حجم النص
بقلم :هادي جلو مرعي
يلهج الناس بالدعاء ليل نهار وحتى في أسوأ ظروف العلاقة مع الله ليخلصهم من الحكام المتجبرين ومن الظالمين بمختلف درجات ظلمهم وعلى مختلف رتبهم الوظيفية .وقد يكون الظالم شيخ عشيرة أو تاجر أو صاحب مال وجاه وربما كان ربا لأسرة يسومهم العذاب ويبخل عليهم بالمال والطعام,وروي عن شخص يسمى( نعيمة) وهو تصغير لإسم ( نعمة) وهو غير إسم ( نعيمة ) المرأة التي غناها المغنون بقولهم ( بويه نعيمة يانعيمة) ،روي أنه كان يملك قطيعا من الماشية لايحصى عدده لفرط مافيه من أغنام وماعز، وكانت النساء في منزله تربي الدجاج البياض وكان من عادة أهل الريف أن يصدروا البيض بسلال يضعون فيها القش الى سوق المدينة،وكان هناك من التجار من يأتي بنفسه الى الريف ليبتاع البيض من النساء اللاتي يجعلن منه بضاعة للحصول على المال ليشترين الثياب والعطور ومستلزمات الزينة ولأطفالهن أيضا ،لكن ( نعيمة ) حماه الله كان يترقب يوم وصول تاجر البيض على حماره وينتظر لحظة المساومة بين نسائه والتاجر وفي سرعة خاطفة يأخذ من يدي زوجته ماقبضته من نقود ويسبها وبناتها ويدفع بهن الى الدار ويستولي على كامل النقود.
في واحدة من المناسبات البيضوية رآه رجل مسن كان صريحا معه وقال له : يانعيمة لمن تجمع المال وتحرم العيال أما شبعت من تجويع عيالك وغدا انت ميت وهم يرتعون بماكسبت وستمضي عريانا عطشانا جائعا الى ربك فاتحا فاك لايملؤه إلا التراب؟ فرد ( نعيمة ) بثقة، نعيمة لايموت!، وقيل إنه إشترى دارا كان يرممها وفي يوم من أيام الله دخل إليها وصعد السطح وكان أن جاءه ملك الموت وقبض روحه وعثروا عليه بعد مدة من الزمن وكان قد إنتهى أمره وإنقضى من الدنيا أجله وعمره فغسّلوه وكفّنوه وفي التراب دفنوه ثم مضوا عنه لينصبوا العزاء لأيام قلائل بينما كان أبناؤه يلبسون أحسن الثياب ويتلقون العزاء وهم يشعرون بالقوة والنفوذ فكل تلك القطعان صارت ملكا لهم ورثوه ،وكانوا يذبحون السمين من الخراف ويطعمونها الضيوف وهم شامخون بأنوفهم جذلين أنهم أثرياء وبالمال أقوياء دون أن يلتفتوا الى حال أبيهم الذي صنعه بنفسه .
كنا ندعواعلى فلان من الظالمين أن يخلصنا الله منه فإذا مضى تولينا الأمر من بعده وطغت النفوس بنا الى أعالي الرغبة بالسلطة والمال والجاه والدكتاتورية مع أبسط الناس ،وهتاف في أعماقنا ينادي ،دعوتم فإستجاب الله وها أنتم محل السلطان تلهون وترتعون فاكهين بكل النعم لكنكم تجاوزتم الحدود وظلمتم ،فعلى من تدعون بالهلكة،أعلى أنفسكم أم على من ظلمكم ؟وانفسكم أولى بالدعاء عليها ،أن تقولوا ،اللهم خلصنا منا وأنقذنا من شرور أنفسنا،وياله من دعاء فات عليه الأوان.
المهم عندي إن نسوان ( نعيمة) يبعن البيض ويستلمن النقود من التاجر صاحب الحمار ،هذا هو المهم أما مصير نعيمة فليس مهما أبدا.
[email protected]
أقرأ ايضاً
- كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته "البيئية - المناخية" الخانقة ؟
- الامام الكاظم (ع) من النعش الغريب المنادى عليه بأستخفاف الى مرقد يعانق السماء و تشيع ومسير الملايين من القلوب المحبة
- حكامنا بين الفار .. والسونار !