- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الجهل أم الخوف الذي يمنع دعم قطاع تكنولوجيا المعلومات في العـراق؟
حجم النص
بقلم :علاء عبدالحسين الطائي
خطوط المقال العريضه
• لم ينل قطاع الـICT في العراق اي دعم من قِبل حكوماته المتعاقبة منذ وجوده كنشاط .
• المقومات الأساسية الـICT في بيئة العراق :-
المشاكل والحاجات, الطاقات والكفاءات, البنية التحتيه, المال, واخيرا القرار والتشريعات .
• تعظيم التأثيرات السياسية الإيجابية للإنترنت ، حيث احدث تحولاً واضحًا في أنماط استخدام الشبكة في العالم العربي ورفع معدلات استخدامها كوسيلة وكساحة للعمل السياسي، الأمر الذي يطعن في مقولة إن الإنترنت يمثل عالمًا سياسيًّا افتراضيًّا.
• أن اندماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مع العمل السياسي، أدى إلى إيجاد "ديمقراطية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أو الديمقراطية الإلكترونية أو الرقمية"، التي تعد نتاجًا للتكامل بين قيم وجوهر الديمقراطية كمفهوم سياسي واجتماع و تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كآلية ووسيلة لتعزيزها.
• أصبحت ICT أداة اتصال مباشرة بين الحاكم والمحكومين.
• التصويت الإلكتروني وأستثمار مواقع التواصل الأجتماعي ومواقع أستبيان الرأي والمواقع الألكترونية الأخرى في الحملات المرافقه للانتخابات يعد أبرز تطبيقات الديمقراطية الإلكترونية.
• اهم مستلزمات الحكم الرشيد في العصر الحالي هو وجود قطاع ICT قادر فعال مبادر ومتطور.
• إن لم يتم تدارك الأمر وأستيعابه و الأصرار على غياب قرارات و سياسات علمية واستراتيجية فإننا سنجد أنفسنا خارج التاريخ.
العالم اليوم يعيش ثورة حقيقية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ولم يعد الآن بإمكان أي دولة تتطلع للإنجاز والتطوير و تحقيق التنمية المستدامة على كافة الصعد أن تحقق ذلك دون جعل هذا القطاع مرتكزاً أساسياً لها.
تكنولوجيا المعلومات والأتصالات ICT هو الوسيلة بل المركب الصاروخي الذي نقل العالم والأنسانية الى ما كان يظن حتى وقت قريب انه سحر او خيال حتى بالنسبة لأكثر المتفائلين من المختصين, ان الأمر بات يجري بأيقاع متسارع وخارج المتوقع يضاف الى ذلك مايرافق منجزاته عند تطبيقها من سمات تتمثل بالسهولة واليسر واتساع النطاق وانخفاض الكلف والقدرة والموثوقية في تقديم حل شامل متكامل للمشكلة .
لم ينل قطاع الـICT في العراق اي دعم من قِبل حكوماته المتعاقبة منذ وجوده كنشاط , وللأنصاف فقد تحمل ومازال القطاع الخاص العراقي العامل في هذا المجال حصرا العبئ الأكبر وأدى مهام تفوق قدراته وما متوفر له من امكانيات وربما تعرض الى هزات وتحديات فاقت ما تعرض له اي قطاع اخر فعلى سبيل المثال تحمل مخاطر خرق العقوبات الدولية والحصار وغياب التأمين والضمان وقسوة التعاملات الماليه المفروضه على النشاط العراقي لأتمام عمليات الشراء والنقل ثم امتناع المجهز عن تقديم الدعم الفني والتدريب والصيانة وتسارع عمليات التطوير والتحديث للمنتجات ومايرافق ذلك من اضطراب الأسعار و وبيروقراطية وتسلط النظام السابق وكثير من الصعوبات والتحديات الأخرى التي رافقت هذا النشاط .
سوق ICTالرئيسي في العراق " شارع الصناعه " قام منتصف التسعينات بمبادرات فردية متواضعه (اشبه بالدكاكين) بالأعتماد على مدخرات وامكانات فردية حتى ان احدهم باع بيته ليمول مشروعه فتندر وآخر اجل حلمه في زواج او امتلاك بيت وهكذا . ومع ذلك فقد شكل هذا النشاط الرئة والجسر الوحيد لنقل وادخال التكنولوجيا الى العراق في سنوات عجاف قاسية وكذلك أنتج فئة متنوعه من المتخصصين والفنيين فكان خير رافد وعون للدوله والمجتمع معا ومن دونه لكان كثير من العراقيين الى أمس قريب غير قادرين عن التمييز بين الحاسوب والتلفاز وكان ذلك بأمكانات ذاتية وفردية دون ادنى عون او تسهيل من الدولة ويمكن الرجوع الى كثير ممن عايشوا هذه التجربة ليؤرخ لها.
تقييم المقومات الأساسية الـICT في بيئة العراق :-
أستند هذا التقييم الى وجهة النظر التحليلية المتخصصه المبسطة حيث هناك أربع مقومات اساسية :-
- المشاكل, نعني بها الحاجات وهي كثيرة وتتدرج في درجة تعقيدها , في جميع المجالات وعلى جميع الصعد وهو ما يعني للـ ICT المجال الواسع الرحب للعمل فالعراق ارض بكر ذات فرص واعدة خاصةً لو ابتدءنا في تنفيذ ماهو مطبق بنجاح لدى اخرين ( نسب النجاح مرتفعه لأن العمل سيكون تكرار لتجارب ناجحه) ويمكن الأستعانة بنظم القياس والتحليل لتحديد الأولويات وأختبار النتائج .
- الطاقات, يخطئ من يظن ان ليس في العراق كفاءات او طاقات مؤهله وهو خطء صريح, كما انه لا يجوز حصر توفر الطاقات بالقطاع العام (لا طعنا به ولكنه يعاني بالمجمل من نظامه الأداري والتدريبي الغير ناجح) فعن تجربة ودراية وجدنا ان الكثير ممن يدير ويعمل في المؤسسات العلمية و الأسواق المجاورة هم من العراقيين وغالبا ما بنوا خبراتهم في الداخل من خريجي جامعاتنا وقد اسسوا لعملهم في العراق اولا , ومن المهم ان نعلم ان الأبداع والأنتاج في قطاع ICT لا يتطلب كماً بل نوعاً, اي يكفي ان نستقطب شخص واحد بمواصفات وقدرات ممتازه ليقود مشروعاً ويقدم حلاً يعمل فيه مئات او ربما الألاف كذلك وجدت أسماء بعينها لتخلق شركات كبرى وتقدم منتجات إعجازية مثل بيل غيتس و ستيف جوبز و نورتن و مارك زوغربيرك وغيرهم ومن غير المقبول ان نقول لا يوجد بين العراقيين من لديه بذور هذه الصفات او القدرات (وهم متوفرون ويمكن التواصل معهم ويتمنون العمل للعراق إن توفر الأطار والناظم ).
قطعا وعن يقيناً مسنداُ الى الدراية والتجربة العملية ويبتعد عن العاطفة, ان شباب الدول والشعوب الصاعدة من أسيويين وعرب ليست بأقدر من الشباب العراقي المتعلم , كما ان الأمر تراكمي تدريجي لا يمنح او يشترى فجأة دون سابق تدبير.
- البنية التحتيه , نعم انها ضعيفه وغير مضمونه لكن يمكن تدعيمها وتوفير ما يجعلها قادرة لتوفير الخدمة ولو لسد حاجة بعينها فمثلا في مجال الطاقه لا احد ينكر انه بالأمكان توفير طاقه مستمرة لمكان او منظومة ما طوال الوقت , في مجال الأتصالات ايضا الـ ICT كيف نفسه للعمل في ادنى مستوى من الأتصال واصبح بالأمكان الأكتفاء بشبكة الهاتف النقال او شبكات اللاسلكي لتمرير كل الأشارات اللازمة لعمل اغلب نظم المعلومات وبفاعلية ممتازة وايضا من خلال استخدام تقنيات وحلول مستحدثه تمازج بين توفر الأتصال وغيابه , وكذلك حين التحدث عن المباني والأمن والخدمات الأخرى فلا نستطيع ان نقول انها غير موجوده او لا يمكن تأمين حدها الأدنى اللازم ثم ان ماسبق من صبر و أنتظار طويل قد مكن الحكومات من حلحلت هذه العوائق وبات الفرج قريبا.
- المال , فقط انا اسأل هل هو موجود في العراق ام لا ؟؟ دعوني استعير تعبير لوزير بلديات سابق في تعليق على كلفة تنفيذ مشروع (نظام معلومات خدمي) " نحن نصرف على رصف شارع اكثر من هذا المبلغ", كما أن وتيرة الاختراعات المتسارعة في قطاعICT ذاته، قلصت بشكل كبير تكاليف الحصول على هذه التكنولوجيا وعموما ان مشاريع الـ ICT هي مشاريع واطئة الكلفه نسبياً اذا ما قورنت بغيرها وما تحققه من عائد ولو أريد لها ان تكون ذات عائد مادي فيمكن تحقيق ذلك سريعاً اذا ما لامست حاجة المجتمع وتفاعلت معه اذ يمكن ان يكون هناك اكثر من شريك (للحكومة) في التمويل من المجتمع بقطاعاته المختلفه ولدينا تجربة القطاع الخاص العراقي كما اسلفنا الذي أعتمد الى حد كبير على المجتمع وهو الأن بطبيعة الحال (المجتمع) اكثر قدرة و وعيا ورغبة عن ما كان.
- واخيرا القرار والتشريعات , وهي حسب رأيي المتواضع و رأي اخرين علة العلل و العائق المانع الكئيد في قيام قطاع الـ ICT بأداء دوره لصالح الدوله والمجتمع ليخلصهما من الكثير من المشاكل ويسهم في رفع وتحسين الأداء والأنتاج وخفض التكاليف و الهدر ويجعل الناس اكثر سعادة , كيف اذا ما اضفنا الى هذا العامل ما استقر في نهجنا وثقافتنا في العمل ومعالجة الأمور تحت قاعدة " اذا اردت الخلاص فلا تحرك ساكن ولا تسكن متحرك " , اذا لابد من قرار حازم من اعلى المستويات في الدولة يلزم الهرم الأداري لها بالتطبيق وبتدرج وألا فهو مهدد في موقعه كما حصل ويحصل فعلا في دول مجاورة و غيرها , كذلك من توفر حزمه راشدة من التشريعات واللوائح التي تنظم وتدعم عملية التنفيذ ومن يقوم عليها مستندين في ذلك على اسس وقواعد وفرها الدستور .
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات _ وسيلة التحدي والتحريض للأحسن :-
لقد تغيرت رؤية الشعوب لأدوات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي أصبحت منبرًا مهمًّا لحرية الرأي والتعبير، ومنفذًا جيدًا للمشاركة في الشأن العام، وفي إيجاد حلول للقضايا المجتمعية وقد ساهم اتساع نطاق النفاذ للإنترنت وحجم الشرائح الاجتماعية المستخدمة في تعظيم التأثيرات السياسية الإيجابية للإنترنت ، فقد تركز هذا التوسع داخل قطاع الشباب بالأساس، حيث احدث تحولاً واضحًا في أنماط استخدام الشبكة في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، في رفع معدلات استخدامها كوسيلة وكساحة للعمل السياسي، الأمر الذي يطعن في مقولة إن الإنترنت يمثل عالمًا سياسيًّا افتراضيًّا.
