- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
واقعة الى ضمير ( يوم المثقف العراقي ) !
حجم النص
بقلم:ناظم السعود اسذكرت – وانا اقترب من مناسبة سنوية عزيزة وجاذبة لكل المثقفين والعاملين في مجالات الثقافة المختلفة – انني ادنو من يوم (المثقف العراقي) وهو احتفاء سينوي لا ادري ان كان له نظير في اي مكان اخر بالعالم (البعيد والقريب وما بينهما!) ولكنني اعلم ان ميزته الاساس انه يقول للجميع وبلسان مبين وعنيد ان المثقف العراقي موجود وما زال يعطي ويوزع اشكال البقاء والجمال والانوار على الزوايا والمناطق المعتمة، نعم بعد ايام وفي 25 من هذا الشهر سنحظى ونهلل لعيدنا في " يوم المثقف العراقي" لانه يوم لنا وسيحتفي بنا ويتذكروننا برغم من امراضنا واوجاعنا وسنطلق ما في دواليبنا من افكار ومخطوطات ملت الاهمال والحجز والبعد عن المتلقين وسنجد فيها انفسنا ونباهي بها حتى ولو بعد حين ، واجد ان المسؤولية الثقافية الحقة تدعوني للاشادة بالدور الرائد للاديب الشاب محمد رشيد لانه اسس واطلق شرارة التنبيه الاولى لهذا العيد الوطني الفريد. صحيح انني لا اسطيع حضور المؤتمر الذي سيعقد في مدينة العمارة برغم انني تلقيت – ككل سنة –دعوة للمشاركة بسبب سوء حالتي الصحية الذي سيجعلني من هنا مراقبا ومتحسرا على عيدنا هناك! لكنني اهدي للجميع (محمد رشيد / المعيدين / المسؤولين) هذا الموضوع الذي كتبته خلال السنة الماضية لانه يتعلق بمتقف عراقي لم يزل بيننا وهو ممن يعنيهم (يوم المثقف العراقي)!. احسست بال " كف " يصل اليّ ويوجعني برغم البعد الجغرافي ومحنة المرض لحظة ان قرات ان الروائي والقاص والكاتب الصحفي " علي لفتة سعيد " قد تعرض لموقف مؤلم لا يمكن لانسان ما (فكيف لاديب حساس؟) ان يتساكن ويتحمله ويصمت ازاءه ؟ في الاسبوع الماضي ضجت الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي باخبار المصيبة الخادشة الجديدة التي حاقت ادباء العراق وسترتقي فورا الى ان توصف ب" اهانة ماسة بادباء العراق ومثقفيه " ولا شك ان ما جرى لهذا الاديب العراقي - ونواتج الاعتداء عليه – في مطار القاهرة يبعدها عن الخاصية الفردية بل يقربها من ان تكون جريمة عمومية كاملة الاركان!!. والمؤلم حد اللوعة ان الاهانة هذه قد تكررت مرارا: اديب عراقي وارض مصرية والمحصلة المعهودة هي الطرد او الابعاد الفوري ومن دون خشية من فعل مقابل او سيادة مبدا عالمي اسمه " التعامل بالمثل " فهذا المبدا الذي اصبح عرفا دوليا غير مطبق على الاراضي العراقية برغم من ان الدول الاخرى(ممثلة برعاياها وحاملي جنسياتها) تسيح من حدودنا المشرعة امامها وبالمجان (!)لكن الواقعة التي حدثت عيانا للاديب العراقي علي لفتة سعيد قد هيجت مكامن الوجع وفتحت دمامل مخباة وارجعتنا الى واقع ذليل نكاد نتغصص فيه ولا يشرف احدا، ولكي نكون في (مجمر) الماساة الجديدة علينا ان نقترب منها: في العام الماضي (2014) شارك اديبنا علي لفتة سعيد بمسابقة ادبية تسمى " القلم الحر للابداع العربي"ونال فيها الجائزة الاولى عن روايته (مواسم الاصطراب) ولكن السفارة المصرية في بغداد يومها لم تمنحه " الفيزة" المطلوبة للدخول للاراضي المصرية واستلام جائزته، وفي هذه السنة اي 2015 اشترك في المسابقة ذاتها ولكن في فئة الشعر وكان من الفائزين المؤشرين فيها.. ومن هنا بدات ماساته بل ماساتنا جميعا، لنتركه هو يحدد لنا ما جرى له عبر هذه السطور ضمن حديث خاص ((ذهبت مجددا الى السفارة المصرية وهناك طلب القنصل المصري مقابلتي وقال لي انهم لا يمنحون فيزة لمسابقات غير مسابقات وزارة الثقافة الا انه قد وعدني بالحصول على الموافقة وبعد اسبوعين وقبل العيد بيوم اتصلت بي السفارة المصرية لكي اصلها واحصل على الفيزة وهو ما حصل حيث تم ختم جوازي بالفيزة المصرية لكني لم اكن اعلم انها بلا موافقة امنية ،وفي المطار تم حجزي في ممر ضيق لاني لا احمل الموافقة الامنية وبقيت ست ساعات ومسؤول امن المطار يرفض الاستماع لي الا اذا كان لدي معرفة بوزارة الثقافة المصرية لكي يتم الاتصال وبخلافه لا يسمع كلامي..وفي المطار بقيت ساعات طويلة وفي حوار " طرشاني" لا فائدة منه وعلمت بعدها ان السلطات الامنية في مطار القاهرة تمنعني من دخول مصر لاستلام جائزتيّ!)) طبعا البقية معروفة لكثرة تكرارها، لقد اضطر اديبنا – حتى لا يبقى في مطار الكراهية والابعاد اياما أخر- ان يسلك طريقا طويلا ومتعرجا في طريق العودة فقد ذهب الى عمّان ومنها الى البصرة ثم عاد الى كربلاء برّآ!. ولكي نعي حجم المأساة هذه(وتحوّلها الى اهانة جمعية) علينا ان نسأل: لماذا زودت السفارة المصرية في بغداد الاديب العراقي علي لفتة سعيد بفيزة"مضروبة" وهي تعلم يقينا انهم هناك لن يسمحوا لحاملها بالدخول للاراضي المصرية؟! الاكيد انهم يعلمون بالنتيجة مقدما ولكنهم ارادوها فرصة للجهر بما في انفسهم وان غلفوها بتصرفات دبلوماسية وشكلية،ثم ان واقعة خادشة كهذه قد تكررت عشرات المرات من قبل – ومن السلطات المصرية ذاتها – وبشكل علني لا يخشى احدا وهذا معناه واحد من امرين: اما انهم يواجهوننا بعيون قاصرة لم تبلغ درجة الاحترام بعد، او ان ثمة تسويات بين المسؤولين لدي الطرفين (العراقي / المصري) لتمييع اي قضية مهما كانت كبيرة وخطيرة وتتحمل وزارة الخارجية العراقية الوزر الاكبر في الغض من قضية ماسّة او تسفيه نتائجها القريبة والبعيدة، فاذا اضفنا الى هذا حصيلة كابوسية نلاحظها تتراكم منذ سنوات اسمها (وزارة الخارجية لا تهتم لما يجري للانسان العراقي في الخارج) ادركنا هول الكارثة التي نعيشها وقد تركنا وحدنا للاهواء تتلاعب بمصائرنا وبلا نصير! والجانب المضيء هنا ان ادباء العراق ارتقوا سلم الوعي ونفذوا الى غايات الجهات المقابلة سواء اقالت ام ابقتها طي (الاتفاقات) وهكذا فضحوا من تعليقاتهم وكتاباتهم ما خفي من اخبار وفضائح تتعلق ببلدهم والمخططات التي تحاك ضده من الداخل والخارج او تلك " الاهانات" التي تنسج حول تحركاتهم وتبرر كذبا باجراءات وقوانين وهي تتعارض مع الحقيقة المرئية، وفي هذا السياق ياتي قول الناقد العراقي " علي حسن الفواز " على ماجرى بان (منْع دخول الروائي العراقي علي لفتة سعيد إلى مصر رغم حصوله الفيزا من السفارة المصرية في بغداد يؤشر محنة كبيرة في العقل الثقافي العربي وخضوعه للعقل الأمني والمخابراتي..) وفي هذا القول البليغ كشف لخلفيات ما حدث كما انه يمثل نبوءة لما هو آت!.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!