- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أخطر الاختراقات لمناصب الدولة العليا .. الجزء الأول
بقلم: أياد السماوي
منذ أن أطاحت القوات الأمريكية التي احتلّت العراق وأسقطت النظام الديكتاتوري القائم في التاسع من نيسان 2003 وحتّى هذه اللحظة , يعيش العراقيون نتائج عيوب تأسيس النظام السياسي الذي خلف نظام الطاغية صدّام .. فأمريكا التي أسقطت نظام البعث لم تقف عند حدود إسقاط النظام الديكتاتوري ومؤسساته القمعية ورموزه , بل تعدّت ذلك إلى إسقاط الدولة العراقية بكافة مؤسساتها , وهذه أول نكبة منيت بها الدولة العراقية منذ تأسيسها عام 1921 .. وحتى عندما أسقط ثوار تموز النظام الملكي عام 1958 , كان ذلك قد تمّ بأياد وطنية عراقية , وليس من خلال قوات احتلال أمريكية أو بريطانية , فعندما سيطر ثوار تموزعلى الحكم لم يسقطوا الدولة ومؤسساتها , بل أسقطوا النظام الملكي القائم , وأعلنوا قيام الجمهورية العراقية .. حيث كان الثوار على بيّنة من أمرهم , فلم يسقطوا غير رموز النظام الموالين للنظام الملكي , وأبقوا على كافة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية قائمة كما هي .. عكس ما حصل في العراق بعد احتلاله عام 2003 وإسقاط النظام الديكتاتوري .. فهدف ثوار تموز كان معلوما وواضحا لديهم وهو إقامة النظام الجمهوري على غرار النظام الجمهوري في جمهورية مصر العربية.
أمّا الذين جاءت بهم أمريكا لحكم العراق بعد إسقاطها النظام الديكتاتوري , فلم يكن لديهم أي تصوّر عن النظام السياسي الذي سيخلف نظام صدّام .. فأمريكا قد أعلنت رسميّا أنّ العراق بلدا محتلّا من قبل أمريكا , وبالتالي فإنّ المطلوب من القادة السياسيين الجدد أن يتعاملوا بشكل مباشر مع هذا المحتّل ويعلنوا فروض الطاعة له , وهذا ما حصل فعلا منذ اللحظة الأولى لوصول الحاكم المدني إلى العراق .. حيث بدأ ساسة العهد الجديد من هذه اللحظة ماراثون الولائم والفسنجون والهدايا الثمينة للحاكم الأمريكي القادم لوضع لبنات النظام السياسي الجديد في العراق , لغرض التقرّب والتزّلف إليه والفوز بحضوّة عنده .. ولعلّ غياب رؤية شكل النظام السياسي الذي يجب أن يخلف النظام الديكتاتوري عند كافة الأحزاب السياسية عدا الأحزاب الكردية التي حدّدت أهدافها بدّقة , هو النكبة الأكبر , بل هو أم النكبات التي أنتجت هذه الفوضى التي يعيشها بلدنا وشعبنا .. فالأحزاب السياسية الجديدة التي ظهرت بعد سقوط النظام الديكتاتوري لا تعرف ماذا تريد وليس لديها أيّة فكرة عن شكل هذا النظام الذي سيحل محل النظام الديكتاتوري , فلا الأحزاب الإسلامية التي رفعت شعار الدولة الإسلامية خلال فترة معارضتها لنظام صدّام استطاعت أن تضع هذا الهدف موضع التنفيذ وتطالب بالنظام الإسلامي الذي نظرّت له طويلا , لأنّها أصلا تفتقد لقواعد هذا النظام الإدارية والاقتصادية .. ولا الأحزاب العلمانية التي كانت تنادي بالدولة المدنية الديمقراطية القائمة على أساس المواطنة , استطاعت هي الأخرى أن تضع تصوّرا لشكل هذه الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على أساس المواطنة .. فغياب فلسفة ورؤية شكل النظام السياسي عند كافة الأحزاب السياسية التي أنيطت لها مهمّة بناء النظام السياسي الجديد , قد أنتج لنا نظاما سياسيا مشوّها لا يعرف له طعم أو لون أو رائحة غير رائحة الفساد التي غطّت كلّ زاوية من زوايا هذا النظام , وكتبت دستورا مسخا لا شبيه له في كلّ دساتير دول العالم .. ولعلّ أفضع ما أسّس له هذا النظام , هو نظام المحاصصات الطائفية والقومية والحزبية التي توافقت عليه هذه الأحزاب السياسية الفاسدة .. ونظام المحاصصات المسخ هو الذي أتاح ووفرّ الفرصة على طبق من ذهب لكلّ افّاق ولصّ ومتسلّل وجاسوس ومدّع لئيم حمل الدين خرقة بالية على رأسه لاختراق مناصب الدولة العليا .. وهنا الطامّة الكبرى .. ولعلّ الاختراق الأخطر والأكبر والأفضع لمناصب الدولة العليا , ذلك الاختراق الذي تمّ على يد العضو الجديد في فريق الدهن الحر وأبن الرفيق الذي أصبح فيما بعد رئيسا لمجلس النواب العراقي .. وهذا ما سنتناوله بالتفصيل في الجزء الثاني من مقالنا هذا.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً