماً مركزياّ، وخيارنا هو الاقتصاد الحرّ الذي تنظمه قوانين وتعليمات ايجابية وليست محاربة له، ليساهم بشكل رئيسي في البناء وتوفير فرص العمل مع ضمان الحقوق العامة والخاصة. بدون ذلك سنظل نتخبط ونزداد غرقاً في مستنقع الفوضى والتدهور، وستكون معاناة الناس اكبر وامكانات الاصلاح أقل.
أقرأ ايضاً
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول