حجم النص
بقلم: البروفسور – عباس جبير سلطان التميمي تعد اليد العاملة في اي وطن من الاوطان شريحة لا يمكن الاستغناء عنها، لأنها من محركات الاوطان والبلدان فيقع القسم الاكبر عليها في قضاء حاجات الناس، والعمالة هنا نقصد بها ليس الموظفون الذين يعملون ضمن مؤسسات الدولة ويخصص لهم راتب شهري، بل نقصد بها العمالة التي تعمل بمجهودها اليومي أو الاسبوعي أو حتى الشهري. وتأتي حاجة البلدان للعمالة نتيجة للمشاريع الكثيرة في البلد مما يدل على تقدمه، وعدم كفاية عمال الوطن لسد تلك المشاريع، فيتم استيراد عمالة من بلدان اخرى لسد هذا الفراغ. ففي العراق تم استيراد عمالة من دول عربية وأجنبية في سبعينيات هذا القرن، قبل دخول العراق الحرب مع إيران، نتيجة للمشاريع الهائلة التي ملأت البلاد، وفي مختلف القطاعات فتم التعاقد مع القطر المغربي على مجموعة من الفلاحين للزراعة، وكذلك مع المصريين، أما في مجال النقل فتم التعاقد من دول أجنبية بعنوان سائق لسياقة وسائل النقل الداخلي التي تسمى (المصلحة أو الأمانة) وعهد بها إلى النساء لسياقتها، وكانت المرأة السائقة تحصل النقود وتسوق أي أن المصلحة كانت بدون جابي، فكان نظامها تسوق وتحصل النقود في آن واحد، وهي نفس المصلحة ونظامها التي تعمل في لندن، واستمر الحال في الثمانينات بعد توجه ابناء البلد الى القتال في حرب ايران ففرغت البلاد من العمالة الوطنية فاستعاض بالعمالة العربية وخاصة السودانية والمصرية. وبعد فرض الحصار الامريكي على العراق هاجرت تلك العمالة الى بلدانها او غيرها وذلك لانخفاض قيمة الدولار وكذلك توقف المشاريع والأشغال العامة، وبات اهل البلد لا يجدون عمل لسد رمقهم اليومي، واستمر الحال على هذا المنوال حتى سقوط الحكومة العراقية، فعادت تلك العمال الاجنبية الى العراق بعد الانفتاح وأكثر من قبل وجنسيات ما نزل بها الله من سلطان , وتم اهمال العمالة الوطنية على حساب العمالة الاجنبية. لقد تم جلب عمالة اجنبية للخدمات من دول أسيوية وخاصة بنغلادش وباكستان للعمل الخدمي بحجة ان هؤلاء لا يتململون من اي عمل يتم توجيههم به عكس العامل العراقي، كما أنهم حسب اعتقادهم أنه امين ومخلص أفضل من العامل العراقي، أما راتب هؤلاء فيصل الى 500$ وهي ما تقارب 625 ألف دينار، وهو راتب موظف في الدولة ويمكن التقليل من بطالة ابناء البلد. المشكلة ان سبب تشغيل العامل الاجنبي وتفضيله على الوطني أن صاحب العمل يستعبد العامل الاجنبي ولا يستطيع استعباد الوطني، وهذا وارد، لان العامل الاجنبي يريد ان يعمل وهو قادم من اجل هذا الأمر، وهو مستعد للنزع حتى كرامته، لأنه لا يعرفه احد في هذا البلد، أما العامل الوطني فهو ير فض الاستعباد في بلده حتى لو أعطي مال قارون، ولكن العامل الوطني عندما يهاجر إلى بلد آخر، يتم استعباده كما يستعبد العامل الأجنبي في بلده، وربما ارخص بكثير. اود ان انوه الى امر في غاية الأهمية، وهو يجب تفضيل العامل الوطني على الأجنبي قدر الإمكان، كما أن بعض اصحاب المحلات وخاصة التسويقية يفضل الأجانب، ويلبسهم لباس خاص متشابه (زي موحد) لجذب الزبائن وليظهر مستوى محله أو سوبر ماركت، ونحن العراقيون نحب التظاهر والأبهة الفارغة. ومشكلة هؤلاء العمالة ليس عليهم رقيب لمتابعتهم في حالة فصل احدهم او طرده من العمل، فتأمل ماذا يفعل بعد طرده من العمل مستعد ان يعمل كل شيء في سبيل الحصول على أموال، والمشكلة في العراقيين يطمأنون ويؤمنون بسرعة للغرباء ويتركون كل شيء لهم. فرفقا ايها السادة بأبناء بلدكم أتفضلون الغريب علينا؟، وخاصة نحن نعيش حالة من التقشف وانكماش الاعمال وخاصة الآلاف من خريجي طلبة الجامعات، افتحوا أبوابكم لهم للعمل في متاجركم، حتى يستطيعوا العيش وإعالة أنفسهم بعد أن كانوا عالة على غوائلهم طوال دراستهم، اتركوا التباهي والفخفخة بجلب العمال الأجانب وحب الاستعباد، أقرأتم قول عمر بن الخطاب (رض عنه) قوله: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، فنحن اليوم كلنا مستبعدون من قبل أمريكا وغيرها، اتركوا كل شيء، وحاولوا أن تجعلوا من أبناء بلدكم سنداً لكم ولا تفضلوا عليهم آخر، حتى يجد لنا الله مخرجاً من هذه الازمة الصعبة التي تمر بالبلد من ارهاب وقتل وتفجر وموت الارواح الطاهرة البريئة التي ليس لها ناقة ولا جمل، رفقا أيها الأخوة، فمالك مال الله جل َّعلاه يستطيع أن يأخذه منك في لحظة سواء بالخسارة أو بإصابتك بأحد الأمراض، فهو أعطاك المال دون غيرك لأنه يحبك فرزقك به دون غيرك فلا تجعل من عباده عبيدك. كما نوصي من يعمل من شبابنا في محلات هؤلاء أن يكونوا على درجة من الامانة وان يجعل مال غيره كماله وان يعمل بإخلاص وأمانة، حتى لا يفضل الاجنبي عليه وان يتحمل ما يمر به صاحب العمل من ظروف، وان يحافظ على سمعته وأمانته لأنها هي هوية عمله ومصداقيتها في حالة الاستغناء عن عمل صاحب المحل فسوف تتلاقفه المحلات الأخرى لسمعته، والأرزاق على الله لا على غيره.
أقرأ ايضاً
- اليد الواحدة لاتصفق
- العصافيرُ السياسيّةُ كُلّها على الشجرة والعراقيّونَ كُلّهم في اليد
- "أمپير" في اليد خير من عشرة على الشجرة !