- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
يرجى تصحيح المسار يا جماهير الكرة
بقلم: حسين فرحان
لم أنتظر فوز المنتخب العراقي في مباراته مع الأردن، ولم أنتظر منه التأهل -وهو بهذا المستوى- لبطولة عالمية كبيرة مثل كأس العالم؛ لذلك سأترك الحديث عن هذه الجوانب الفنية التي أعلم جيدا أنها وليدة أعوام طويلة من التخبط والفساد وسوء التخطيط..
سأتحدث عن مسار متعرج شائك سلكه الكثير من الناس في التعاطي مع الحدث الرياضي المرتبط بالمنتخب الوطني في فعاليات رياضية سابقة مثل كأس الخليج وفعاليات جديدة كان أهمها لقاء المنتخب العراقي بالمنتخب الأردني والتي صارت سلوكا معتادا لا مبرر له فيما لو أجرينا مقارنة مع ما تفعله جميع دول العالم حال استضافتها لبطولات رياضية أو مباريات لفرقها الوطنية.. وسأوجزها في نقاط عدة لعلها تكون كافية -وهذا ما أرجوه- لإحداث تغيير واقعي لما يجري من تصرفات مبالغ بها الى أبعد الحدود:
١- الشعب العراقي معروف بكرمه، وطباعه، ومواقفه تشهد له بذلك، ولكن هذا لا يعني التخلي عن استثمار مجيء الضيوف العرب والأجانب في تحريك عجلة الاقتصاد المتعثرة، واستغلال هذه المحافل الرياضية في خلق فرص العمل للشباب و تشغيل ما يمكن تشغيله من منشآت كالفنادق، و المناطق السياحية، والمطاعم و شركات النقل، والصيرفة، وغيرها، فهذا حق طبيعي للدولة والشعب، وهو المعمول به في كل بقاع العالم.
٢- ينبغي التفريق بين قضية خدمة زوار الإمام الحسين (عليه السلام) الوافدين لأداء الشعائر الحسينية والزيارة في مواسم الحزن وفق ما نصت عليه الروايات الشريفة في فضل وأجر خدمتهم وبين قضية السياح القادمين بطبولهم لمشاهدة (لعبة) كرة القدم التي يلتقي فيها كل من هب ودب بل حتى من لا حظ له في الاسلام أو الايمان.
٣- فتح الحدود والغاء الرسوم وتسهيل الاجراءات و التبرع بالسكن والمأكل والنقل وغيرها لا تقابل بالمثل فيما لو كان الجمهور العراقي هو المسافر لتلك الدول، فلا النظام في البلدان المستضيفة للجمهور العراقي يتسامح في حقوق شعوبها ولا الشعوب ستفتح أبواب بيوتها أو فنادقها بالمجان بل سيجد الجمهور العراقي نفسه أمام أسعار سياحية لا تقبل الجدل ولن يكون هناك دخول مجاني ولا إقامة مجانية ولا نقل ولا طعام.. كل شيء بحساب.. فلماذا ننفرد بهذا العطاء اللا محدود في استقبال ضيوف الملاعب؟ ولماذا نشكر عليه في البطولات ونذم به في أيام الاربعين مع أن الكرم هو الكرم!؟
٤- القضية الأخرى التي ينبغي الإشارة إليها تكمن في طريقة التشجيع التي يتبعها البعض باستحضار الاسماء المقدسة للأئمة (عليهم السلام) وزجها ضمن هذا الحراك الانفعالي في لقاءات وحوارات وهتافات وأهازيج و في أوساط تنافسية محمومة و مشحونة بالتوقعات وهي بالنتيجة خاضعة لمفاهيم الربح والخسارة التي تحددها طبيعة اللعبة وأداء اللاعبين.
٥- ثقافة الحضور للملاعب وفق الآليات المعمول بها وعدم تجاوزها، فقد لوحظ عدم اكتراث الكثير من المشجعين لموضوع (العدد المحدد) والطاقة الاستيعابية للملاعب فترى تواجد عشرات الآلاف من المواطنين خارج أسوار الملعب وتزاحمهم مما يحدث فوضى عارمة في المكان تؤدي بالنتيجة الى حدوث ضغط هائل على الجهات الرسمية و على المنشآت الرياضية بالاضافة الى الجهد الضائع والوقت الذي تم هدره في قطع مئات الكيلومترات دون جدوى من ذلك.
ربما لا يرضى البعض عن وجهة النظر هذه، و ربما سيبرر مجانية الاستقبال بالكرم والجود والضيافة، ويبرر التزاحم بسوء التخطيط من قبل الحكومة، ويبرر طبيعة الهتافات بالعفوية، و سيجد ألف عذر وعذر لذلك ولكن قبل ذلك أرجو أن يجيب عن سؤال واحد فقط: إذا كنت أنت المسافر لتشجيع فريقك في أي دولة من هذا العالم فهل ستجد لديهم ما منحتهم أنت؟ صدقني لن تجد ولن تجد.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- الحجُّ الأصغرُ .. والزِّيارةُ الكُبرىٰ لِقاصِديِّ المولىٰ الحُسّين "ع"
- من يوقف خروقات هذا الكيان للقانون الدولي؟