بقلم:رحيم الشاهر
قدرة الزمن تكمن في الحدث.. ولولا الحدث لما كان للزمن من اثر يذكر ، السراب والحقيقة داخلان حتى في نسيج كينونة الزمن بصنع الهي يتحدى كل الخوارق ، الزمن فراغ لايشتغل إلا في تراكم الأحداث ، فهو كالطريق لم يكن يسمى بالطريق لولا المركبات والماشية! ، ولولا الأحداث لكان الزمن هواء في شبك ، وفي الاحداث الفاصلة ، تبدأ القضية من حيث انتهت في مداخلة زمنية معقدة ملخصها: أننا عشنا من البداية باتجاه النهاية ، ومن النهاية باتجاه البداية .. وعندما تقرر رحيلنا ، انكشف لنا أن الزمن فراغ للحدث بدليل ان استرجاعنا لسيرتنا لايتم الا من خلال براهين الأحداث ، لا من خلال ساعات الزمن ولحظاته!.. وهذا مايفسر لك ان مامضى دوما اقصر مما آن ، وما آن اقصر من المستقبل، وهذا ماذكره الله تعالى : "قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين"(مؤمنون: 112)" قالوا لبثنا يوما او بعض يوم فاسأل العادين "(مؤمنون:113)، "قال إن لبثتم الا قليلا لو انكم كنتم تعلمون"(:مؤمنون:114)"افحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لاتُرجعون"(مؤمنون: 115)، الزمن أشبه بالسارق 00 واللص المخادع ، بمجرد ان يوشك الحدث على نهايته او بدايته تراه يتنصل عنك ، فتنشغل بالحدث ، ولم تعد تفكر بالزمن ، الا بعد ظهور ملامح ماكان خفيا من مستور( المسقبل)الذي صار حاضرا مفاجئا! ، أي بمعنى انك في حياتك المعاكسة ، او المزدوجة الأحداث جاهزة في مخيلتك نقشها الغيب على ذاكرتك ، لكنها ظلت رهينة التعمية ، وانك فوجئت بها لأنك أصبحتَ معلقا في فراغ الزمن، وان المألوف الذي اعتدتَ عليه لم يعد ينفعك ، أنت تعيش نسختين نسخة جاهزة ، واخرى معرفة تتطابقان عندك في أزمات الحدث الصادم ، كمفاجأتك بالموت، او فقدان عزيز توده ، او حصول حدث مارد ، فتظهر عليك علامات تشم رائحتها من ذاكرتك ، لامن انفك ، ولكنك لاتستطيع تفسيرها00 علامات الخوف ، والندم ، والزهد ، والتوبة ، وتعرق الجبين ، والقشعريرة، وهذا مايفسره قوله تعالى"ويقولون متى هذا الوعدُ ان كنتم صادقين"(النمل:71)"قل عسى ان يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون"(نمل 72)00وهذا اسميه بمصطلحاتي التي يحفظها عني المنصفون( مضغوط الذاكرة الزمانية)، فهل أرعبتُك حقا من حيث لاادري ؟!إليك إذن المفاجأة الأخرى: التي اسميها بمصطلحاتي المبتكرة( مضغوط الذاكرة المكانية) ،هل فكرت يوما كيف صعق إبراهيم ع في سورة هود ، قال تعالى"ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلامٌ فما لبث أن جاء بعجل حنيذ "(هود :69)"فلما رأى أيديهم لاتصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوالاتخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط"(هود:70) ، ان صورة الفراغ المكاني ، والزماني التي جمعت إبراهيم ع بالملائكة ، كانت مضغوطة مليارات المرات ، بما حقق تجلي الملائكة في عين (إبراهيم ع) بصورة البشر ، وهم طبعا من جند السماء للقضاء على عتاة الأرض .. فربما كان الواحد من هؤلاء الملائكة اكبر من الكرة الأرضية بسبعين مرة! ، ولكنه مضغوط بما يناسب المهمة التي ارسل من اجلها 00 هذه القضية التي انزف خيالي فيها، شغلتني زمنا طويلا ، ولم أجد أحدا من الفيزيائيين والاينشتاينيين ، قد تطرق لها بمايشبعها 00 وان المقاربة بين عالم إبراهيم ع وعالم الملائكة كانت تبعث على الرعب ، عندما شك إبراهيم ع أنهم ليسوا بشرا ، وليسوا من عالمه المحسوس ، فالقرية والأرض ، وما امتد له بصرك وخيالك، كلها فزعة من زائر السماء الذي لايأكل ، ولا يشرب ، ولكنه سيقلب عاليها سافلها ،الملائكة جالسوا إبراهيم ع في بيت صغير ، ولكن من عالم بعيد ، فكان يراهم أشبه بالمغشي عليه ، في عالم من زجاج كشف له ان في الموضوع أمرا مريبا 00 وهذا معنى قوله تعالى:( فلما رأى أيديهم لاتصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة )00( ونكرهم في عرفي اللغوي تعني تحديدا تصادم جنسه مع جنسهم كونهم يمثلون هيبة السماء في الأرض!) إنها خوارق إبداع الله تعالى التي لو هلك فيها مليار (اينشتاين) ومليار (ستيفن هوكنغ) ، فلن يغطي سرا من أسرارها 000
إنني اجهل بما علم الله تعالى وما خلق
أقرأ ايضاً
- رائحة السماء- مقالات تنقي البحوثبقلم
- الامام الكاظم (ع) من النعش الغريب المنادى عليه بأستخفاف الى مرقد يعانق السماء و تشيع ومسير الملايين من القلوب المحبة
- الإمام الحسن (عليه السلام).. غيث السماء