بقلم: حازم جري الشمري
من الزاوية الاعلامية المجردة نجد أن العمليات الارهابية،حتى قبل الانترنيت وثورة الاتصال، عادة ما تحظى بتغطيات اعلامية مكثفة، حيث تجد فيها وسائل الاعلام مادة صحفية مثيرة مثيرة فتتناولها بشكل مركز وفق منطق (الحدث الارهابي حدث اعلامي).
ولعل هذا ما دعى احد الخبراء الى التحذير من ان وسائل الاعلام قد تنحرف،تحت ضغط المنافسة عن دورها في البناء الاجتماعي، الى الترويج للإرهابيين الذين يستغلون بمهارة مسألة حرص الاعلاميين على السبق الصحفي، لتمرير ايديولوجية معينة أملا في كسب تعاطف الرأي العام مع قضاياهم.
وربما يكون في هذا الكلام شيء من الصحة مع ان الارهاب في الاصل يعتمد العنف لتحقيق أهدافه الا أن نشر القضية التي يؤمن بها الارهابيون ويناضلون من اجلها لا يتأتى الا بتسليط الضوء الاعلامي المكثف عليها.
ولان وسائل الاعلام التقليدية تعمل تحت سيطرة أنظمة ومؤسسات وتعمل وفق حسابات ومصالح، فقد برز الانترنيت كوسيلة حرة وجماهيرية مغرية للجماعات الارهابية التي بادرت الى استغلالها كأفضل قناة مرنة للأعلام والاتصال بالجماهير.
وبالتالي لم تعد صورة الارهابي المعاصرة تلك الصورة النمطية للإرهابي التقليدية، الذي يقاوم،ويدمر، ويخطف الطائرات فقد اصبح عنصر الجماعة الارهابية اليوم أكثر ارتباطا بالتقدم التقني، ويوصف عادةً بالذكاء الاستثنائي، بل ويبدو في الخيال الشعبي بهيئة عصرية جذابة، فهو يرتدي الملابس الانيقة، ويستخدم الهواتف النقالة ويستخدم اجهزة الحاسب المحمول ليدير عملياته، ويجري اتصالاته بالأعوان، ومن والى أي مكان في العالم.
ومن يرسم هذه الصورة سواء التقليدية أو المعاصرة وسائل الاعلام نفسها، وهناك العديد من المعالجات التي تستخدمها وسائل الاعلام لتغطية أحداث الارهاب.
تحديد نوع المعالجة الاعلامية لقضايا الارهاب
أولاً: نظرية العلاقة السببية بين الخطاب الاعلامي والارهاب:
وحسب هذه النظرية هناك ثلاثة أنواع للتأثيرات الاعلامية الوعي والتبني ويشير هذا النوع الى أن التغطية الاعلامية لحوادث الارهاب ترفع مستوى وعي الجماهير عامة والجماعات الاكثر ميلا خاصة.
انتشار العدوى يعني ان التغطية الاعلامية تفرز العديد من العمليات الارهابية. الوساطة تعني امكانية وجود تدخل فعلي من جانب الصحافيين، للوساطة بين الارهابيين ورجال الشرطة أو المسؤولين في الدولة، وتدعو هذه النظرية الحكومات الى المزيد من القيوم على وسائل الاعلام، انها تفترض أن وسائل الاعلام ترتبط عضويا بالإرهاب، فالإرهاب يعتمد على الارهاب الاعلام لتحقيق المزيد من الفزع في اوساط الجماهير وللحصول على الشرعية لدى السلطة، بالمقابل يعتمد الاعلام على التهويل في تغطية للإرهاب بقصد تحقيق اكبر ربح ممكن من خلال زيادة المبيعات، فالعلاقة بين الطرفين تأخذ شكلاً دائرياً لا ينتهي، حيث يستفيد كل طرف منها من الطرف الاخر.
ثانياً: نظرية الخطاب الاعلامي والارهاب والعلاقة المتباعدة
يرى أصحاب هذه النظرية أنه لا يوجد دليل علمي على أن التغطية الاعلامية للإرهاب هي المسؤولة عن مضاعفات العمليات الارهابية، فليس هناك أية علاقة قائمة بين المتغيرين، ولهذا يدعوا أصحاب هذه النظرية الى عدم التدخل في أداء وسائل الاعلام عامة وفي علاقتها بالإرهاب خاصة، لانه من غير المعقول حسب رايهم أن تكون هناك علاقة بين الطرح الاعلامي لقضايا الارهاب وزيادة معدله، علاوة على هذا فهم يرون في ان حرمان الارهابيين من الوصول الى وسائل الاعلام يساهم في زيادة معدل، لان الارهابي يريد أن تصل رسالته الى الطرف الثالث، وفي حال عدم وصولها من خلال وسائل الاعلام، سيعتمد الارهابيون على تكرار الاحداث باستخدام وسائل أكثر بشاعة في مختلف الاماكن وعبر فترات زمنية مختلفة ليحققوا بذلك وسائل مادية وبشرية كبيرة، تمكنهم من ايصال رسالتهم وتحقيق أهدافهم.
والارهابين يختارون اوقات محددة كما يختارون اماكن معينة لتنفيذ عملياتهم
مثلا: لعبت الصحافة المكتوبة في ايطالية دور مركزياً حيث كان الارهابيون الايطاليون لليسار المتطرف غالبا ما يوجهون ضربات أيام الاربعاء والسبت، وهي الايام التي يكون فيها سحب الجرائد كبير جداً.
فالإرهابيون حاليا يحددون القنوات الفضائية التي يتعاملون معها خاصة اثناء تنفيذهم لعمليات ارهابية، وضعت هذه الطريقة للعمل الارهابي مزيداً من قوة التأثير في الجمهور من خلال وسائل الاعلام المنقادة التي أصبحت تقدم المزيد من التنازلات للإرهابيين مقابل انفرادها بتغطية عملياتهم ونشر وثائقهم وبياناتهم وتصريحاتهم.
فهناك بعض المتخصصين الاعلامين يرون أن العلاقة بين الاعلام والارهاب أصبحت في الوقت الحالي عبارة عن شراكة بين مؤسستين، احدهما تقوم بصنع الحدث والاخرى تسويقه.
أذا العلاقة بين الاعلام والارهاب علاقة غير مشروعة.
أقرأ ايضاً
- دور الاعلام القضائي في تحقيق الأمن القانوني
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- العلاقة المضطربة والعراق المُحْرَج