بقلم: بركات علي حمودي
تلك الأيام الصعبة في العام الخامس بعد الألفين وما تلاها من سنتان او ثلاث ..
كانت ارقام شهداء الغدر تترى يومياً، كانت الأرقام تقول
40 شهيد في مستشفى اليرموك
50 شهيد في مدينة الطب
30 شهيد في مستشفى المحمودية
و 55 جثةً مجهولة الهوية في الشارع الفلاني و المنطقة الفلانية ..
فرغت الشوارع .. وعم الحزن الممزوج بالقلق من فقدان احباباً لنا على حين غره، وهذا ما حدث فعلاً حتى بدا لنا اننا نعيشُ كابوساً مزعج ولا نستطيع ان ننهض من نومنا كي نتنفس الصعداء لنقول ( الحمدلله كان كابوساً ) !
عاد هذا الإحساس الان .. على الاقل بالنسبةِ لي، في تلك الأعوام كنت عندما اريد النوم ليلاً أقول في نفسي ليت غداً سأنهض واستمع لنشرة الاخبار ولن اسمع مجدداً أعداد شهداء هنا وهناك وان الحرب الطائفية قد انتهت او ان حلاً قد حدث او اي شي يخطر على البال لينتهي ذلك الكابوس.
واليوم، عندما اخلد للنوم المرتبك عدتُ مجدداً لأتمنى ان انهض صباحاً وأقرأ آخر الاخبار في وكالات الأنباء وان لا اجد هناك ارقام جديدة لضحايا (كورونا) وان الازمة قد انتهت او ان حلاً صحياً قد حدث او اي شي لا يخطر على البال ينهي هذا الكابوس !
نعم .. هذه الأيام اصعب من تلك مهما حاولنا التخفيف من وطأتها او حاولنا ان نخدع انفسنا او نتهم هذا او ذاك ونرمي فشلنا على هذه الجهة او تلك، هذه الأيام تحتاج لوعي لننتصر، نحتاج لثقافة مجتمع انهكتهُ الخرافات واتباع الجهل ان كان شخوصاً او عادات.
لو اننا ضغطنا على انفسنا قليلاً وجلسنا في بيوتنا لايام عده قد تصل لأسبوعين مثلاً، كنا حتماً سنحمي انفسنا ونحمي آباؤنا وامهاتنا وأطفالنا، وكنا سنحمي بذلك جيراننا وكل من نعرفهم، عندما لا نختلط مع الناس ويكون خروجنا فقط للضرورة القصوى حتى نقضي على العدوى بين الأشخاص.
بيدَ ان عدم القناعة والفقر والعوز والعناد كسر ما كنا نعول عليه .. ما حدث وسيحدث لاحقاً لن يكون هيناً أبداً .. وربما سنحزن كثيراً ..
هذه المرحلة الصعبة، ستكون كمرحلة داعش والطائفية بالضبط، سنستخلص منها العِبر والدروس، فكما أخذنا دروساً في الوطنية ورمينا الطائفية نحن كشعب في سلة المهملات من تلك الحقبة المظلمة، فحتماً سنأخذ العبر والدروس من هذه الازمة وهذا الامتحان الصعب، سنتعلم ان نهتم اكثر في النظافة الشخصية واكثر حيطة من المحيط الذي يحيط بنا كأشخاص و جماعات، والأهم من ذلك ان نكون اكثر وعياً في اتباع من نتبع، وفي هذا الإطار فأن هذه الأيام اثبتت الكثير مما كان (البعض الكثير) متأكداً منه.
ربما سننتصر، كما انتصرنا في الاصعب الذي سبق .. وستكون (حكاية الأيام العصيبة) لنتذكرها بعد حين ونبتسم .. او لنحزن عندما نتذكر من فقدناهم بهذه الايام وفي تلك الايام العصيبة.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً