عنوان استعرته من مؤلف لكتاب للدكتور عقيل مهدي يتناول فيه منابع لفنون تحيط عالم المسرح بتنظيره الاكاديمي والمنهجي والتعليمي..
العنوان يثير فينا جانباً آخر فيه شجون وألم لما نتلمسه من تغير الاقنعة للوجوه والعقول التي اعتدنا على نمط تفكيرها ومسايرتها لعقيدة ومذهب ما، هذه الشخصيات تتوالد وتنمو وفق معرفة ودراية للتكون وتسلق المنابر والمنصب دون ان تعير اهمية لمواقفها المبدئية والانسانية.
وكما نعلم حصلت ما بعد احداث العام 2003 تغيرات لمقاليد الدولة العراقية وتخلصنا من حكم سلب منا الحياة والحرية والعيش الرغيد، والمشكلة لم تكن في اشكاليته وجدلية تلك التغيرات التي نالت ما نالته الناس والعباد.. لتشخص فيه الذين تكونوا بأشكال متعددة وفقاً لتطلعات الحداثة العصرية بنمط الاسلوب والغاية لتنزوي الحكمة ورجاحة العقل وطيبة الاخلاق والنبل لتكشف مكامن الضعف لدى الفرد والمجتمع.. وكان بدايتها الاستيلاء على ما تمتلكه الدولة في مرافقها ومؤسساتها الحكومية من حياة وصادرت خزائنها من المعارف والعلوم والعقول والمال وارث تاريخي وحضاري وتعليم وحق عام وتموين غذائي حتى.. واستباحت كل الاخلاقيات والموروثات والتقاليد والاعراف التي اعتاد عليها الانسان العراقي واغتيال افق لمستقبل تمنيناه ان يكون مشرقاً كبسمة طفل.
وبعد جلاء وخلاء الارض من معطياتها اخذت الضوابط الجديدة للاقنعة تأخذ مسارها من دون توقف لتستوقف عقولا حتى من علية القوم لتسكن مبادئها وتعاملاتها المكبوتة وفق منظور تحكمه المصالح الشخصية وارث سلطة ”الأنا “ ودكتاتورية لأفراد يرتعدون لسياسة الاخذ لا العطاء..
فانتشرت تجمعات وتكوينات بشرية كانت تلبس قناع الطيبة والتسامح.. لتظهر وجهاً مجدباً يستولي على مدخراتنا وقناعاتنا من صفات ونبل الاخلاق ولتدين الشرائع والكتب السماوية لتنحو مناحي غير اعتيادية في النهج الانساني والاخلاقي.. ولم لا وهي تلبس اقنعة وليس قناعاً واحداً فقط!!
ازدادت تلك الاقنعة بعناوينها لتهم بصد كل من يقف في طريقها بالنصيحة والحوار لايقاف نهب العقول وثقافة الوعي والاخلاق ومصادرتهم الى غير رجعة.. فكانت اللصوصية والفساد المالي والاداري الكبير بشكله الفاضح والجامح لتعتنق تلك الاقنعة مبادئ جديدة تقتنع بها وتحسم الامر وليعلو صوتها وفق ما تشتهي وتبتغي، لتكون صاحب القرار في تنفيذ احكامها في الشارع العراقي من رد اغتصاب، اختطاف- اغتيال.. سرقة.. تفجيرات - عنف وارهاب “ وليكونوا هم الاسياد في زمن ضاع من الانتماء حتى للمواطنة وللوطن.. وقد شاهدنا تغير اوجه تلك الاقنعة ايضاً في مجال الاعلام والآداب والفنون والثقافة وحتى السياسة لتشمل موجات تراكمية يتبعها البعض لمسايرة الواقع العام الذي المّ بنا.. حتى اننا نستغرب من شخصيات وطنية علمانية وثقافية البست نفسها ثوب الاقنعة لتبتلع ماضي الآخرين وحاضرهم ويعلو وجهها القبيح لتحصل على ما تريد ولتحول حياتنا الى ما يريده الآخرون من خراب وظلمة حالكة.. لهذا تطرفت بالافكار والآراء والافعال والمواقف لتحبط اجيالاً من الشباب والمتعلمين والمريدين والعقلانيين من العراقيين والذين اعتبروهم يوماً رموزاً وطنية وامثولة العصر والزمان في مواقف الرجال!..
ولكن الاقنعة تلك بدأت تضيّق الخناق على من اتخذه ملاجيء لأبقاء عناوين الطيبة وعنفوان الاصالة والرجولة واحضان الامهات الحنونات..
ومع مرور الوقت لا بد وان تتداعى وتهترئ وتتساقط وتلوذ تلك الاقنعة والوجوه بالصمت والفرار لتنبني اصولها خارج وطننا المحب لأبنائه الاصلاء.. فهل ستظهر الوجوه الحقيقية وسط هذه الدوامة؟.
أقرأ ايضاً
- العراق.. تاريخ الأقنعة والوجوه والجلود المدبوغة
- 10 حزيران 2014.. اليوم الذي أسقط الأقنعة.
- السيستانية؛ نظرية الدولة الاكثر حداثة