- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من يحكم ..العبادي ام الدولة العميقة ؟!!
حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي بعد سقوط النظام استطاع تنظيم حزب البعث من بناء شبكة لتنظيماته في البلاد،واستطاع من بناء هيكل أفقي لشبكته، وبعد اربع عقود من حكم نظام البعث جاءت رياح التغيير لتعلن عن نهاية فرعون العراق وحزبه الشوفيني، وإسقاط كل الأصنام التي كانت تعبد، وأضحى العراقيون أحراراً لأول مرة في تاريخ وجودهم الإنساني، فيما اعتقد الشعب ان البعث ورجاله قد ذهبوا الى مزبلة التاريخ دون رجعة، ولكن ما لبثت ان تبدد احلامهم عندما تيقنوا ان هناك دولة عميقة تقود الوضع وتحرك خيوطه الداخلية، وامست القرارات المصيرية والتي تمس كيان الدولة ومشروعها الوطني يدار في غرف مظلمة، ويعرف اعضاء هذه الدولة العميقة خفايا وأسرار اركان الدولة اكثر من حكام البلاد، والذي يبدو انهم هم الآخرون غدوا غارقين في احلام الحكم والدولار. هذه الدولة العميقة تحكمت بمصير وأمن البلاد وشعبه، وسيطرت على مصادر القرار في كل الوزارات، وأصبحت هي مصدر القرار في موسسات الدولة، بل امست المنطقة الخضراء مكاتب لهم يتحكمون بمصير الارهابيين وإطلاق سراحهم ووفق صفقات سرية، يضيع فيها البريء ويطلق سراح عتاة الارهاب وقادة القتل والذبح الداعشي، وغيرها من ممارسات امست ظاهرة في ظل حكم الديمقراطية الجديد، ويبقى السؤال المحير هل حكومة الأحزاب الاسلامية هو من ساهم في بناء منظومة الدولة العميقة، ام ان هذه المنظومة هي موجودة أصلاً ويراد لها ان تكون هي المحرك لخيوط الحكم في العراق الجديد، خاصة وان سبب انتعاش هذه المنظومة هو الحكم الديمقراطي الجديد، والذي سرعان ما سهل تسلل خلايا البعثيين الى مؤسسات الدولة الجديدة والتي من بينها وزارتي الدفاع والداخلية التي اصبحت تعج باكثر من 16000بعثي وهؤلاء لايملكون اي ولاء للدولة بل يتربصون بها وينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض عليها، وهذا العدد من البعثية والذين يمثلون كبار القادة في وزارة الدفاع والداخلية ويقودون الافواج والسرايا وغرف العمليات ويتعاملون مع المعلومات الامنية المهمة ويتحركون وفقها، وكأن هيمنة البعثية على وزارة الداخلية هو احد الاسباب وراء تدهور الوضع الامني في العر اق وسقوط اكثر من مدينة وقضاء بيد الارهابين وبالتاكيد هناك تواطء خفي بين البعثيين والارهابيين. ان الاستعانة بالبعثيين في الاجهزة الامنية بدواعي اللحمة الوطنية ونسيان الماضي يعني استمرار الاخطاء السابقة وتعريض الامن الوطني الى الخطر والمجازفة بارواح المواطنين الابرياء ,فهل هناك ضرورة حتمية لوجود هؤلاء الذين يعد ولاؤهم للدولة مشكوكا فيه ووجودهم في داخل الاجهزة الامنية يعد خطراً يهدد العمل السياسي , بل ان هذا الوجود يخدم الارهابيين والقوى البعثية الداعمة والمساندة لهم والتي تحاول توظيف وجود هؤلاء في داخل وزارتي الدفاع والداخلية وغيرها من موسسات الدولة كافة من اجل تحقيق اجندات خاصة بها وربما تتحفز من خلالهم للقيام بانقلاب على العملية السياسية عند اقرب فرصة والتاريخ ليس بعيدا، قبل ان يجد السياسيون الحاليون انفسهم مقتولين برصاص البعثيين او منفيون الى خارج الوطن من جديد. الدولة العميقة التي تحاول افشال كل شي، وتسفيه الجميع وتسقيطهم،وهي دولة داخل الدولة ومهمتها عرقلة اي تقدم، وافشال اي مبادرة في إنقاذ الوضع السياسي والامني المتدهور، بل يتعمد البعض في الدولة العميقة من وضع العراقيل والعقبات امام محاولة في إنقاذ البلاد، خصوصاً وان القوى السياسية ولاكثر من ١٣ عاماً فشلت في ايجاد شراكة حقيقة في ادارة البلاد، الامر الذي جعل الوضع السياسي هش وقابل للتغيير في اي لحظة، كما هو شبه نزاع من اجل البقاء وحالة من الهلع التي تضرب اطرافا شتى من المستفيدين واصحاب المصالح والتي اتاحت لثلة من السراق ان يتسابقوا ويتحينوا الفرصة للاجهاز على ما تطاله ايديهم من اموال عامة ولهذا تبدو قصة الاصلاحات التي ينوي رئيس الحكومة اجراءها مغامرة خطيرة لا تُحمد عقباها لأن الدولة العميقة لا يمكن ان تتخلى عن مكاسبها وكل ما جصلت عليه من ثروات وهي تعد ذلك من ممتلكاتها الخاصة التي لا يجوز ولا يمكن ولا يسمح الاقتراب منها ومن يقترب من ذاك القاع فلربما لن يخرج منه.
أقرأ ايضاً
- المجتهدون والعوام
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الأخطاء الطبية.. جرائم صامتة تفتك بالفقراء