- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أثر الإعلام في توجيه الرأي العام
القاضي علي كمال
يلعب الإعلام دورا هاما ومؤثرا في توجهات الرأي العام واتجاهاته وصياغة مواقفه وسلوكياته من خلال الاخبار والمعلومات التي تزوده بها وسائل الاعلام المختلفة اذ لا يستطيع الشخص تكوين موقف معين او تبني فكرة معينة الا من خلال المعلومات والبيانات التي يتم توفيرها له ما يؤكد قدرة الاعلام بكافة صورة واشكاله على احداث تغييرات في المفاهيم والممارسات الفردية والمجتمعية عن طريق تعميم المعرفة والتوعية والتنوير وتكوين الرأي ونشر المعلومات والقضايا المختلفة في الوقت الذي اصبحت فيه وسائل الإعلام جزءا اساسيا من حياة الشعوب والمجتمعات بفعل استجابتها ومواكبتها للتطورات والمستجدات الحاصلة في شتى المجالات الحياتية وقدرتها على الوصول الى الجماهير ومخاطبتها والتأثير فيها.
وهذا يتطلب ضرورة مراعاة ظروف كل مجتمع وبيئته الثقافية والقيمية والفكرية بشكل يضمن احترام هوية هذا المجتمع وخصوصيته دون ان يعني ذلك تجاهل الاخر وعدم جواز التعرف على ثقافته وحضارته اذ لا بد من التواصل والتفاعل معه والاستفادة مما لديه من علوم ومعارف بعد ان اصبح العالم بفضل الثورة العلمية والتقنية والاتصالاتية اشبه ما يكون بقرية كونية صغيرة تتداخل فيها المصالح والاعتبارات بين دول العالم وشعوبه.
لقد اصبح الاعلام لغة عصرية وحضارية لا يمكن الاستغناء عنها او تجاهلها ما يتطلب فهمها واستيعابها من خلال امتلاك مقوماتها وعناصرها ومواكبة التصورات التي تشهدها وسائله المختلفة حيث تعددت ادوات الاعلام وتنوعت وأصبحت أكثر قدرة على الاستجابة مع الظروف والتحديات التي يفرضها الواقع الإعلامي الذي بات مفتوحا على كل الاحتمالات في ظل ما تشهده ادواته ووسائله المختلفة من تطورات وابتكارات نوعية بررت تناوله وطرحه العديد من القضايا التي أحدثت اهتماما واسعا ولافتا في مختلف الميادين على كافة الصعد واذا كان من حق الرأي العام ان يعرف الحقيقة ويتابع ما يجري من احداث على الساحة المحلية والاقليمية والدولية فان التعاطي مع هذه الاحداث ونشرها ومتابعة ما يجري منها يجب ان يتم وفقا لضوابط مهنية ومعايير أخلاقية وانسانية وموضوعية تراعي التوازن بين حق الجمهور بالمعرفة وبين مرجعيته الثقافية والاخلاقية والدينية على اعتبار ان المعايير الفاصلة بين اعلام واخر هي في النهاية معايير مهنية واخلاقية تجسد اطرا مرجعية يمكن الاستناد اليها في التمييز بين السلوك الايجابي والسلوك السلبي، وبالتالي التفريق ما بين ظواهر سلوكية مقبولة واخرى مرفوضة.
ان اهمية الاعلام لا تكمن في اقتنائه ومجاراة الاخرين في استخدامه وتوجيهه وانما في كيفية استعماله وتوظيفه بشكل هادف وعلى نحو يجعله قادرا على التعبير الموضوعي عند تناول القضايا المختلفة بحيث نضمن وسائل اعلام باطار مرجعي كفيل بتوفير تغطية منهجية تتماهى مع قواعد (علم) الاعلام ونظرياته بعيدا عن العفوية والارتجال وربما هذا ما تفتقد له الكثير من وسائل الاعلام في وقتنا الراهن للأسف بعد ان رهنت سياساتها وتطلعاتها بالتعايش مع متطلبات السوق (الإعلامي) بما يضمن لها ترويج سلعتها الإعلامية في اكبر عدد ممكن من الاسواق لضمان وصولها بالتالي الى اكبر عدد ممكن من جمهور المتابعين وهذا هو الشيء الذي ربما اعطى المجال لحدوث ممارسات اعلامية خاطئة وضبابية خلقت حالة من التيه والارباك اثارت الشكوك حول حقيقة دور وسائل الاعلام في الحياة العامة وما اذا كانت تقوم بالفعل بتأدية رسالتها المفترض بما هي توعية وتثقيف ام لا، الامر الذي وفر اجواء عامة بررت الوقوف عند الكثير من المحطات الخلافية والاشكالات التي فرضت نفسها على الاحداث.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!