في العشرة الاولى من شهر محرم الحرام يخرج اكثر من الف مشارك يسيرون في شارع العباس والعتبتين المقدستين وما بين الحرمين مرددين ردات حسينية اختص بها موكب جمهور طرف العباسية، تنتقد الفساد والظلم والتخريب والسرقات وكل امر يلحق الضرر بالشعب والوطن، انها كراديس توارثت هذه الخصوصية منذ العهد العثماني الى يومنا هذا، حيث يرددون (15) ردة انتقادية لاذعة للوضع الفاسد على غرار (اسنين لا خدمة ابد لا بنية تحتية.. وخيراتنه كلهه صفت بيد الحرامية.. الشعب لمن سكت حكامه كلها طغت) وايضا ردت اخرى تقول (فقير الما يحصل قوت يومه.. من ينتفض ضدهم لا تلومه.. دولة مقصرة وياه.. يثور الظلم خلاه) و(من شاع السلاح بهاي غاية.. صرنه بوسط غابة بلا حماية.. وسلاح الشعب صوت.. رغم الخطف والموت).
ويقول كفيل موكب جمهور طرف العباسية الحاج حامد كاظم الوزني لوكالة نون الخبرية، ان "موكب جمهور طرف العباسية يعد من اكبر واقدم مواكب واطراف كربلاء القديمة حيث تأسس في العام 1888 اي قبل (134) عام واول تكية نصبت في شارع العباس (عليه السلام) كانت عام 1919 مقابل الزوراء الآن في بيت الراجد واول عزاء نزل الى الميدان بشكل منظم كان عام 1921، وكان كفيله الملا علي المختار ويدخل الى مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) ويختتم مسيره في مرقد الإمام الحسين (عليه السلام)، ونعتبر من واجباتنا الالزامية والمقدسة ان نعلم الصبية والشباب على خدمة المواكب الحسينية واحياء الشعائر كمال تعلمنا من ذوينا ممن سبقنا من الاجداد والاباء وننقلها الى الاحفاد لذلك ترى في الموكب اعمار مختلفة من الشيخوخة وكبار السن والشباب والصبية، ويلتحق كل اهالي الطرف بتلك الشعائر، وكانت سابقا التكيات قليلة وديكوراتها تصنع من الخشب وفيها (40 ــ 45) لالة نفطية من نوع (دبل فتيلة) ولازلنا نحتفظ بهن الى اليوم واشهر الشعراء القدماء الذين كانوا يكتبون الردات الحسينية الثورية هم الحاج رضا النجار والشاعر عبد علي خاجي والشاعر عبد الزهرة الشرطي".
واضاف، ان "الموكب يتميز بضخامة الاعداد المشاركة فيه والسبب ان طرف العباسية يعد من اكبر اطراف كربلاء القديمة وفيه زخم سكاني، وله نهج خاص بالردات الحسينية سار عليها الموكب منذ عهد الدولة العثمانية مرورا بالاحتلال البريطاني والملكية والجمهوريات حيث يعمد الشعراء على كتابة ردات انتقاد وتقريع وفضح الفساد والظلم والجور وسلب الحقوق واي سلبية تلحق الاذى بالناس والوطن، ومنذ (134) عام نعمل بنهج الإمام الحسين (عليه السلام) وهو الاصلاح وندافع عن المستضعف والفقير وحقوق الشعب وهي خصوصية تفرد بها موكب جمهور طرف العباسية، وحاليا لدينا ثلاثة شعراء يكتبون الردات، وعملية التحضير للموكب تبدأ بعد انتهاء شهر رمضان المبارك وتجتمع لجنة خاصة من الموكب وتقرر كل الامور اللوجستية وتكتب (150) ردة حسينية انتقادية لاذعة ضد حالات فساد وتخريب وظلم وجور آنية يعاني منها الشعب والوطن موزعة على الايام العشرة الاولى من شهر محرم بواقع (15) ردة يوميا، جاهزة ومخطوطة على لوحات بالوان واضحة ويتدرب عليها المشاركون بالعزاء وعلى الحانها ولدينها (15) هيئة في الموكب يتكفل مسؤولي الهيئة بتدريب المشاركين على القراءة والحفظ للردات ويتكفل الشعراء بتدريبهم على الطور الذي يردده المعزين ليكونوا جاهزين لادائها خلال المشاركة في العزاء الحسيني، ويبلغ عددا اعضاء الموكب الكلي اكثر من الف مشارك".
واوضح الوزني، ان "الموكب كان يشهد مضايقات كثيرة من السلطات المتعاقبة ومثال ذلك ان والدي كاظم العبيس كفيل طرف موكب جمهور العباسية في العام 1967 توقف في الحجز على يد متصرف كربلاء (المحافظ) جابر حسن حداد في حينها بسبب الردات التي انتقدت الحكومة ولولا تدخل وجهاء وسادات كربلاء وافهام مدير الامن السري حينها ان من ردد هتافات معادية هم من خارج الموكب لما اطلق سراحه، وفي حينها تم نفي (21) شابا كربلائيا من مدينة كربلاء المقدسة الى مدينة الموصل ومنعوا من العودة لديارهم بسبب الردات الثورية التي كان يرددها الموكب، وخلال منع الشعائر من قبل النظام الصدامي المباد استمرت مواكبا بشكل مختصر وبحلقات ضيقة في البيوت وفي السر مع استمرار الانتقادات للوضع الراهن حينها رغم خطورة الموقف، ومن يحدد ماهي المواضيع التي يجب انتقادها هم الشعراء الذين يراقبون الوضع السياسي والتقصير بالخدمات والظلم والجور فيكتبون ما ينتقدها من ابيات الشعر وفي بعض الاحيان تحصل احداث آنية متسارعة مثلما يحصل الآن في العراق فيغير الشعراء الردات لانتقادها ويحفظها المعزون بسرعة، وموكبنا يقيم العزاء في كل المناسبات التي تخص وفيات وولادات الائمة الاطهار (عليهم السلام) ويقدم فيها الشراب والطعام، وتجتمع عندنا مواكب اهالي كربلاء وتنطلق من طرفنا الى النجف الاشرف والكاظمية وسامراء المقدستين لاقامة العزاء والمجالس الحسينية وتقديم الطعام والشراب للزائرين والمعزين، وكذلك في ذكرى اربعينية الامام الحسين (عليه السلام) نختص بمهة واحدة هي اطعام الزائرين بوجبتين على مدى زخم الزيارة ونستضيف اعداد اخرى للمبيت في بيوتنا، والانفاق على الموكب تضامني بين اهل الطرف وبدون تحديد للمبالغ التي يجمعونها".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- (122) شهيد وجريح في قصف واحد.. سيدة لبنانية تروي قصة استشهاد شقيقتها و(5) ومن افراد عائلتها
- لـ"تطوير المهارات".. إيفاد أعضاء مجلس بغداد إلى وجهات سياحية عالمية
- بعد الانتخابات.. أزمة قانونية وسياسية تنتظر الإقليم والبوصلة تتجه لـ"الاتحادية"