حجم النص
فالح حسون الدراجي قبل أيام كتبت مقالاً افتتاحياً بعنوان: النزاهة للنزهاء.. طالبت فيه مجلس النواب، ورئيس الحكومة العراقية، وكل المعنيين بالعملية السياسية، بإبعاد هيئة النزاهة عن نظام المحاصصة المقيت، وجعل هذه الهيئة المسؤولة عن أمور الفساد في الدولة العراقية، دائرة مهنية حرة طليقة، لا تربطها قيود المحاصصة، ولا توثقها حبال الولاء والتبعية للحزب، أو الكتلة أو الطائفة التي جاءت برئيسها لموقع الرئاسة، فمسؤولياتها الحساسة التي تبدأ من محاسبة الفاسدين واللصوص ولا تنتهي عند مراقبة أداء كبار المسؤولين في مفاصل المال والوظيفة، تتطلب من الجميع، وأولهم رئيس الوزراء اتخاذ قرار شجاع، يبعد فيه هذه الهيئة المهمة عن آلية التقسيم السائدة في نظام تقسيم الغنائم، وتوزيع الأسلاب. كما طالبت في هذا المقال بمنح منصب رئاسة هيئة النزاهة للنزهاء، إذ لا يعقل أن يكون رئيس هيئة النزهاء مرتشيا، أو فاسدا..! لذلك رشحت لهذا المنصب المقاتل البطل حسن سالم، باعتباره رجلاً نزيهاً يشهد لنزاهته القاصي والداني.. ثم هل هناك أكثر نزاهة من البندقية العراقية الشريفة التي تقاتل اليوم في جميع مناطق العراق المحتلة، وتحرر الأرض والعرض من دنس الاحتلال الداعشي الكافر؟ وما أن نشر هذا المقال حتى حظي باهتمام الكثير من القنوات الفضائية، ووكالات الأنباء، كما تم الاتصال بنا من قبل الكثير من الزملاء في برامج الصحافة التي تبث من القنوات الفضائيات الشريفة لعرض هذا الرأي بشكل أوسع.. فكنت أقول: الرجل المناسب في المكان المناسب والرجل النزيه في المكان النزيه، مطالباً في الوقت ذاته بإبعاد بعض المؤسسات عن نظام المحاصصة الحزبية. واليوم وعلى ذات الخط الوطني الحر، المطالب بالفكاك والخلاص من قيود، وأغلال التقسيم الطائفي والسياسي، والكتلوي الكريه، أكرر في مقالي هذا نفس (الثيمة) التي كنت قد عرضتها في مقالي السابق عن منصب رئاسة هيئة النزاهة، ولكن هذه المرة في ما يتعلق بخصوصية شبكة الإعلام العراقي، لأتوجه فيه الى رئيس الحكومة، ومجلس النواب، ورجال الإعلام الحر، وأطالب الجميع بدعم فكرة حرية شبكة الإعلام العراقي، وعدم إلحاقها بأية تبعية، أو مسؤولية حكومية، فالعملية السياسية في العراق، التي تبنت مشروع ديمقراطية وحرية الإعلام العراقي الجديد، وألغت من أجل هذا وزارة الإعلام التي كانت تابعاً لسكرتير رئيس السلطة الدكتاتورية، بحيث كان يوجهها بإشارة بسيطة من أصبعه، لا يجوز قطعاً أن تعود للعمل بثوب سلطوي جديد، ولا يمكن أيضاً أن نستبدل وزارة الإعلام بشبكة الإعلام. لذا فإن هذه الشبكة التي أتشرف بكوني واحداً من مؤسسيها قبل أن يسقط نظام صدام بأيام، ولي الشرف أيضاً في المساهمة مع زملائي الآخرين باختيار اسمها الحالي، لذا أدعو كل المعنيين بأمور العراق حاضراً ومستقبلاً، الى عدم ربط شبكة الإعلام العراقي بسلطة أية جهة ضاغطة على حرية الشبكة، حتى لو كانت هذه الجهة رئاسة الوزراء، أو رئاسة الجمهورية، لأن ارتباطها بأية جهة حكومية لن يبعدها حتماً عن الارتباط والتبعية لأفكار، وسياسة، وأنشطة، وتوجيهات رئيس الوزراء الشخصية والحكومية والحزبية، أو لتوجيهات رئيس الجمهورية، أو لغيرهما من المسؤولين الكبار، وسيكون الأمر أسوأ من ذلك، حين توضع هذه الشبكة الإعلامية الكبيرة بعهدة موظف من موظفي مكتب الرئيس وليس بعهدة الرئيس نفسه، وهنا ستعاد نفس المسرحية السابقة، أقصد مسرحية وزارة الإعلام الصدامية، وأوامر عبد حمود الرئاسية!! إن وضع شبكة الإعلام العراقي هذه الأيام، وما يتردد في الشارع العراقي من مطالبات صريحة، تقدمت بها بعض الجهات الحزبية والطائفية والكتلوية، للسيطرة عليها وتسجيلها في(دائرة عقارات) كمُلك صرف لها، يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفاً على مستقبل العراق الديمقراطي، وقلقاً على حرية هذا الجهاز الإعلامي الخطير. فشبكة الإعلام العراقي مُلك صرف لكل عراقي، وهي من حصة كل الطوائف والمذاهب والأطياف العراقية، وإذا كان الإعلاميون اليوم مطمئنين لأداء شبكة الإعلام وواثقين من توجهاتها الوطنية ومن أدائها المتوازن، والمحايد، فإن هذا الأداء المنضبط، مرهون بوجود هذا الفريق الاوركسترالي المتكامل الذي يقود شبكة الإعلام العراقي اليوم، بدءًا من مديرها العام الى أصغر موظف فيها، وهذا ليس تحيزاً مني لهذه المؤسسة الإعلامية، إنما هي الحقيقة التي تفرض نفسها على الجميع، إذ أن ما يتمتع به مديرها الزميل محمد عبد الجبار الشبوط من حرية وظيفية تعتبر طيبة، وما يحمله من عقل حر منفتح، ومن وعي مهني منضبط قد وفر له برأيي احتراماً ملحوظاً في أوساط العاملين معه وبين الأوساط الإعلامية الأخرى أيضاً، ناهيك عن كون الشبوط نفسه شخصاً هادئاً، ومتوازناً، يملك تجربة إعلامية وثقافية واسعة، فضلاً عن أن الفريق الموحد الذي يعمل بمعيته، لا يحتاجون لشخص مثل عبد حمود، يوجههم بالإشارة، ويعطيهم الأوامر بالتلفون، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بقطع أغنية لداخل حسن، وبث أغنية لصبيحة ذياب فوراً باعتبار أن الغجرية صبيحة ذياب هي من (خوال) السيد الرئيس حفظه الله ورعاه!!
أقرأ ايضاً
- الكهرباء.. الشبكة الذكية والحل المتكامل
- السلوك المالي بين العبادي وعبد المهدي
- الشبكة العنكبوتيه .. كتابات ومتاهات