تطرق ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 30 من صفر الخير 1432هـ الموافق 4-2-2011م إلى ما يجري من غليان شعبي وجماهيري وغضب من بعض الشعوب العربية ضد حكامها .. وتساءل عن الأسباب التي دعت هذه الشعوب إلى الانفجار الكبير والغضب العارم، وقال لو استقصينا الأسباب لوجدنا إن هناك سببين رئيسيين وهما:
أ- وجود فوارق كبيرة اجتماعية ومالية بين طبقة مترفة تتوفر لها جميع وسائل الراحة والتنعم الدنيوي وبين طبقات محرومة فقيرة تعاني من بطالة وحرمان وتفتقر إلى الحد الأدنى من وسائل الحياة الحرة الكريمة، وتعاني من أمراض لا تستطيع أن توفر عوائل المرضى لهم العلاج المناسب.
ب- وجود فساد مالي كبير بحيث يرى أبناء الشعب إن أمواله وثرواته تنهب ولا علاج جذري لها وكان من الممكن أن تستخدم هذه الثروات لإنعاش الوضع المالي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي لهذه الشعوب.
وأضاف سماحته إلى هذين السببين وجود دكتاتورية سياسية من خلال تسلط حاكم واحد أو حزب واحد بمقدرات الشعب، وتحكمها مع بطانتها والمقربين منها على ثروات البلد، مقابل وجود طبقات فقيرة وكبيرة تفتقر إلى أبسط مقومات العيش.
وناشد الحكام في المنطقة من اخذ الدروس والعبر من هذا الغضب الشعبي العارم وان الدرس الأساسي هو أن لا يأمن أي نظام سياسي يعيش شعبه هذه الظروف وخاصة وجود الفوارق الفاحشة بين طبقة مترفة متنعمة وفساد مالي وإداري وبين طبقات فقيرة محرومة، وبالتالي لا يأمن الجميع من حصول مثل هذه الحالة من الغليان الشعبي.
وتابع إن النظام الديمقراطي إن لم يوفر العناصر الأساسية التي يحتاجها الشعب من حرية التعبير وتحكيم إرادة الشعب وتوفر عناصر نزيهة خاصة كبار المسؤولين وما دونهم، ما تحفظ للشعب ثروته وأمواله وتحرص على رفع المستوى المعاشي لأبناء البلد خاصة الطبقات المحرومة وتحرص أيضا على أن لا تعيش بمستوى رفاهي أكثر بكثير من الطبقات المحرومة فان الغليان الشعبي وغضب المواطن سوف لا تكون بمأمن منه.
وأكد سماحته إن الفوارق الاجتماعية الفاحشة والفساد المالي وتنعم طبقة على حساب طبقات الشعب المحرومة تعد من الأسباب الأساسية لحصول مثل هذه الانفجارات الشعبية .. وقال تارة نجد شعباً بتمامه وحكامه يعيشون حالة من الفقر والعوز كما في بعض البلدان الأفريقية فهذا شيء وتارة أخرى نجد شعباً اغلب طبقاته تعيش حالة الفقر في حين إن طبقة تعيش حالة من الترف والتنعم، هذا الأمر لم ترضاه الشعوب الحرة لنفسها.
واستطرد سماحته إن النظام الديمقراطي إن لم يتوفر فيه مسؤولون يحرصون على أن لا يكون لهم امتيازات مالية واستغلال للواقع والمناصب لتحقيق امتيازات دنيوية ويحرصون على أن تكون معيشتهم قريبة لمعيشة أبناء الشعب ويحارب فيه الفساد المالي والإداري، وان يكون هناك تمثل حقيقي للسلطة التشريعية والتنفيذية لمن انتخبهم بحيث يحرص هؤلاء المنتخَبون على تطوير الواقع المعاشي والتربوي وتقليل الفوارق الطبقية، فان مثل هذا الوضع يُنذر أيضا بانفجار وان كان بعد حين.
وفي سياق آخر تحدث سماحة الشيخ الكربلائي عن مسلسل الاغتيالات بالأسلحة الكاتمة للصوت الذي يستهدف جميع شرائح مسؤولي الدولة من عسكريين ومدنيين وأصحاب كفاءات وبات مصدر قلق ورعب للجميع والذي قد يؤدي إلى إضعاف الأداء من قبل المسؤولين لمهامهم المكلفين بها على الوجه المطلوب، وربما يؤدي إلى إضعاف العلاقة بين المواطن والأجهزة الأمنية وزعزعة الثقة بها، وقد شخصّ البعض أسباب ذلك إلى حصول اختراقات في الأجهزة الأمنية من قبل العناصر الإجرامية التي تنفّذ هذه الاغتيالات، وطالب تفعيل الجهد الاستخباري داخل الأجهزة الأمنية نفسها بحيث يكون هناك خلايا استخبارية تعمل داخل الأجهزة الأمنية تحاول الكشف عن العناصر التي اخترقت تلك الأجهزة، ولا يمكن تقييم الأداء لضباط ومنتسبي الأجهزة الأمنية إلا من خلال العمل بالاتجاهات التالية:
أ- مكافأة العناصر المخلصة والكفوءة والنزيهة وتشجعيها على المزيد من الأداء.
ب- معاقبة المقصّرين ومحاسبتهم وإعلان ذلك لأبناء الشعب العراقي.
ت- الإعلان عن نتائج التحقيق التي تقوم بها اللجان التحقيقية وذكر أسماء المقصّرين ومحاسبتهم ومعاقبتهم بأسرع وقت ليكون ذلك رادعاً للبقية.
ث- تفعيل الأحكام القضائية الصادرة من القضاء المختص.
ج- عدم تدخل الكتل السياسية في أحكام القضاء الصادرة من محكمة التمييز والمحاكم الجنائية فان بعض القضاة ابدوا شكاواهم من حصول تدخلات من بعض السياسيين في سير عمل التحقيق وأحكام القضاء.
وعن مسألة ملء الوزارات الشاغرة بأشخاص يتصفون بالكفاءة والنزاهة والقدرة على أداء المهام الموكلة بالوزارة أكد سماحته إنه ليس من الصحيح أن تُدار هذه الوزارات من قبل الوكيل أو شخص يستلم مهام وزارة أخرى، لان رأس الهرم في أي موقع مسؤولية له دور كبير في تفعيل الأداء وضبطه، وأداء الوظائف الموكلة لذلك الموقع من المسؤولية باعتبار وجود الصلاحيات وتفرّغ المسؤول الأعلى لمهام الوزارة بخلاف من يشغل وزارتين أو مهمتين رئيسيتين فان الأمر يختلف تماماً حيث لا يمكن أن يتفرغ من يتولى مسؤوليتين لإدارة شؤون الوزارة كما ينبغي.
موقع نون خاص
أقرأ ايضاً
- كربلاء تمنح امتيازات إلى الكوادر التي ستشارك في التعداد السكاني
- ترامب يوافق على خطة أمريكية لحل الأزمة في لبنان
- البنتاغون: تزايد حالات الانتحار بين العسكريين الأمريكيين