- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لماذا تواصل داعش زحفها في العراق السني ؟!
حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي ربما يعتقد البعض ان الحروب الحديثة تستخدم فيها الأساليب والأسلحة المتطورة، وربما يدخل السلاح النووي الخدمة، غير مدركين ان السلاح الأكثر فتكاً هي الحروب البدائية الا وهي الحروب الأهلية والتطرف، والتي استطاعت عبر الزمان من محو اسس بلد بكامله وتدمير البنى التحتية لبشاعتها،فهي عبث ابناء البلد الواحد ولكن من أيدلوجيات وولاءات مختلفة ومتباينة، ويكونون أحياناً اكثر ولاءً للقوى الأجنبية، مما هم لوحدته الوطنية، مما يؤدي ذلك الى انهيار كامل للبلاد، والتاريخ في ذلك يشهد ان الكثير من الإمبراطوريات والملكيات والدول سقطت تحت عنوان القتال الداخلي والحرب الأهلية. ان تغيير النظام البعثي في العراق سبّب صدمة ورعب كبيرين للانظمة الحاكمة في الشرق الأوسط، بل شكّل نداء استغاثة وجرس إنذار لهذه الحكومات، وان القادم سيكون بهم، وبالفعل كان البداية التي أنهت الأنظمة الشمولية والقمعية الحاكمة، خصوصا وان الديمقراطية تعد من المحرمات والمنوعات، ويشكّل تهديداً للامن القومي، فهل ياترى التطرّف يفضّل على الديمقراطية ؟. ان سقوط مدينة الرمادي بيد تنظيم داعش كان أمراً لا مفر منه، لان مدينة الرمادي التي تبعد حوالي ٦٠كم عن بغداد، كان تمثل مناطق قتل وموت، وحتى قبل ظهور داعش، والحوادث كثيرة في هذا المجال، وكانت تشكل خطراً حقيقياً على المسافرين او الذين تعاطفوا مع التغيير السياسي الذي حصل بعد عام ٢٠٠٣، كما ان هذه المنطقة لم تكن يوماً بيد القوات الامنية والحكومية، بل كانت ليلاً منطقة ساقطة بيد القاعدة او بقايا حزب البعث، والذي استطاع من بناء تحصينات قوية داخل المدن، خصوصاً مع وجود العدة والعدد، والتدريب العالي لتشكيلات حزب البعث او القوى الامنية التابعة لنظام صدام آنذاك، كما ان القوات الامريكية هي الاخرى أخفقت في دخولها وبسط السيطرة عليها، لما لهذه المنطقة من خارطة صحراوية معقدة، وأيدولوجية سكانية من طيف واحد ومكون واحد، جعلت من الصعب على الحكومات المتعاقبة التعاطي مع هذه المدن. الحكومة تجد نفسها اليوم في موقف صعب، فسكان المناطق السنية انا بين مشرد يعيش التهجير الداخلي والخارجي، وأما ارتضى لنفسه ان يكون حاضنةً للارهاب الداعشي، والخضوع لحكم داعش، في حين ينظر الى سياسي السنة على انهم غير منساقين لحكم الشيعة الذي كانوا محكومين، وقبلوا بالاشتراك بالعملية السياسية على مضض، على ان يكونوا شركاء في العملية السياسية وعلى المساواة دون الخضوع للكثافة السكانية او حساب النسب، وبغض النظر عن النتائج التي خرجت بها الانتخابات، ورغم هذا الشرط الا انهم ظلوا يمارسون التصرف كمعارضة حتى في داخل الحكومة، بل كانوا يمتثلون لاوامر ومتطلبات الاجندات الخارجية، بدلاً من الدخول في حوار مستمر في داخل اروقة المؤسسات الحكومية، وهذا ما سبب شللاً واضحاً في حركة الحكومة، وإعاقة للعملية السياسية، واصاب كل الجهود في وصول الى روية مشتركة بين المكونات الثلاث (السنة،الشيعة، الأكراد) بالشلل، وأوقع الضرر الكبير في البناء الاجتماعي للمجتمع العراقي ككل. هذه الحرب مع داعش لن تكون حرباً تقليدية، ولن تكون حرباً سهلة، لهذا من الواجب تغيير الايدولوجية القتالية والاستعداد لبناء قوات استنزافية، تملك النفس الطويل، والقبول ان الواقع سيستمر، ولا يمكن لاي قوة حكومية ان تملك هذا النفس سوى قوات الحشد الشعبي والتي تملك هذه القدرات في التكّيف مع هذا الواقع، والاعتماد على طريقة القضم واستنزاف العدو، وهي الوحيدة التي يُنظر اليها على انها ستغير قواعد اللعبة،وذلك لان قواعد الاشتباك في الحرب على الارهاب تختلف عن الحروب التقليدية وبين الجيوش ،وذلك العصابات الداعشية تستخدم الانتحاريين بدلاً من المواجهة التقليدية مما يتطلب قوات تملك الإيمان والقدرة على مواجهتهم ومستعدين للموت من اجل إنقاذ البلاد من سيطرة داعش، ويملك الإرادة في مسك الارض وعدم الانسحاب في نهاية المعركة، لانها ليست حرباً تقليدية، بل هي حرب مع حملة فكر منحرف ومتطرف. مع هذه الخطوات العسكرية المهمة في تقويض سيطرة داعش وأبعاده عن المدن، والقضاء على الجيوب العدائية القادمة من الخارج، ضرورة ان يتسق مع هذه العملية خطوات المصالحة الوطنية لانها أصبحت ضرورة ملحة للعراقيين جميعاً، ويجب ان توضع موضع التنفيذ، كما يجب على الدول الإقليمية والدولية إنهاء خلافاتهما في العراق، وإيجاد مؤتمرات واجتماعات مكثفة من اجل ايجاد رؤية موحدة للخروج من الأزمة، والا فستظل داعش باقية وتعتاش على الخلافات الداخلية بين السنة انفسهم، او بين السنة وباقي المكونات الاخرى، وسيبقى التمدد الداعشي في الواقع السني واقعاً نعيشه، وربما نسمع عن تأسيس دويلات داخل الدولة الواحدة.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى