- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قناة الخليج - بحر النجف .. حقيقة ام اضغاث احلام ؟
بقلم | د. علي اللامي
تتداول وسائل التواصل الاجتماعي هذه الايام الموضوع اعلاه بكثرة وفي الاتي الرأي بخصوصها:
اولا. ان كان الهدف للملاحة كما روجت له بعض الاطراف فممكن الاستعاضة عنها بسكة حديد والتي كلفتها اقل كثيرا وتأثيراتها البيئية اقل ولا تقارن بأستقدام مياه مالحة. وعلى حد علمي توجد خطط لانشاء خط سكة حديد ضمن مسار النجف الاشرف. الامر الاخر لا اظن بوجود حركة تجارية عالية بين طرفي مسار القناة على غرار قناة السويس الثانية الموازية التي انشأها السيسي بعد عدم استيعاب حركة الملاحة الدولية في قناة السويس القديمة خاصة وان إيرادات مصر من قناة السويس تأتي في الدرجة الثالثة بعد السياحة والعمالة المصرية في الخارج. ومن المؤكد ان قناة النجف لن تربط بحار او خلجان او بلدان لتكون مبررا لأنشائها.. ومع ذلك ان وجدت حاجة للملاحة فسيكون خيار سكة الحديد الارخص والاكثر واقعية.
ثانيا. ان كان الهدف انتاج الطاقة فمؤكد ستكون المصادر الاخرى التقليدية منها او الطاقة النظيفة هي الاجدى.
ثالثا. وان كان لأستيعاب سواح مواقع التراث العالمي في الاهوار كما ذكر مقال احدهم فلا اظن يستدع انشاء قناة لتوفر الطرق البرية وممكن تطوير المطارات.
رابعا. وان كان لأستثمار الثروة السمكية فالبديل الافضل بدل ادخال مياه مالحة للعمق العراقي هو تطوير اسطول عراقي بحري للصيد في الخليج كما تفعل باقي البلدان وممكن منه الى اعالي البحار كما كان سابقا ايام السبعينات في العراق.
خامسا. وان كان الغرض امني كما قيل فموجود المصب العام.
سادسا. وان كان لانشاء موانيء اخرى فمشروع ميناء الفاو الكبير والذي يقع على الخليج ولا يحتاج قناة ومضى عليه عقد من الزمن وللاسف لا يزال مجرد مخططات فهو الاهم والاجدى خاصة مع فكرة ربطه بالبحر المتوسط بما يسمى بالقناة الجافة والذي هو فعلا سيد المشاريع وسيكون الاجدى حتى للملاحة الدولية وان تعطيل تنفيذه فيه خسارة كبرى للعراق لأنه سينافس حتى قناة السويس.
سابعا. وان كان لتحسين البيئة فنضمن لكم ان تأثيراته البيئية السلبية خطرة وسيضر بمخازن المياه الجوفية وستتراكم الاملاح خاصة وان ملوحة مياه الخليج بحدود ٤٠ بألألف وقد تزيد، الامر الاخر ان المياه المطلقة من العراق للخليج بما فيها مياه المصب العام تحمل مختلف انواع الملوثات، وبالتالي غير ممكن اي استخدام لها الا بعد تنقيتها تماما، اضف على ذلك ان مسارها في قناة من اقصى جنوب العراق الى وسطه في اجواء حرارة مرتفعة والاعلى على الكرة الارضية فمتوقع ان ترتفع نسبة التبخر وقد تبلغ الملوحة او تتجاوز في مسار القناة ال ٥٠ بالألف.. بمعنى ان كل ٢٠ لتر من هذه المياه فيه كيلو غرام من الملح!!!! بمعنى انها مياه لا تصلح لا للشرب ولا للري ولا للحيوانات ولا للأستزراع الا ربما بعد تقطيرها.. فهل سنقوم بتحلية هذه المياه على طول مسارها ؟ وهل تتوفر هكذا امكانية.. البصرة صار عقود ولم يتوفر لها مياه صالحة للشرب.
ثامنا. ماذا سنفعل بالمياه المالحة التي ستنقلها القناة من الخليج للداخل العراقي واين سيكون مصيرها ؟ بحر النجف او الرزازة ؟ وبعد ان يمتلئ كليهما الى اين ستصرف مياه البحر ؟ يتحدثون عن قناة ملاحية بتصريف عالي وعمق ملاحي.
تاسعا. هل سأل من يطرح الموضوع نفسه لماذا لا تقوم دول الخليج بتتفيذ هذه الفكرة خاصة مع انعدام الانهار فيها ؟ الجواب لانها فكرة عقيمة ليست ذات جدوى.
لذلك اقول ان هذه الفكرة وبكل صراحة لا تمت للواقعية بصلة.. مياه الخليج ممكن ان تكون ذات فائدة في موضوع توفير مياه شرب بالتقطير للبصرة وحقن آبار النفط اكثر من ذلك الامر يحتاج الى مراجعة جدية.
و عودة اخرى على المصب العام... هذا موجود وقائم ويعمل وميحتاج الجهد والكلفة التي تتطلبها الافكار الاخرى وايضا يمتد من وسط الى جنوب العراق فممكن التفكير جديا في كيفية تطويره والافادة منه مع العلم المسبق بنوعية مياهه والتي مع ما موجود فيها من ملوثات فهي اقل من ملوحة مياه الخليج بكثير بدلالة وجود اسماك المياه العذبة فيه.
ومرة اخرى اذكر بأهمية التركيز على المشاريع ذات الجدوى الحقيقية للبلد والتي ممكن ان تنهض بمستقبله وتؤمن للاجيال مستقبل زاهر الا وهو ميناء الفاو الكبير وربطه بالبحر المتوسط من خلال ما يسمى بالقناة الجافة.. واخشى ما اخشاه من صرف النظر عن هذا المشروع العملاق بسبب طرح مشاريع اخرى على غرار قناة النجف او الحزام الاخضر غرب العراق التي من الممكن ان تستنزف موارد البلد دون جدوى حقيقية منها وتشتت التركيز عن المشاريع الستراتيجية.
الحديث يطول في هذا الشأن واظن لا يحتاج حتى دراسة جدوى او أثر بيئي لأن اصل الفكرة ليست ذات جدوى ولا تعدو كونها اضغاث احلام.