- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الاختراقات الحاصلة في الدعاية الانتخابية وسبل معالجتها
بدأت قبل أكثر من شهر الحملات الانتخابية للقوائم المتنافسة في انتخابات مجالس المحافظات المرتقبة نهاية الشهر الحالي، وتعددت طرق الترويج وتباينت قدرات كل قائمة في التعبير عن برنامجها بحسب ما تمتلكه كل منها من امكانيات مادية وإعلامية وخبرة دعائية، وفقا للأولويات التي حددتها والجمهور الذي تحاول كسب أصواته.
وفي منافسة تتصاعد شدتها يوما بعد آخر يسعى كل مرشح الى كسب ميل الناخبين من خلال اختيار نوعيات وأماكن ومديات وسائل الترويج الدعائي الخاصة به او بقائمته، وباشرَ المتنافسون بتعليق اللافتات ولصق البوسترات التعريفية وعقد الندوات والمؤتمرات الصحفية وتسخير وسائل الإعلام المختلفة.
المفوضية العليا للانتخابات أصدرت عدة ضوابط تحدد العملية الدعائية للكيانات السياسية، التي بدأت في الأول من كانون الأول الجاري، وتنتهي قبل يوم واحد من موعد إجراء الانتخابات في الحادي والثلاثين من كانون الثاني المقبل، تشمل منع استخدام آليات الدولة والمؤسسات الحكومية في الدعاية الانتخابية، ومنع وضع الملصقات الانتخابية على جدران المؤسسات الحكومية والأجزاء التابعة لها، مع السماح باستخدام بعض الأماكن الدينية ومنها الجوامع للترويج للعملية الانتخابية عموماً، وليس لمرشحي الكيانات السياسية.
لكن المرحلة الأشد خطورة على السياق الصحي للمنافسات الدعائية قد دخلت حيز التأثير على الارض من جانب الخروقات المباشرة وغير المباشرة وأساليب التمويه والإقناع التي تقوم بها القوائم المرشَّحة او بعض المنتمين اليها او المروِّجين لها من مختلف الشرائح الرسمية والاجتماعية والإعلامية، بهدف التاثير أكبر مايمكن في عملية استهداف المجتمع كمحيط يقرر مَن هو الذي سيحظى بقصب السبق في النهاية. ومجمل هذه الاختراقات التي لوحظت تتمثل في:
1- التجاوز على منشآت وموارد المال العام لأجل الدعاية الانتخابية، فترى ان اغلبية مؤسسات التعليم والدوائر الخدمية وأسيجة البنى التحتية ذات النفع العام قد تزاحمت عليها لافتات الدعاية الفردية والجماعية دون مراعاة لقوانين مفوضية الانتخابات التي وجهت بمنع ذلك.
2- استغلال وسائل الإعلام الحكومية للترويج للمسؤولين المرشحين من خلال تكثيف استعراض جهودهم واعمالهم التي يقومون بها أصلاً كواجب وظيفي مما يولد ميلاً لاشعورياً من المواطن نحو اولئك المرشحين.
3- تلوث البيئة والأماكن المختلفة بسبب مخلفات الدعاية الانتخابية، وربما يتطلب إزالة آثار الدعاية تشريع قانوني يلزم المرشحين برفع مخلفات دعايتهم بعد الانتهاء من عملية الاقتراع.
4- استغلال مستوى الوعي المتدنّي لدى ناخبي الأرياف من خلال دفعهم للتصويت لمصلحة أشخاص يتمتعون بالاحترام في أوساطهم، بينما هُم قاصرون بأي شكل من الأشكال في الوصول الى الحد الأدنى الذي يتطلبه الفوز بمقعد واحد في مجلس المحافظة، وبذلك تضيع مئات بل الاف الاصوات هباءً دون ان تتجه نحو القوائم او الاشخاص الذين هم فعلاً قادرون على كسب الإستحقاق الانتخابي وتحقيق آمال المواطنين..
5- اتجاه اغلب القوائم المرشحة للانتخابات نحو عنوان منافسة جديد هو (المستقلين)، فالعديد من الكتل السياسية الكبيرة منها والصغيرة اتجهت بالاضافة الى الاعلان عن برامجها الخاصة بها، اتجهت الى احتواء مجموعات من الشخصيات المستقلة والاتفاق معها على الترشيح بصفة (مستقل) لأجل كسب هذه الشريحة التي بدأت جهات واسعة من الناس تنظر اليها على انها ستكون أهلاً للقيادة القادمة بعد فشل التيارات ذات الايديولوجيات المختلفة. الامر الذي يولد قلقاً بالغاً من ان أمنيات الناس بالمستقلين ستذهب في أدراج رياح مَن سبقهم..
6- اتجاه بعض الكيانات المرشَّحة الى إبراز نفسها كمنقذ انساني من خلال تقديم بعض الهدايا والألبسة والفرش في فترة الدعاية الانتخابية للفقراء والمعوزين، وكذلك اللجوء الى شراء الأصوات، وقيام البعض بتسخير أفراداً لتمزيق لافتات البعض الآخر، واستخدام أساليب الضغط من قبل كيانات لها نفوذ في الإدارات الحكومية القائمة.
أما بالنسبة لِما قد يكون أساساً لدعاية انتخابية تتمتع بصفات النزاهة وعدم التجاوز على الحقوق او الممتلكات او القوانين التي اصدرتها مفوضية الانتخابات فهناك العديد من الإستحضارات التي يمكن تلمسها:
1- التنسيق المسبق مع دوائر بلديات المحافظات من اجل التنظيم والفائدة المتبادلة حيث تعمد العديد من الدول عند الشروع بالدعاية الانتخابية الى التوجيه لدوائر البلديات من اجل تخصيص أماكن محددة لوضع وسائل الدعاية مقابل ثمن معيّن (أيجار) بغية تنظيم الدعاية وجعلها جزءاً من جمالية المدينة، وليس كما هو الحال الان في المدن التي تحولت جدرانها وأماكنها البارزة الى كم هائل غير منظَّم او متجانس من وسائل الدعاية.
2- هناك العديد من القوائم والكيانات الفردية المرشحة التي لا تمتلك وسائل الدعاية المناسِبة التي تمكنها من البروز وسط زخم الدعاية الكبير للقوائم والكتل الرئيسية وبالتالي تفقد قيمتها التي قد تكون مفيدة من ناحية التجديد في الطرح والرؤى، لذلك فإن من المناسب والمفيد توجيه وسائل الإعلام الحكومية لتخصيص مساحات متوازنة للكتل والكيانات المرشحة من أجل مساعدتها على طرح رؤاها وبرامجها الانتخابية.
3- تنشيط دور مفوضية الانتخابات من ناحية إبرازها لأهمية هذه التظاهرة الوطنية الهامّة من خلال وسائل الاعلام المختلفة عبر برامج توعوية مخصصة لشرائح المجتمع كافة وليست موجهة لشريحة واحدة، خاصة وأن المناطق الريفية تفتقر لوسائل التوعية الانتخابية حيث ان اغلب الناخبين فيها يخضعون لاستغلال المحيط العشائري لهم او النفوذ السلطوي والمادي في مناطقهم..
أقرأ ايضاً
- السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء
- اختلاف أسماء المدن والشوارع بين الرسمية والشعبية وطريقة معالجتها
- كرة القدم والأجواء الحارّة.. الأضرار والمخاطر الصحية ومعالجتها