- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حوادث السير تتفاقم والفصول العشائرية تستهين بأرواح الضحايا

بقلم: صادق الازرقي
تتزايد حوادث الطرق في العراق بمعدلات متصاعدة، فيما كشف المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان، عن إحصائيات خطيرة بشأنها، محذرا من أن العراق جاء في المرتبة 37 عالميا من اصل 206 بلد بعدد تلك الحوادث، وذلك رقم مرتفع كثيرا.
والمتطلع للحوادث التي تأتي بها الاخبار عن حوادث الطرق في العراق لن يلحق على وتيرتها المتسارعة فهي تأتي بالساعات اذا لم يكن بالأيام او الأسابيع.
وتزايد حوادث الطرق في العراق يعود إلى أسباب رئيسة، تتعلق بعوامل بشرية وعمرانية وقانونية، من أبرزها، ضعف البنية التحتية وسوء التخطيط، و تهالك الطرق كون كثير من الشوارع والطرق السريعة في العراق لاسيما بين المحافظات غير مهيأة لحركة المرور الكثيفة، وتعاني من الحفر والتشققات.
كما تغيب الإشارات المرورية وعلامات التحذير، ويوجد ضعف في صيانة بعض الإشارات المتواجدة وتغيب الإرشادات ما يؤدي إلى ارتباك السائقين ووقوع الحوادث، فضلا عن ضعف او حتى انعدام الإنارة في الطرق الخارجية فيؤثر الظلام على الرؤية الليلية، مما يزيد من خطر الاصطدامات.
و هناك سلوكيات خاطئة لكثير من السائقين و الاستخفاف بقوانين المرور والقيادة بسرعة مفرطة يؤدي إلى فقدان السيطرة على المركبات، كما ان كثرة استعمال الهواتف المحمولة تشتت انتباه السائقين، وعدم الالتزام بربط حزام الأمان، يزيد من خطورة الإصابات في حالة وقوع حادث.
والقيادة تحت تأثير المخدرات او الكحول تؤثر على القدرة على التحكم بالمركبة والاستجابة السريعة.
كما جرى تشخيص استعمال سيارات قديمة ومتهالكة، اذ ان بعض المركبات غير صالحة للسير بسبب مشكلات فنية، ما يؤدي إلى تعطلها في الطرقات ووقوع حوادث، وان غياب الفحص الدوري الإلزامي للمركبات و عدم تواجد رقابة على الحالة الفنية للسيارات يزيد من مخاطر الأعطال المفاجئة.
وان ضعف تطبيق القوانين وغياب العقوبات الرادعة وتراخي تطبيق القوانين المرورية، يدفع كثيرا من السائقين الى عدم الالتزام بالقواعد لأنهم يعلمون أن العقوبات غير جادة أو يمكن تجنبها بالرشوة أو الوساطات.
فيما يحذر مراقبون ومختصون من ان إحالة قضايا الدهس التي تفقد فيها أرواح الناس بسبب الحوادث، الى إجراءات و"گعدات" عشائرية، يؤدي الى الاستهانة بأرواح الناس من جراء التعويض بالفصل عن المتوفين واستسهال نتائج تلك الحوادث، بدلا من عد الدهس جريمة يتوجب عليها عقوبات قانونية قاسية لردعها.
ان غياب أنظمة الرادارات الحديثة وكاميرات المراقبة يقلل من فعالية فرض القوانين، فضلا عن عدم تواجد حملات توعية كافية بشأن مخاطر السلوكيات الخاطئة في القيادة.
ويؤدي سوء استعمال الدراجات النارية والتكتك والستوتات والقيادة العشوائية لهذه الوسائل في الشوارع المكتظة، وغالبا من دون رخصة قيادة، إلى عديد الحوادث القاتلة.
وتتأخر الجهات المعنية في إجراءات تخفيف الحوادث او الحد منها ومن ذلك تحسين البنية التحتية بصيانة وتعبيد الطرق، وإنشاء أنفاق وجسور لتخفيف الازدحام، و تطبيق القوانين بصرامة وذلك بفرض عقوبات مشددة على المخالفين وتفعيل الرادارات والمراقبة الذكية، وتعزيز الوعي المروري بإطلاق حملات توعوية لرفع الثقافة المرورية لدى المواطنين، وفرض فحص دوري للمركبات بمنع سير السيارات غير الصالحة على الطرق.
ومن الإجراءات تنظيم عمل التكتك والدراجات النارية بإصدار قوانين خاصة بهذه المركبات وإلزام سائقيها برخص قيادة وتأمين.
ويقول مختصون انه إذا لم يجري اتخاذ إجراءات صارمة، فإن معدلات الحوادث ستستمر في الارتفاع، ما يؤدي إلى مزيد من الخسائر البشرية والمادية؛ ومن اهم الإجراءات تطبيق العقوبات القصوى بحق من تثبت عليهم ارتكاب عمليات الدهس ومتابعة السائقين الهاربين بعد تسببهم في تلك الحوادث.
ان غياب الرادع القانوني بحق مرتكبي حوادث وجرائم السير يؤدي إلى زيادة نسبة الحوادث بشكل ملحوظ لعدة أسباب منها انه عندما يدرك السائقون أن العقوبات غير مشددة أو يمكن تجنبها بالرشوة أو الوساطات، يصبحون أكثر تهورا في القيادة، مثل، تجاوز الإشارات الحمراء من دون خوف من المخالفة، والسرعة الزائدة في الطرق السريعة والمناطق السكنية، و التجاوز الخطر وعدم احترام الأولويات في السير والقيادة بعكس اتجاه السير.
ومن المخاطر الأخرى المشخصة، انتشار القيادة من دون رخصة أو تأمين، ففي ظل ضعف العقوبات، يزداد عدد الأشخاص الذين يقودون من دون رخصة أو تأمين، مما يعرضهم والآخرين للخطر، لأنهم غالبا ما يفتقرون إلى المهارات المطلوبة للقيادة الآمنة؛ وعندما يرتكب سائق حادثًا خطيرا ولا يواجه عقوبة مناسبة، فإنه قد يكرر الخطأ نفسه، ما يؤدي إلى وقوع مزيد من الحوادث.
كما ان غياب العدالة يؤدي إلى انتشار الفوضى المرورية، اذ ان عدم معاقبة السائقين المتهورين يولد شعورا بعدم العدالة بين السكان، ويؤدي ذلك إلى انتشار ثقافة الفوضى في الطرق، اذ يشعر الجميع بأنهم قادرون على كسر القوانين من دون عواقب.
ان زيادة الحوادث تعني مزيد من الوفيات والإصابات، مما يؤثر على العائلات والمجتمع بأكمله، والحوادث تسبب خسائر اقتصادية كبيرة، سواء بسبب تلف المركبات أو تكاليف العلاج والتأمين.
ان تشديد العقوبات على المخالفين، مثل فرض غرامات مالية كبيرة والسجن وسحب رخص القيادة، يشكل احد الروادع للحوادث وكذلك تفعيل الرقابة الإلكترونية باستعمال كاميرات المراقبة والرادارات لضبط المخالفين.
كما ان إلزامية التأمين على المركبات بحيث يتحمل المخطئ التعويضات كاملة، وكذلك تعزيز الثقافة المرورية عبر حملات توعية مستمرة يمثلان دوافع للسياقة الآمنة.
إذا لم تكن هناك قوانين رادعة في البلد، فإن الحوادث ستستمر بالازدياد، مما يؤدي إلى مزيد من الأرواح المفقودة والخسائر الاقتصادية الكبيرة.
وتعد القيادة في العراق صعبة للغاية بسبب خطورة الطرق على المركبات والإطارات والاكتظاظ المروري، اذ ان الحوادث غالبا ما تكون غير متوقعة، ويمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة والطرق الوعرة إلى تلف الإطارات بشكل متكرر، مما يجعل القيادة محفوفة بالمخاطر.
أقرأ ايضاً
- شرط (حسن السيرة والسلوك) في الوظائف العامة.. شرط قانوني ام إسقاط فرض ؟
- الأحداث المتشردون.. ثنائية الضحايا والجنوح
- حوادث السير في العراق.. إحصائيات مخيفة تفوق ضحايا الإرهاب