- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حوادث السير في العراق.. إحصائيات مخيفة تفوق ضحايا الإرهاب
بقلم: د. زياد حازم ابراهيم - اختصاص صحة عامة
ذكر الجهاز المركزي للإحصاء بوزارة التخطيط العراقية ان حوادث السير حصدت حياة اكثر من ثلاثة آلاف شخص خلال عام 2022، فيما شهد كل من عام 2020 وعام 2021 (وفق تقريرين اصدرهما الجهاز المذكور) وفاة اكثر من الفي شخص نتيجة حوالي ثمانية آلاف حادث سير في كل عام، أي بمعدل 22 حادثا باليوم تودي بحياة 6 أشخاص يوميا.
وفي وقت سابق قال احد القضاة لصحيفة القضاء ان الارتفاع الخطير في معدلات تلك الحوادث وحالات الدعس يعود الى السياسات غير المدروسة في إدخال واستيراد المركبات والدراجات ووسائل النقل الأخرى (كالتكتك) من حيث الاعداد الهائلة والكبيرة لتلك المركبات والتي لا تتناسب وحاجة البلد ولا تتناسب مع الطرق والشوارع الحالية. وبحسب إحصائيات سابقة، فإن ضحايا حوادث السير تفوق ضحايا الإرهاب والانتحار. وتم الكشف كذلك من قبل مجلس القضاء الأعلى (منذ أكثر من عامين) عن تصدر الدراجات النارية وعربات التكتك المركز الاول في حوادث السير. ويقول احد القضاة ان اكثر الحوادث تقع بالدرجة الاولى في الطرق السريعة نتيجة السرعة الزائدة من قبل السائقين وعدم عبور المواطنين من الأماكن المخصصة للعبور او عدم وجودها، اضافة لحوادث الدراجات والتكتك.
من جانبه أكد أحد قضاة تحقيق مدينة الصدر في تصريح سابق ان أغلب سائقي الدراجات هم من الأحداث واليافعين ولا يحملون إجازات قيادة رسمية وان معظم الدراجات غير مسجلة ولا تخضع لشروط السلامة والامان.
وبالنظر لزيادتها، فقد تشكلت محكمة التحقيق والجنح المختصة بقضايا حوادث السير (وبموجب المادة الحادية والثلاثين من قانون المرور رقم 8 لسنة 2019).
وبلغت اعداد الاصابات المختلفة بعموم المحافظات في عام 2021 حسب إحصائية لوزارة الصحة العراقية حوالي 132 ألف، كان عدد الاصابات المميتة منها اكثر من 12 ألف إصابة، غالبيتهم من الذكور.. وجاءت إصابات حوادث الطرق (وفق تلك الاحصائية) بالمركز الاول، واكثرهم من سائقي السيارات والدراجات النارية والمشاة. وبحسب تلك الوزارة، فان العراق قد تصدر باقي الدول عالميا بحوادث الطرق خلال ذلك العام حين بلغت حالات الوفاة اكثر من 4800 شخص ، بمعدل يومي وصل الى 13 شخصا.
وقبل فترة ، اعلنت ادارة احد المستشفيات العامة في بغداد عن تسجيلها 120 إصابة جراء حوادث الدراجات او التكتك خلال شهر واحد فقط، فيما اعلنت ادارة احد المستشفيات المتخصصة بالإصابات العصبية عن استقبالها 54 إصابة بحالات كسور ونزف بالدماغ بسبب الدراجات النارية وخلال شهر واحد أيضا.. فيما ذكرت دائرة الصحة بإحدى المحافظات ان نصف ضحايا حوادث السير قبل عامين كانت جراء قيادة الدراجات النارية وخاصة من قبل المراهقين والشباب والتي أضافت حينذاك عبئا مضاعفا على ردهات الطوارئ بتلك الدائرة.
وبينت مديرية المرور العامة في احد تقاريرها التي أصدرتها نهاية العام الماضي ان اكثر من ستمئة ألف دراجة نارية موجودة في عموم العراق، منها ما لا يقل عن ربع مليون دراجة في العاصمة بغداد، والكثير منها غير مسجلة. ونتيجة لكل ذلك، أصدر مجلس الوزراء العراقي في ايار 2023 قرارا يمنع بموجبه سير الدراجات النارية دون حجم 40 سي سي على الطرق السريعة منعا باتا ، اضافة الى إيقاف استيراد التكتك والدراجات وايقاف منح اجازات إنشاء الخطوط الانتاجية للدراجات او تجميعها، وتحديد فترة ثلاثة أشهر لتسجيل الدراجات كافة.
ومع ذلك لا نزال نلاحظ استمرار سير الدراجات وعربات التكتك في الشوارع العامة وحتى الطرق السريعة، غير مبالين بكل تلك القرارات وحتى بوجود عناصر شرطة المرور والأجهزة الساندة لهم في التقاطعات والشوارع، وغير ملتزمين بقواعد السير وأمام مرأى المرور أنفسهم الذين لا يبذل معظمهم أدنى جهد في محاسبتهم او توجيههم وكأنما أصبحوا خارج نطاق المحاسبة التي باتت تقتصر فقط على سائقي السيارات، على الرغم من تلك الإحصائيات المخيفة المذكورة والتي يكون سببها في الكثير من الأحيان عدم امتثال سائقي الدراجات والتكتك لقواعد السير وقواعد السلامة وعدم وجود من يلزمهم بتنفيذ قوانين المرور. والخشية كذلك من أن كاميرات المراقبة ورادارات السرعة (التي من المقرر أن تبدأ مديرية المرور العامة بنصبها بعد انتهاء الفترة التجريبية) سيقتصر دورها فقط في متابعة السيارات وتبقى الدراجات وعربات التكتك خارج حدود المحاسبة، وبدون ان يتم كبح جماحها وتبقى بدون متابعة لترقيمها او متابعة التزام سائقيها بتعليمات السلامة (مثل لبس الخوذة والتي بدأت مرور اربيل إجراءات مصادرة دراجات من يثبت عدم لبسه لها).
ان من الضروري الالتفات لإحصائيات حوادث السير المذكورة وإيلاء هذا الموضوع الأهمية القصوى، وذلك من خلال توحيد جهود كافة الجهات ذات الصلة من أجل حماية المجتمع العراقي من حالات إصابات ووفيات تلك الحوادث (والتي من الممكن الوقاية منها) والحد من حصولها، ومن خلال فرض إجراءات رادعة ضد المخالفين، وتطبيق القانون على الجميع بدون استثناء.