- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
متى يكون لروح "كرش" بعرض السماء ؟
بقلم _ فاطمة فرمان
في عصر العولمة الجميع مشغول في التطور و النهضة الأقتصادية و محاربة التقشف و غيرها من هذه الامور، التي يلهث من اجلها معظم سكان هذا العالم الكبير، يا ترى هل سألنا أنفسنا.. ماذا سنحصل من هذا الركض السريع ؟ بعض من المال لشراء سيارة او بيت في احد اركان الزقاق الفاني!
هل سألنا انفسنا لماذا كلما نركض اكثر خلف هذا السراب نفقد البراءة و نزداد نفاقا! و نبتعد عن الجوهر الثمين الذي خلقنا من اجله!
البعض نسي دينه و عاداته بسبب هذه الامور، وكلما تقوم بنصيحته يقول الكلمة الشهيرة "مشغول"!
نعم، التنمية البشرية افادتنا بعض الشيء لـ النهضة الذاتية و تحقيق احلام الفرد و عدم اليأس، و ما جاءت به التنمية البشرية من مبادئ ترفع لها القبعة لأنها لا تريد سوى العالم يمتلئ بالخضار، حياة تشبه البنفسج و التوليب...
و ماذا بعد!
هنا المحطة الجديدة التي لا بد من الوقوف فيها و النهل من منابعها ألا و هي " الثقافة "، قبل البدء بأهمية الثقافة و ابعادها التي تفوق المئة، لا بد من تعريف الثقافة في اللغة و الاصطلاح، لكن قبل ان اعرف اريد ان اذكر شيء، في فترة التطبيق في احد المدارس سألت طالباتي في الصف الرابع أعدادي" علمي " ما معنى الثقافة! كان جواب الاغلبية المطالعة و القراءة و واحدة من طالبات قالت ملعقتين قراءة و فنجان قهوة و رشة من الدبلوماسية.. يكون الشخص " مثقف "!
جواب الطالبة الاخير نعم فيه الطرفة ؛ لكنه ممتلئ بالحزن لمن يفهم الثقافة و يريد ان يحرر الناس و لا سيما الجيل الناشئ من المفاهيم الخاطئة السائدة!
على أي حال عزيزي القارئ، الثقافة لغة بمعنى التهذيب و التشذيب، كان العرب سابقا يقولون: ثقف السيف اي هذبه من الصدأ " الزنجار ".
و الثقافة اصطلاحا: تهذيب الروح من جميع الشوائب التي لا تليق بها و جعلها براقة كالذهب!
بالمعنى الدقيق ان نتخلص من الكذب و النفاق و الرياء و الخيانة و كل الصفات الرذيلة و التحلي بمكارم الاخلاق و القيم و المبادئ..
هناك قصة خطرت في بالي الآن فيها ثقافة عالية المستوى، يروي احد العلماء، كنت جالسا بعيدا عن احد المحلات و كان عند صاحب المحل جالسا احد المعصومين عليهم السلام وكان يلاطفه الحديث، بعد لحظات جاءت امرأة فقيرة و قالت لصاحب المحل: انا امرأة فقيرة و عندي ايتام، هل تشتري مني هذه الاشياء القديمة بثلاثة دراهم ؟ اجابها صاحب المحل: هذه الاشياء تستحق خمسة دراهم و لا اريد ان ابخس حقك فيها، فأعطها خمس دراهم ؟
بعد لحظات اشار أليّ الامام المعصوم وقال تعال، عندما اقتربت منه قال لي: هذه هي الاخلاق التي نريدها '*.
صاحب المحل كان بأستطاعته ان يقول للمرأة اشياءك لا تستحق درهم ؛ لكنه و بحسه المرهف أرادها ان تسعر بالعز لا بالذل و قال لها تستحق خمسة دراهم! هذه هي الثقافة الحقيقية المليئة بالإحساس بالآخر
يا ترى نحن اليوم هل لدينا هذا الإحساس!!
نعم أيّها السادة نحن مشغولين ليلا و نهارا في البطون و كيف نملئ المعدة ؟
هل فكرنا يوما ان ننشغل في روحنا و نكبر حجمها، و نجعل لها " كرش " بعرض السماء!
هل فكرنا ان يسير الإحساس بالآخر في دمنا كما كان المعصومين عليهم السلام!
و مسك الختام قول الإمام علي الهادي "عليه السلام ": الدنيا سوق ربح فيها قوم و خسر آخرون ".
★القصة ليس نصاً بل مضمون
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!