لهذا، يجب تطويع أدوات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للاشتباك الإيجابي مع قضايا المجتمع، وإيجاد حلول تكنولوجية مبتكرة لها، بمعنى أن يكون قطاعًا يحمل رؤية مجتمعية تنطلق من مبدأ ليس تطوير القطاعات الخدمية للمواطنين فقط بل تغيير العقلية الإدارية للدولة ومؤسساتها التي تقدم الخدمات المختلفة للمواطن، بشكل ينقل البلد لمرحلة تسودها مفاهيم المواطنة الرقمية والمجتمع التكنولوجي بما يتناسب مع حجم التغير السياسي والاجتماعي والأقتصادي الذي حدث بعد عام2003 .
لقد أصبح دعم الحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية، هو الخيار الوحيد أمام الدول لتحقيق طموحات وآمال شعوبها.
والواقع أن اندماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مع العمل السياسي، أدى إلى إيجاد آليات وطرق عمل جديدة لممارسة الديمقراطية والعمل السياسي، فيما يمكن أن نطلق عليه ديمقراطية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أو "الديمقراطية الإلكترونية أو الرقمية"، التي تعد نتاجًا للتكامل بين قيم وجوهر الديمقراطية كمفهوم سياسي واجتماع و تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كآلية ووسيلة لتعزيزها.
أصبحت ICT أداة اتصال مباشرة بين الحاكم والمحكومين، بل أصبح للأفراد دور مؤثر عبر استخدامها في الرقابة على الأداء الحكومي، ومكافحة الفساد، وممارسة الضغط على الحكومة، والتأثير في الرأي العام، وصناعة القرار السياسي .
ولعل التصويت الإلكتروني وأستثمار مواقع التواصل الأجتماعي ومواقع أستبيان الرأي والمواقع الألكترونية الأخرى في الحملات المرافقه للانتخابات يعد أبرز تطبيقات الديمقراطية الإلكترونية.
ان نشر واعتماد هذه التكنولوجيا يضفي طابع ديمقراطي على الدولة والمجتمع, وباب لتمكين البسطاء الذين يستخدمونها لتحسين سبل عيشهم، كما تُسَهل تطبيق برامج الحد من الفقر.
إن من اهم مستلزمات الحكم الرشيد في العصر الحالي هو وجود قطاع ICT قادر فعال مبادر ومتطور, وبغيابه يستحيل ان ينال الحكم هذه الصفة مع هذا الكم المتزايد والمتسع من المشاكل والتحديات التي تتطلب سرعة في أتخاذ القرار وتغييره في الوقت والمكان المناسبين وتأمين العدالة وفرص المشاركة والأمن لجميع أبناء المجتمع من خلال نظم وخدمات كفوءة وذكية تستهدف راحة المواطن وحمايته مع توفير اقصى قدر من الشفافية والمساواة وعندها يصبح المجتمع اكثر انتاجاً والفرد اكثر ايجابية وسعادة وتنجح الحكومة وتترسخ الدولة على طريق الرقي والنجاح .
إن لم يتم تدارك هذه الأمر وأستيعاب المتغير المعلوماتي و الأصرار على غياب قرارات و سياسات علمية واستراتيجية واضحة المعالم تسير جنبًا إلى جنب مع خطط التنمية لتؤسس خطوات راسخة لإرساء مجتمع المعلومات و محاولة إيجاد موقع ضمن زمرة الدول التي سبقتنا بهذه النقلة النوعية، فإننا سنجد أنفسنا خارج دائرة الأحداث و بالتالي خارج التاريخ.
أمل في ان نجد الجواب على الســــؤال مهمــا كـان و نتــــجاوزه ســـريعـاً ..
باحث في علوم الحاسوب و تكنولوجيا المعلومات
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- القصف الذي أراح بايدن
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة