د. غالب الدعمي
منذ أكثر من سنتين وأنا أسمع أخبار غير سارة ترد إلى مسامعي مصدرها كلية بغداد للعلوم الاقتصادية تفيد بوجود صراع كبير يدور بين تدريسييها الذين انقسموا إلى أحزاب ودول ومقامات تبعاً إلى الجهات التي تدعمهم، غير مكترثين بالمعايير التعليمية التي لابد من توافرها في هذه الكليات، مما ينعكس على المستوى العلمي لهذه الكلية الجامعة والتي تضم أكثر من خمسة آلاف طالب وتوفر رواتب وحياة كريمة لأكثر من أربعمئة عائلة عراقية ينتمون الى النسيج الوطني المتنوع، ولكن الصراعات والتدخلات السياسية قد تعصف بمسيرة هذه الكلية.
وكأن الصراع الذي يحصل أشبه بلعبة جر الحبل بين فريقين تساوت قوتهما وبقيا على حالهما فلم ينتصر الفريق الأول ولم ينهزم الفريق الآخر، واستند كل منهما على قوى حزبية لدعم موقفه لدى الجهة التي تمتلك زمام التغيير، وقد وينطبق قول الشاعر قيس بن الملوح على جهة الفصل في قصيدته حين قال:" الكل يدعي الوصل لليلى - وليلى لا تقر لهم بذاكا" وليلى هنا وزارة التعليم العالي التي لم تفصح لغاية اللحظة عن قرارها المناسب الذي يُقَوِّم الاشياء ويجعلها في الطريق السليم الذي يتناسب مع المعايير الأكاديمية ويبعدها عن التجاذبات السياسية وضغوطها وصراعاتها التي لا تنتهي.
الفريق الأول يدّعي أنه جاء لأجل تخليص الكلية من الوجود البعثي الذي يسيطر على مجريات الأمور فيها، في حين يدّعي الفريق الآخر أن خصومه بشعارهم هذا وهو مجرد كلمة حق يراد بها باطل وأنه (الفريق الآخر) هو من يتولى تنظيف الكلية من بقايا البعث، والصراع مستمر والتدخلات تزداد والخطر يداهم العوائل التي تسترزق من موارد هذه المؤسسة التعليمية.
أنا لا أدّعي أني أعرف مجريات الأمور وتفاصيلها لكن أجزم أن هناك ثلاثة أسباب رئيسة تقف وراء هذا الصراع، السبب الأول: يتعلق في السعي من أجل السيطرة على الموارد المالية الكبيرة في هذه الكلية، والسبب الآخر يتعلق في محاولة السيطرة على الإدارة لإشباع حالات في مكنونات النفس الإنسانية وطموحها، والسبب الثالث والذي لا يقل أهمية عما ذكرنا هو الصراع السياسي الذي انعكس على إدارتها.
وقد لا يحق لي أن أقدم حلولاً في موضوع لست جزءاً من أجندته وغير منتمي لفريق على حساب فريق آخر، وما يهمني رصانة التعليم وخلوه من الطارئين، والحل من وجهة نظري يكمن فيما يأتي: إعفاء البعثيين المثبتين لدى هيئة المساءلة والعدالة من أية مناصب إدارية في الكلية من ذوي الدرجات الذين حددتهم الهيئة في قانونها، سواء فيما يتعلق بمنعهم من التدريس أو إعفائهم من المناصب بحسب درجاتهم الحزبية وبحسب قانونها، وعدم استثناء أي منهم على وفق تزكيات من هنا وهناك، والخطوة الثانية تغيير عميد الكلية ومعاونيه وروساء الأقسام جميعاً، والخطوة الثالثة: عدم إسناد أي منصب أكاديمي أو إداري لغير الاختصاص، والخطوة الرابعة تجنب محاربة التدريسيين في أرزاقهم والابتعاد عن سياسية الانتقام التي ربما تجري في الكلية في حالة حسم الصراع لفريق على حساب فريق، هذه الرسالة أوجهها تحديداً للأستاذ المثابر مدير التعليم الأهلي السيد علي رزوقي لما أعرفه عنه من مرونة كبيرة وحكمة لمستها عن قرب لدى لقاءاتي الرسمية به.