- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
السيد رئيس الادعاء العام .. هل أنت على قيد الحياة ؟
بقلم: أياد السماوي
عندما شرّع مجلس النواب العراقي قانون الادعام العام رقم 49 لسنة 2017 , استبشر العراقيون خيرا ببدء عهدا جديدا للتصدّي والوقوف بوجه الفساد الذي ضرب أطنابه كلّ مفاصل الدولة ومؤسساتها ووزاراتها .. حيث أعطى هذا القانون صلاحيات واسعة للادعاء العام العراقي في ملاحقة قضايا الفساد والفاسدين , خصوصا فيما يتعلّق بحماية أموال الدولة والقطاع العام وما جاء في المادة خامسا / أولا , التي منحت الادعاء العام حق ( إقامة الدعوى بالحق العام وقضايا الفساد المالي والإداري ومتابعتها استناداً الى قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (٢٣) لسنة ١٩٧١ المعدل ) .. وكان الجميع يعتقد أنّ الادعاء العام العراقي بعد صدور القانون رقم 49 لسنة 2017 , سيتوّلى مهمة إيقاف السطو على المال العام الذي تعرّض لأكبر عملية سطو تحدث في التاريخ .. لكن وللاسف الشديد أنّ الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن , والأمل الذي عقد على بدء عهد جديد في محاربة الفساد والتصدّي لأسطاينه , قد تبّخر وذهب أدراج الرياح , وكأنّ قانون الادعاء العام قد شرّع لحماية الفساد والفاسدين وليس العكس.
قبل إثنى عشر يوما وتحديدا في يوم 08 / 10 / 2020 , أصدر قاضي محكمة الفساد البريطانية الحكم على البريطاني من أصل عراقي ( باسل الجراح ) ممثل شركة ( يونا أويل ) الفرنسية , بالحبس لثلاث سنوات وأربعة أشهر بتهمة إفساد موظفين بوزارة النفط العراقية من خلال دفع رشاوى تزيد على 17 مليون دولار , منهم من كان على رأس وزارة النفط ( وزير ) , وآخر كان مدير عام شركة نفط الجنوب الجنوب والذي أصبح وزيرا أيضا فيما بعد , حيث قاموا بإحالة عقود كبيرة على شركات أجنبية يمّثلها في العراق شركة ( يونا أويل ) الفرنسية , وقد وصلت قيمة العقود حوالي مليار وسبعمائة مليون دولار أمريكي .. وفضيحة شركة ( يونا أويل ) كانت قد أثيرت في حزيران عام 2016 من قبل صحيفة ( هفنغتون بوست ) الأمريكية , حيث كشفت الصحيفة حينها أن تحقيقات أجرتها مؤسسة ( فيرفاكس ميديا ) الأسترالية والصحيفة الأمريكية , اثبتت فضيحة فساد كبرى تتعلّق بصفقات النفط العراقية محورها الرئيس شركة ( أونا أويل ) الفرنسية التي تتخذ من إمارة موناكو مقرا لها .. وكشفت الصحيفة أنّ اللاعبين الرئيسين في القضية هما كلّ من باسل الجراح الذي حكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات وأربعة اشهر من قبل قاضي محكمة الفساد البريطانية قبل إثنى عشر يوما , والشخص الآخر هو هو المدير التنفيذي للشركة ( سايروس احسني ) , وقد كشفت الصحيفة تفاصيل كثيرة عن هذه الفضيحة الكبيرة .. وحين صدر قانون الادعاء العام بعد سنة من تاريخ نشر هذه الفضيحة كنّا نتوّقع من رئيس هيئة الادعاء العام السيد موفق العبيدي أن يمارس صلاحياته القانونية المنصوص عليها في المادة ثانيا والمادة خامسا من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 ويفتح تحقيقا موسعا في هذه الفضيحة والأطراف المتوّرطة فيها .. لكن وللأسف الشديد أنّ السيد رئيس هيئة الادعاء العام لم يحرّك ساكنا , بل ولم ينبس ببنت شفة , وكأنّ الفضيحة تتحدث عن إحدى بلدان جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية .. وكان الرأي العام العراقي يتوّقع بعد صدور الحكم بالسجن بحق باسل الجراح من قبل محكمة الفساد البريطانية , أن يقوم رئيس هيئة الادعاء العام السيد موفق العبيدي بإعادة فتح التحقيق مجددا بناء على هذه التطورات الأخيرة .. لكنّ السيد العبيدي الذي امتهن الصمت , أبى إلا أن يبقى صامتا وكأنّه من سكان القبور .. السيد رئيس الادعاء العام هل أنت على قيد الحياة ؟ وبالمقابل أين هو مجلس القضاء الأعلى مما يحدث ؟ ولماذا لا يمارس السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى صلاحياته القانونية بمعالجة الخلل في عمل هيئة الادعاء العام ووضع القانون رقم 49 لسنة 2017 موضع التنفيذ ؟ هل نحن نعيش مرحلة سبات القانون ؟
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق