- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حرب شيعيّة شيعية !؟ وهل يحترب الشيعة فيما بينهم ؟
حجم النص
بقلم: نجاح بيعي الخلافات السياسية الموروثة , والتقاطعات المذهبيّة والإثنيّة , الحاصلة بين مجمل القوى السياسية العراقية , والتي كانت سببا ً لتكريس الفساد في الدولة , وللتدخلات الأجنبية ولظهور الإرهاب بعناوينه المتنوعة , هو المشهد الذي ساد ويسود الساحة السياسية منذ سقوط الصنم عام 2003 م وللآن. وبقيت التجاذبات فيما بين القوى تتذبذب , فتسخن تارة فتصل الى حدّ الإحتراب الدموي , وتبرد تارة أخرى فتصل الى حدّ التوقيع بعد التي واللتيّا على وثائق شرف فيما بينها. وكانت للقوى السياسية الشيعيّة حصة الأسد في هذه المعادلة. وكان من الممكن أن ينجرّ هذا الصراع السياسي نتيجة التدخل الأجنبي في الشأن العراقي , ويتطور الى صراع طائفي وإثني بين مكونات الشعب ويهدد السلم الأهلي , طبعا ً بتناغم واستجابة من أمراء الفساد والحرب والسياسة في الداخل. وهذا ما حذّرت منه المرجعية العليا منذ عام 2004 م. حينما قالت في جواب سؤال (صحيفة نوفيل أوبزرفاتر) الفرنسية: " هل ترى في الوقت الحاضر أن الشيعة في العراق أكثر توحداً وتعاوناً وتقارباً فيما بينهم عن قبل ؟ ". فكان الجواب: " إذا لم تتدخل الأيادي الأجنبية في الشأن العراقي , فسيكون كل الشعب في العراق أكثر انسجاماً وتقارباً لا خصوص الشيعة ". www.sistani.org/arabic/archive/240/ إن إصرار وعناد القوى السياسيّة على عدم ترك الخلافات والتناحر من أجل المصالح والمنافع , والمكابرة بعدم أخذ النصيحة من أحد , كفيل بأخذ البلد وشعبه الى حضيض الهاوية. حتى كانت النتيجة وبسبب نهجهم الخاطئ أن استبيح العراق من قبل تنظيمات عصابات داعش عام 2014م , بعد إن صار مرتعا ً للخارجين عن القانون. وقد نبهت المرجعيّة العليا القيادات السياسية حينها (خلال خطبة الجهاد في 13/6/2014م) الى مسؤولياتهم تجاه بلدهم العراق , وناشدتهم الى ترك الخلافات والتناحر, خلال هذه الفترة على اقل تقدير , وأن يوحدوا كلمتهم وموقفهم ويدعموا القوات الأمنية!. https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=164 عدم قدرة القوى السياسية على حل الخلافات المتجذّرة في ما بينهم , بحيث عرّض أمن العراق وشعبه للخطر الجسيم , دليل عدم وعيهم للمسؤولية الملقاة على عاتقهم. نتيجة انغماسهم وراء طلب المصالح المختلفة. وكرّرت المرجعية مناشدتها لهم مرارا ً وتكرارا ً بترك الخلافات حتى (بُحّ صوتها): " وقد بُحّت أصواتنا بلا جدوى من تكرار دعوة الأطراف المعنيّة من مختلف المكوّنات الى رعاية السلم الأهلي والتعايش السلمي بين أبناء هذا الوطن، وحصر السلاح بيد الدولة ودعوة المسؤولين والقوى السياسية التي بيدها زمام الأمور الى أن يعوا حجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم وينبذوا الخلافات السياسية التي ليس وراءها إلّا المصالح الشخصية والفئوية والمناطقية، ويجمعوا كلمتهم على إدارة البلد بما يحقّق الرفاه والسعادة والتقدّم لأبناء شعبهم ". / خطبة صلاة الجمعة 22/01/2016 م https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=248 ولم يكن من القوى السياسية والمسؤولين إلا ّ المضيّ بعنادهم المعهود وكأنهم يسيرون وفق منهج مرسوم ومتفق عليه , بأن لا يكون لهذا البلد أي استقرار أو