- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قمة ترامب ـ كيم .. فرصة اخيرة للتعقل
عباس الصباغ
بدد اللقاء التاريخي الذي جمع الرئيس الامريكي ترامب وغريمه الكوري الشمالي كيم في اندونيسيا، جميع السحب القاتمة التي كانت تنبئ بحدوث تصادم نووي بين البلدين والذي يحرق العالم اجمع، فما مازال هنالك هامش للحنكة السياسية والتعقل ومراعاة مصالح الشعوب بل والسلم العالمي معا، ولجم الاصوات التي كانت تلوّح بالأزرار النووية، وبعد عداء طويل وحروب كلامية وتراشق اعلامي متبادل ووضع كوريا الشمالية على راس محور "الشر" بالمفهوم الدوغمائي الامريكي الى ان بات العالم يترقب حدوث الحرب العالمية الثالثة وسيطرة شبح ناكزاكي وهيروشيما مجددا، يعزز ذلك امران: الاول تقلبات وتناقضات مزاج ترامب وخاصة انسحابه من اتفاقية (5+1) مع ايران والتي كان يلوّح بالانسحاب منها في برنامجه الانتخابي، وما رافق هذا الانسحاب من ردود افعال ممتعضة حتى من داخل الولايات المتحدة ذاتها وعدَّ قرارا متهورا وغير مدروس لأنه جاء عكس رغبة الاسرة الدولية في إبعاد شبح التوتر عن الشرق الاوسط المنطقة الاكثر سخونة في العالم، والثاني دوغمائية وراديكالية كيم، والتغريدات الصارخة والمتبادلة فيما بينهما والتي كانت تعيد أجواء الحرب الباردة مابين المعسكرين الغربي والشرقي بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد انفراد الولايات المتحدة كقطب اوحد غداة تلاشي الاتحاد السوفياتي، وهو انفراد لم يعجب كوريا الشمالية التي حاولت ان تكسر هيمنته فبدأت حرب باردة من نوع اخر في ظل انسداد القنوات الدبلوماسية وضمور لغة التهدئة والتعقل السياسيين لسنين طوال الى ان ادرك المجتمع الدولي ان المحرقة النووية / البالستية قادمة لامحالة ، فقد عاش العالم على صفيح ساخن حذرا من تكرار رعب جعجعة الازرار النووية المتقابلة، وكان يساعد على ذلك لغة التوتر والتشنج التي كان يتكلم بها كل من ترامب الرأسمالي وغريمه كيم الشيوعي المتعصب الذي ايقن ان انسحاب ترامب من الإتفاق النووي مع إيران لا يشجعه على رمي جميع أوراقه في سلة اتفاقية واحدة وعليه التحرك خطوة خطوة بانتظار الآتي وان كان هذا اللقاء بحسب ترامب هو لقاء الخطوة الواحدة الا ان الامور تشي بان القادم يخبئ في طياته اخبارا سارة للجميع .
و قبل ذاك قد حبس العالم انفاسه خشية انفلات الامور من عقالها، وكان يساعد على ذلك "مزاج " الرئيس ترامب المعروف بتقلباته وتناقضاته الحادة ، ومن جهة اخرى "مزاج الزعيم" الشاب كيم الذي عرف عنه ايضا بحديته وقسوته المفرطة حتى مع اقرب الناس اليه، ولم يتنفس العالم الصعداء الا بعد اللقاء "الحميم" والتاريخي واليتيم الذي عقد بين الجارتين الكوريتين اللدودتين وبعد ثلاث حروب دامية بينهما ابان الحرب الباردة ، وهو لقاء مهّد تلقائيا للقاء التاريخي الدراماتيكي بين طرفي المشكلة ترامب وكيم، اللقاء الذي جعل يسترد العالم انفاسه بصعوبة بعد ان تناقلت شاشات التلفاز خبر لقاء الزعيمين ترامب الرأسمالي وكيم الشيوعي واللذين ـ فيما يبدو ـ انهما ادركا ان الدبلوماسية هي انجع الحلول لتلافي الحرب النووية التي قد تحرق الاخضر واليابس ليس في شبه الجزيرة الكورية او شرق اسيا جارةً معها الولايات المتحدة نفسها ومنها الى العالم اجمع، وان الامن القومي لايستدعي لغة المهاترات ابتداء من "التغريدات " النارية والصارخة وعرض العضلات عن طريق اجراء الاستعراضات العسكرية الصاخبة، وليس انتهاء بلعبة التخويف من الضغط على الازرار النووية وحسب "مزاج" الرئيس.
ويأمل العالم ككل ان يكون اللقاء التاريخي بين ترامب وكيم خارطة طريق في نزع ترسانات الاسلحة النووية وغيرها من اسلحة الدمار الشامل ليس على مستوى شبه الجزيرة الكورية فقط بل وفي عموم العالم ويكون مقدمة لجهود اممية في هذا السياق فالامور تسير على مايرام ان صدقت "نوايا" ترامب في هذا المجال الذي تطالب ادارته كوريا الشمالية بترحيل جزء من الأسلحة النووية في وقت مبكر كخطوة لإظهار اعتزامها للنزع النووي وتحقيق التفكيك النووي بهذه الطريقة حتى عام 2020، الذي تنتهي فيه ولاية الرئيس ترامب، لاستخدام ذلك كنجاح دبلوماسي لترشيحه لولاية أخرى، والامر مرهون ايضا بـ"نوايا" كيم الذي أكد التزامه بنزع كامل للأسلحة النووية ويمكن التحقق منه ولا عودة عنه وان شبه الجزيرة الكورية ستخلو كليا من السلاح النووي . وان غدا لناظره قريب.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً