- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تنبؤات الأسدي في مقالات زمن الكوليرا السياسية..!
بقلم:حيدر عاشور
صدر منذ فترة في كربلاء المقدسة ،كتاب استوعب جانب من الأحداث الأكثر سخونة،بعد رحيل الغيمة السوداء من سماء الوطن وأشرقت شمس الحرية والانفتاح نحو العالم الخارجي من أوسع أبوابه ..هذا الكتاب يحمل عنوان (مقالات في زمن الكوليرا ) للصحفي تيسير ألأسدي... يأتي صدوره ضمن سلسلة التثقيف والتوجيه التي يتبناها قسم الدراسات والبحوث في جمعية الهداية الثقافية في كربلاء، وبأسلوب مبسط وواضح ليضيف إلى المكتبة العراقية جهدا وطنيا.
من المدهش إن المقالات قد وثقت،وبثقة رصينة مرحلة كان العراق فيها ضمن المزاد العالمي التي تعلن أمريكا بيعه بالتقسيط والتوزيع حسب الطلب، ليأتي زمن 2021 ليحقق الأسدي نبوءة البيع والتوزيع الخ.من جهة أخرى كان يوضح (العراق) الذي تعود الحروب بين القديم والجديد،بين الركود والتغير،ليتخذ شكلا طائفيا بغيضا،ولا سيما حين توافد على العراق تجار الأديان والطائفية،ويأتي الكتاب ومقالاته ليوفر على المخلصين للتغيير في العراق الجديد قراءة المشهد الشارع العراقي من خلال عيون مثقف راصد لنواة التغيير ،ليوفر بذلك وقتا وجهد، وبأكثر من أسلوب واع لمن لبسوا لبوس التطور وهم منه براء ،ومرتدي لبوس التحرر، وهم أبعد البعيدين عنه، ولهذه الساعة التي نتمعن بقراءة كتاب (مقالات في زمن الكوليرا)...العراق يضج بضجيج الرصاص والقتل والخطف والتهديدات القائمة على التهجير ألقسري..انه يدور حول العلمنة وبالتحديد حول نزوع الطائفية ولا يمكنها أن تكون غير هذا في أي من الأحوال.. العلمنة مكان الطائفية،ومجتمع العراق الواحد مكان مجتمع عراقي تعددي..هما محور الصراع الحالي الذي يسعى (ألأسدي) توضيحه بطرق متعدد من أسلوبه الصحفي الرافض جوهرا تدخل الأجنبي الأمريكي بمفاصل العراق الاقتصادية والاجتماعية ورسم الاستراتيجيات الخارجية من يكون مع العراق، ومن لا يسمح له التعامل مع العراق..ولها السلطة المطلقة على ذلك ...
ويذكر (ألأسدي)إن أمريكا هي الراسمة الوحيدة لكل المخططات العالمية ومن ضمنها العراق من حيث إن القائد الأوحد كان من صنيعتها أوجدته وساعدته على خوض الحروب والاعتداءات وقتل الرموز الدينية ومن ثم ألغت ورقة صلاحيته بعد نضج الخليج وسهولة اختراق العراق وهذا ما نحو عليه الآن وسيستمر...بمعنى واضح المقالات توضح رفضا مطلقا للعدوان على العراق منذ عام 2005 لذلك كانت عناوين كل مقال كأنه يبدأ ب(عراق في زمن الكوليرا) والجميع يعلم ما هي الكوليرا (الهيصة)التي تمتاز بسرعة الانتشار والعدوى وقد شبهة بالكوليرا السياسية السريعة في نشاطها في العراق ما بعد أحداث 2003..ونجحت أمريكا في احتلال العراق بسرعة وقسمته إلى شعب طائفي وعرقي .
سياسة خطوات الكنغر المنقرض
ويدور (ألأسدي) دوراته المقالية في فلك الوطنية النائمة..ليسرد ما يؤمن به بنفسه وبالمقابل هو إيمان عامة الناس محاولا أن يسهم في تحقيق ردود فعل ،ولكن لا حياة لمن تنادي...وبقيت المقالات وكأنها تتابع خطوات الكنغر المنقرض في قفزاته الملحة في زمان والمكان لمتابعة أحوال العراق تحت مظلة الاحتلال الأمريكي...ولكن بنفس وطني عراقي ،أراد أن يوضح أهداف المحتل المستقبلية، وهو يرفض بشاعة الاحتلال وبرامجه المفضوحة وهو يقضي على التقاليد السائدة في العرف الاجتماعي والسياسي،وما يسيطر على أهله حاليا من أراء ومعتقدات ما انزل بها الله من سلطان،وهو يعرضها على شكل سلسلة من الصور (مقالات) التي انعكست على الإنسان العراقي وأصبحت جزء من تاريخه لكي تبقى بمحض دراسة أو تعليق ليرى مدى تأثير المتلقي بالحدث المكتوب،كذلك أرشفة هذا الواقع المرير بسنواته العجاف التي لا يخرج منها العراق إلا بصوت موحد من شعبه النائم وهو يرضى بكل ما ترسمه له المخططات،وهو قابع بلذة الخوف من المجهول التي تسيره كيفما يشاء..باسم الفدرالية وقد سماه (الفدرالية فقرة مفخخة في الدستور العراق.. الكرد أنموذجا) ..وتناولها على خطين الخط الأول حين انفصل الشعب الكردي عام 1991 بمفهوم الديمقراطية كشعار يسعى إليه العراقيون ،والخط الثاني وهو الأسوأ في تاريخ العراق حين وضع الدستور البريمري الذي فرض على العراق كقانون لا يمكن الانفصال عنه ويحق انفصال أي محافظة عراقية ...وفي مقالة (إلغاء البطاقة التموينية رصاصة رحمة على الشعب العراقي) تتزامن هذه المقالة وأحداث تصويت البرلمان علة قانون التقاعد من حيث تساوي المعيشي بين أفراد الشعب العراقي تحقيقا للديمقراطية يقول الكاتب في هذه المقالة (ص34) :(اذا كنتم ترفضون التأمل بقوانين البشر،فها هي ذي قوانين المخلوقات العجماء ،أمام أعينكم ..! ادخلوا إلى أية حظيرة من حظائر الدواب الأليفة ،وانظروا كيف تتعايش الدواب فيما بينها ،بهدوء وسلام ،دون أن تتجاوز واحدة منها على قوت الأخر من الدواب الأخرى من فصيلة واحدة أو فصائل مختلفة مختلطة)... اعتقد وصلت رسالة الكاتب في توصيف حالة البرلمان العراقي.
ولم يغادر الكاتب البرلمان بل جاء في مقالة نارية بعنوان (العادة السرية للبرلمان العراقي) فقد أوجز فيها ملخص العمل البرلماني حين استشهد بالمقولة المعروفة : (عندما تلهو الرأسمالية بالقوى الكادحة تكون الحكومة نائمة وفي سبات عميق فيصبح الشعب مهملا تماما ويصبح المستقبل غارقا في القذارة .) وراء هذا القول سرد قصصي بليغ بحكمته السياسية.
مشروع العراق السياسي نبيذ معتق
رغم كل ذلك يؤكد (ألأسدي) إن أدارة العدوان الأمريكي على العراق لا تزال ترتكب جرائمها متوخية تحقيق أهدافها الإستراتيجية وفق مبادئها وأفكارها ،بعضها واضحة المعالم ومعظمها غير واضح بسبب التخبط الأمريكي... لان أهداف العراق عديدة ومتعددة إلا أن وعي أبناء الشعب العراقي كان حائلا في اغلبها وحجم هدف أمريكا الرئيسي من تحويل العراق كله (شعبا وجيشا ودولة) إلى حالة تابعة لها.قبل الختام نقول: هناك الكثير من المقالات الوطنية جسدها الصحفي الكر بلائي (تيسر سعيد الاسدي) في كتاب كي تبقى أرشيفا تاريخيا لمرحلة الاحتلال وبنفس الوقت فيها التماسات مستقبلية أوضحها بشكل صريح وواضح منها تحقق وهو تصويت البرلمان على أسوء قانون وهو قانون التقاعد... من محتويات الكتاب المهمة (مشروع تقسيم العراق نبيذ معتق في زجاجة) و( عبوات وتصريحات إيرانية الناسفة) و العراق جمجمة العرب) و العراق شعب جائع وقيادات متخمة كربلاء أنموذجا)و كيف أصبح الإسلام وسيلة للسلطة ) و(لا سلطة رابعة من دون صحف معارضة في العراق) ...هذه بعض من أسماء المقالات في زمن الكوليرا..التي وأنا اقرأها اردد بمرارة قول الشاعر السوري محمد الماغوط :عندما تكون الحقيقة من جليد ،يطيب لي النوم في العراء...هذا هو عراق الشعب والسياسة والتاريخ ...سيستمر انهياره طالما الشعب نائم...وستبقى كلمات مبدعينا حبرا على ورق...كتاب ثمين في معلومته وعميق في سداد الرأي نشرته دار التوحيد للطباعة والنشر في العراق في مطبعتها العالمية في الكوفة العلوية المقدسة وقد سبق للكاتب كتاب يحمل عنوان (مؤرخات ألأسدي) وهو مجموعة شعرية صدر من نفس الدار إضافةإلى أن الكاتب من تولد 1970، يدير حالياً موقعاً إلكترونيا (وكالة نون الخبرية) الذي يمتاز بدقة المعلومة وسرعة الخبرلما يمتلكه من صلاحيات وخبرة صحفية في مجال عمله.
العراق يباع ولا يزال يباع بنظر الأسدي ... الذي ما زال يتناول همْ العراق والعراقيين، منتظراً الفارس الشجاع الذي يقلب الموازين ويعيد العراق المغتصب من السياسيين أصحاب النفوذ الخارجي.
أقرأ ايضاً
- مسؤولية الأديب في زمن الاحتضار.
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- رائحة السماء- مقالات تنقي البحوثبقلم