رفاهيّة. مما اضطرت المرجعيّة لأن تقرر احتجاجا ً في يوم 5/ 2 /2016 م الإمتناع عن تناول الشأن السياسي خلال خطب الجمعة إلا عند الضرورة!. https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=250 إذا ما اعتقدنا بأن المرجعيّة العليا , كانت فعلا ً صمام أمان لعدم نشوب حرب مكونات أو حرب طائفيّة , ولولا وقفاتها المتعددة وآخرها كانت بصدّ هجمة داعش , ومن يقف ورائها بفتواها التاريخيّة فتوى الجهاد الكفائي , لكان الإحتراب على أوجّه بين المكونات , وبهذا يُسقط الرهان على الحرب الطائفيّة!. وإذا كان كذلك.. لماذا إذن كلما تجدد خلاف هنا أو هناك , بين القوى السياسية (الشيعيّة) , وينعكس على أنصارهم ومريديهم , تعلو معها صيحات شبح الحرب الشيعيّة الشيعيّة!؟. ألم يكتفي أمراء الفساد والحرب والسياسة بما حل بالعراق وشعبه ومقدساته ؟. هل فعلا ً هناك أجندات أجنبيّة تدفع اليوم لحرب تستعر أوراها داخل المكوّن الواحد ؟. هل يخيّم فعلا ً شبح الحرب الشيعيّة الشيعيّة ؟. أم هناك أجندات تدفع الى حرب , بين أحزاب وكتل سياسية (إسلاميّة) شيعية , متنافسة حول السلطة والنفوذ والمال ؟. ويعيدنا الى المربع الأول كما كان الحال عشيّة انبثاق الحكومة عام 2006 م ؟. وهل سجل لنا التاريخ حرباً شيعية شيعية حتى نخشى من تكرارها ؟!. ماذا لو كانت هذه كلها إشاعة وكذبة , أطلقتها الأحزاب الشيعية نفسها , لتتخندق وتتمترس بالمذهب حفاظاً عن مصالحها ومكاسبها الحزبية , وإسقاطا ً وتسقيطاً لمنافسيها ؟. ولو افترضنا جدلاً وقوع مثل هكذا حرب , هل بإمكاننا أن نسمّي المتحاربين شيعة ؟. وهل الشيعة يتقاتلون فيما بينهم ؟. وهل سجّل لنا التاريخ حربا ً وقعت بين الشيعة أنفسهم ؟. وهل يمكن أن نتصور حينها انقسام المراجع الدينية والفقهاء الى معسكرين متضادّين , هذا يفتي بقتل ذاك , وذاك يفتي بقتل هذا ؟. مَن هو الشيعي وما صفاته ؟. لكي أجنّب نفسي القتل بالحرب لو نشبت!. لكي لا أدخل في معمعة معرفة الأجندات الخارجيّة وأهدافها ومن يقف ورائها , وأوفّر على نفسي (دوخة الراس) بمعرفة الطرف (أ) الشيعي الباغي , من الطرف الشيعي (ب) المعتدى عليه أو العكس , وأتجنب الاصطفاف الدموي الذي لا يبقي ولا يذر لو وقع المحذور لا قدّر الله تعالى , واتنزّه عن كل مظاهر (الإمّعيّة) التي برعت بها الكيانات السياسية الشيعية , من خلال آلتها الإعلامية المتنوعة , لغسل أدمغة من يمكن ان يغرر بهم , وأنجو بنفسي مِن أن اكون حطباً لنار , كان يفترض أن تقتدح للعدو المشترك الذي يهدد الجميع , والذي كان آخر وجه قبيح له هو (داعــش) عليّ أن أعرف أولاً مَـــنْ هُــوَ الــشِــيــعِــيّ حــقّــاً , وما هي صفاته التي أثبتها أئمّة أهل البيت المعصومين (عليهم السلام) , إذا كنّا فعلاً من أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)!. فقد ورد في كتاب وسائل الشيعة , عن الإمام أبي الحسن الرضا (ع) أنه قال: " شيعتنا المسلمون لأمرنا الآخذون بقولنا المخالفون لأعدائنا فمن لم يكن كذلك فليس منا ". فقد ألزم الإمام الرضا (ع) الشيعي بثلاث أمور ثابتة لا تتغير , ولو اتصف بها الفرد الشيعي لم يكن ليصير الى ضدها حتى لو انطبقت السماء على الأرض. والأمور الثلاثة هي: (1) التسليم لأمرهم. (2) والأخذ بقولهم. (3) والمخالفة لأعدائهم. وإلاّ فهو ليس منهم عليهم السلام. ــ التسليم لأمرهم: بمن ممكن أن يسلّم الفرد الشيعي أمره , وهو يعيش عصر الغيبة الكبرى للإمام (عج)؟ قطعاً نجدها ممثلة في الفقيه الجامع للشرائط , ومجسّدة بالمرجعية الدينية العليا , ذلك الكيان المقدّس الذي اثبته المعصوم (ع) وعيّنه وأمر به. لكي ترجع الأمة اليها بجميع شؤونها الدينيّة والدنيويّة في زمن الغيبة. وهم ذاتهم رواة الحديث المشار اليهم: " وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجّة الله عليهم ". فصارت المرجعيّة الدينية بمقام النيابة المقدسة عن المعصوم (ع) زمن الغيبة. ــ الأخذ بقولهم: فإذا أذعنّا لأمرهم من خلال التسليم لمن ينوب عنهم (ع) وهي المرجعية العليا , فما علينا إلاّ التسليم والأخذ بقولها. الذي هو مجمل فيوضاتها من النصائح والإرشادات والتعليمات الدينية والدنيوية. التي لا تخرج عن " فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ". ــ المخالفة لأعدائهم: وإذا ما أحرزنا لأنفسنا التسليم للأمر والأخذ بالقول , فلم يتبقى لنا إلا ّ النقطة الثالثة المتمثلة بمخالفة الأعداء. وهنا تكمن الخطورة!. مَن له القدرة اليوم والأهلية على تحديد وتشخيص أعداء الدين وأعداء أهل البيت عليهم السلام!. حتى يتم ّ لنا مخالفته وفق الضوابط الشرعية والمقاييس الدينية. وإذا ما تمادى هذا العدو يعلن عليه الحرب حفظا ً لبيضة الإسلام والمذهب , ويكون مسؤولا ً عنها في الدنيا والآخرة ؟. القبيلة مثلاً ؟. أم الحزب السياسي ؟. أم الحكومة. أم الزعيم العشائري أو القائد السياسي ؟. بصريح العبارة لا يكون ذلك لأحد إلاّ للمرجعية الدينية لامتلاكها الأهلية والقدرة على ذلك , كما فعلت وشخّصت العدو المتمثل بـ (داعش) , واعلنت الحرب عليها بفتواها التاريخية فتوى الجهاد الكفائي , حينما اشتد خطرها وبات يهدد الأرض والعرض. إذن فالشيعيّ هو من أسلم أمره للمرجعية , وأخذ بقولها , وخالف أعدائها!. ومن لم يكن كذلك فهو ليس بشيعيّ , ولا يشرّف المذهب ليكون واحدا ً من أتباعه. فالحرب لو نشبت لا دلالة لنا عليها إلا ما دللت عليها المرجعيّة!. ولا اشتراك مع طرف ضد آخر إلا بإشارة من المرجعيّة!. فالشيعي لا يعدو قولها وامرها , كما لا يتقاعس عن أمرها وقولها قط!. وكما حدث مع الحرب ضد داعش. وبكلمة أخيرة..إذا كانت الحرب المزعومة بـ (شيعيّة شيعيّة) هي نتيجة صراع سياسي محتدم , وتنافس مصلحي مبتذل حول السلطة والنفوذ والمال العام , بين الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية , فماذا نسمّي الحرب لو نشبت ولنفس الأسباب بين مكونات مماثلة أخرى , كأن تكون حرب كرديّة كرديّة ــ مثلاً ــ وكلنا يشهد اليوم تنامي الحرب الباردة بين الحزبين الكرديين الوطني والديمقراطي مما يهدد الإقليم بحرب أهلية محتملة!. أو حرب سُنّية سُنّية , وكلنا يشهد اليوم تنامي التراشق الإعلامي التسقيطي بين مَن تواطئ مع داعش وأدخله المناطق السنيّة , وبين مَن حارب داعش وانضم الى القوات الأمنية والحشد الشعبي لقتال داعش!.مثل هكذا نوع من الحروب لو نشبت , فهو بحد ذاته مؤشر خطير ومرعب , ويكشف عن صراع دموي جديد محتمل يحرق الأخضر واليابس , وقد يرشح ليكون العدو الجديد , والبديل الذي سيخلف داعش , في إنهاك العراق شعباً ومقدرات!؟.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- حرب استنزاف مفتوحة
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