حجم النص
بقلم اسعد عبد الله عبد علي أبو حسن, رجل مسن, يعيش في حي النصر, الواقع في أطراف بغداد, قد أتعبه الدهر, ينظر للسماء ويتذكر, كيف تنبأ له أبوه, بان يعيش عيشة الملوك, وانه سيكون اسعد أبناء العشيرة, لذكائه ونباهته, فإذا بالزمن يعطيه الجانب المظلم, أبو حسن لم يرى يوما سعيد, وسكن في أكثر إحياء بغداد إهمالا حكوميا, انه القدر السيئ, في إن تكون فقيرا, ومن سكنه حي النصر. ذلك الحي المتعب, حيث يحسسك بعظم جريمة الأحزاب السياسية, التي أهملت عن قصد, تلك الإحياء الفقيرة, فقط لأنهم فقراء, الساسة يعيشون في بروج عالية من الثراء الفاحش, فليس من واجبهم الإحساس بالفقراء, بل واجباتهم أكثر قداسة, كتهريب الأموال للخارج, وبيع الوطن للظلاميين, وتنفيذ أوامر القوى العظمى, وتطبيق سياسة تدمير البلد, ومجون يلاصق مسيرتهم الجهادية, وبهذا كسبوا لقب سياسي وقائد وقديس. أبو حسن من أسبوعين, وهو يمارس نفس الطقوس, فيبدأ صباحه وبيده أناء قديم, حيث يفرغ الماء, الذي تجمع في حديقة بيته, بفعل الأمطار, ثم عليه أن يعالج الماء المتجمع أمام بيته, مع كتل الطين الكثيفة, التي تمنع السير, فشبكة صرف المياه, تحولت إلى هم جديد للناس, والتي أنجزها مقاول فاسد, جاءت به منظومة الفساد, من ساسة ونخاسين, الناس ألان تعمل على فك الارتباط, بمنظومة صرف المياه, كي ينقذوا بيوتهم من الغرق. ثم شرع أبو حسن بإكمال ساتر من أكياس الرمل, ليحيط بجدران بيته, خوفا على داره العتيقة من السقوط, كذلك وليمنع الماء من الدخول لبيته, كما حصل في أول أمطار تشرين. بعدها على أبو حسن المسكين, أن يشتري كمية من الماء (ماء ارو), الحصة اليومية للشرب والطبخ, من مكاتب بيع ماء الشرب, فالماء الحكومي الواصل عبر شبكة الأنابيب, ملوث وخطر على الإنسان, وكان سبب محنة الناس, في كل صيف, حيث يصاب العشرات بمرض التيفوئيد. في منتصف النهار, ومع انقطاع الكهرباء, وأبو حسن قد توسخت ثيابه, من الماء الآسن ومن الطين, شعر العجوز بتعب شديد, لم يجد إلا إن يطلق سيل من اللعنات, بحق كل الساسة, بسبب تقصيرهم, بحق المواطن الفقير والإحياء الفقيرة, ساسة تحولوا لوجودات نتنة, كحجر عثرة, أمام طموح الناس بالعيش الكريم. البؤس صنعته النخبة السياسية الحاكمة, حيث أمعنت في سرقة أموال البلد, والنتيجة معاناة دائمة للمحرومين, ألا يجدر بنا أن نساعد أبو حسن وأمثاله, حتى يعبر أزمته, ونقف معه ونطلق آلاف اللعنات, بحق الساسة المشتركون بحكومات النهب.