- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
وِسامُ (جَوْقَةُ الإِرْهابِيِّينَ)!
حجم النص
بقلم: نـــــــــزار حيدر لقد استهانت فرنسا اليوم بدماءِ ابناءِ شعبها الذين سقطوا العام الماضي ضحيةً للارهاب التكفيري الوهابي الذي يحتضنهُ ويرعاهُ نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، عندما منحت اليوم ولي عهد النّظام المذكور اعلى وسامٍ في البلاد يسمّونهُ بوسامِ جوقة الشَّرَف!. وأنا ادعو العالم ان لا يتعاطف من الآن فصاعداً مع ايّة ضحيّة فرنسية من ضحايا الارهاب، فمن لا يحترم ضحاياهُ لا ينبغي عليه ان ينتظر من الآخرين ان يحترمهم. كان من الاجدر بفرنسا، بل ومن الواجب عليها، ان تُسمع ضيفها (الإرهابي) ما يُدينهُ لانّ بلادهُ تُعتبر المنبع الاول والحاضنة الأعظم لكل هذا الارهاب في العالم، بما فيه الذي ضرب باريس العام الماضي. أما وقد اختارت فرنسا تكريم الارهابيّين، فلا يسعنا، نحن ضحايا الارهاب، الا ان نقولَ لها (بالعافية عَلَيْكِ كلّ قطرة دمٍ وكلّ نَّفْسٍ فرنسيّة وكلّ روحٍ سيستبيحها وسيُزهقها الارهاب من الان فصاعداً). انّ هذا القرار الفرنسي البائس دليلٌ واضح على ان دولة الدستور والديمقراطية والحريّة في العالم باعت كل قيمها ومبادئها بثمنٍ تافهٍ هو عدّة براميل من البترول وكميّة من أموال البترودولار. انّهُ قمّة النّفاق الذي اشتهرت به فرنسا منذ زمن ليس بالقريب، فيومَ ان كان نظام الطّاغية الذليل صدّام حسين يقتل شعبهُ خنقاً بالسّلاح الكيمياوي والغازات السّامّة ويدفن ضحاياه احياء في المقابر الجماعية، كانت الرّئاسة الفرنسيّة تستقبل السّمك العراقي المسقوف الذي كان يأخذهُ معهُ الطّاغية بطائرتهِ الخاصّة مع كل العدّة والعدد لتهيئتهِ لها طازجاً كلّما زار باريس!. انّهُ النّفاق السّياسي والازدواجية في المعايير التي اشتهرت بها باريس، ولذلك فلا يلومن احدٌ ضحايا الارهاب في العالم اذا أبدوا فرحهُم وبهجتهم من الان فصاعداً اذا شهدت فرنسا ايّ عملٍ ارهابيٍّ جديد، وستشهد، واذا حزّ الارهابيّون رقبة فرنسي او قطعوا رأس فرنسيّة، فعندما تقدّم باريس أعلى أوسمتها لحاضنة الارهاب الاولى في العالم، فهذا يعني انّها حرّضت على المزيد من الارهاب في فرنسا تحديداً، فلماذا ينتظرون منّا ان نُدين الارهاب اذا ما ضرب مجدداً فيها؟!. لقد كافأت باريس بهذا القرار القتلة والمجرمين الذين لازالوا يدمّرون اليمن ويقتلون فيها الحياة. انّها كافأت كل الارهابيّين والذّبّاحين والقتلة الذين يفجّرون السيّارات المفخّخة والاحزمة النّاسفة في جموع الابرياء، كافأتهم بمنحهم أعلى أوسمتها، وبذلك أسقطت حقّها وبالضّربة القاضية في الحديث عن القيم الانسانيّة التي ظلّت تتخندق خلفها طوال هذه السّنين ليفضحها هذا القرار البائس والمخزي. انّها تحدَّت بهذا القرار ضحايا الارهاب واستخفّت بمشاعر أسرِ ضحايا الارهاب! انّها استهانت بدماء الابرياء ودموع الابرياء من الأطفال وَالنِّسَاء! ولم تُعِر ايّة أهميّة للأجساد المحروقة والاشلاء المتناثرة جرّار جرائم الارهابيّين الذين كرّمتهم اليوم بوسامها!. كما قبرت باريس بهذا القرار تاريخها المشرق الذي شهِد ولادة أشهر وأعظم المفكّرين التنويرييّن الذين ظلّت افكارهم ومبادئهم مصدر إلهام لشعوب الارض التوّاقة للكرامة والحريّة والعدل والمساواة. لا ادري كيف لم تخجل من نفسِها باريس عندما قلّدت الارهابيّين هذا الوِسام؟! كيف لم تتذكّر لحظتها دماء الفرنسيّين وأجسادهم التي تطايرت في شوارع باريس جرّاء الاعمال الارهابيّة والتي لم تجفّ بعد؟! كيف تغافلت عن الرّاي العام الدولي الذي يتحدّث اليوم عن مقاضاة نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية كمجرم حربٍ؟! كيف باعت باريس ضميرها للارهابيّين بلحظةِ سُكرٍ ونشوةٍ وعربدة؟! كيف لم ترتجف يدها وهي تضع الوسام على جيد الارهابيّين. في ايّ عالمٍ نعيش نحن اليوم، والذي يتحوّل فيه المقاتل ضد الارهاب والمدافع عن الارض والعِرض والشّرف (الحشد الشعبي وحزب الله اللبناني نموذجاً) الى ارهابي! والقاتل الإرهابي الى بطلٍ تقلّده باريس أعلى أوسمتها؟!. فرنسا المنافقة صاحبة الشّعارات البرّاقة والتي تريد ان تعلّمنا قيم الحريّة والديمقراطية وحقوق الانسان ركعت أمام الارهاب بمجرّد ان لوّح لها بالبترودولار! فبينها وبين المصداقية اليوم بُعد المشرقَين!. فعن ايّة قيَمٍ، وعن ايّة حقوق الانسان ستحدّثنا باريس من الان فصاعداً؟!. ذكرني موقفها المنافق هذا بقصّة المواطن البريطاني الذي باع رئيسَ وزرائهِ وخطابهِ وكلماتهِ بعشرةِ جُنيهات!. يقول ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا زمن الحرب العالمية الثّانية؛ ركبتُ ذات يوم سيّارة أُجرة متوجّهاً الى مكتب (بي بي سي) للإدلاء بحديثٍ عن حال البلد، وعندما وصلتُ الى هناك، طلبتُ من السّائق ان ينتظرني (٤٠) دقيقة حتّى أعود. إعتذر السّائق منّي وقال؛ لا أستطيع الانتظار، اذ يلزم ان اذهب الى المنزل لأستمع الى ونستون تشرشل متحدّثاً في الراديو!. يُضيف تشرشل؛ لقد ذُهلتُ وفرِحتُ من اهتمام وشوق هذا المواطن لخطابي وحديثي وأقوالي، فأخرجت (١٠) جُنيهات وأعطيتها له وبكلّ سرور!. عندما رأى السّائق المبلغ قال لي؛ ليذهب تشرشل مع اقوالهِ الى الجحيم، تأكّد، يا سيّدي، بأنّني سأنتظرك هنا ساعات حتّى تعود!.