حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ الإشاعة ( Rumor ) بحسب تعاريفها المقتضبة هي ترويج لخبر مختلق مجهول المصدر لا أساس له من الواقع،وهي تعمد في ذلك المبالغة والتهويل او التشويه حين تسرد خبرا فيه جانب ضئيل من الحقيقة،وذلك بهدف التأثير النفسي في الرأي العام او هي رواية تتناقلها الأفواه دون التركيز على مصدر يؤكد صحتها تهدف إلى البلبلة والقلق، وزرع بذور الشك في صفوف الخصوم ... وتعد الإشاعة بحسب تأثيراتها السلبية (او الكوارثية في بعض الأحيان) من افتك أنواع الأسلحة النفسية التي يستخدمها طرف ما ضد طرف آخر يدخلان كلاهما في سجال له ظروفه الخاصة به وأسبابه ومقارباته ونتائجه وفي محاولة لهذا الطرف او ذاك التأثير على معنويات وقدرات الطرف الأخر والحد من فاعليتها وشلها في خطوات لاتقل أهمية عن الفعاليات العسكرية والقتالية وربما تكون أكثر خطورة وتدميرا منها سواء أ كانت في ميدان القتال أم في العمق الاستراتيجي للطرف المقابل وبواسطة خبراء مختصين في الحرب النفسية والتأثير السايكلوجي للإشاعة على نفسية الطرف المناوئ وباستغلال الظروف التي تتيح لهم ذلك لاسيما ما يخص الجبهة الداخلية لهذا العمق وتراص او خلخلة نسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية ومدى وعي الناس في تقبل او رفض الإشاعة ومقدرة الأجهزة الحكومية على تفنيدها وردها بالأدلة والوثائق الدامغة أمام الرأي العام ودرجة إقناع رجل الشارع بذلك كما تلعب الإشاعة دوراً حيوياً في الحرب النفسية، وهي وسيلة البلبلة في الحرب والسلم، والبلبلة الفكرية والنفسية مفتاح لتغيير الاتجاهات واللعب بالعقول ثم السيطرة والتحوير الفكري وغسل الأدمغة وترجيح كفة الصراع لصالح الجهة التي تبث الإشاعة وتفعيلها في مجتمع ما بعد ان تقوم بدورها في تدمير القوى المعنوية وتقويضها وتقسيم الرأي العام وتفتيته حتى تسهل عملية السيطرة عليه وصولا الى الانتصار عليه وهي على قدر سرعة انتشارها يزداد تأثيرها في الرأي العام بإثارة البلبلة والرعب وافتعال الأزمات وتحطيم المعنويات لدى العسكريين والمدنيين أثناء الحرب. وهذا الإجراء هو مفتاح رجحان كفة الصراع وكسب المعركة يضاف الى الجهد العسكري في جبهات القتال وحتى في حالة حرب الشوارع او الحرب التي تدار بصورة شبحية كالعمليات التي تقوم بها داعش وأخواتها، وقد اتخذت الإشاعة في الوقت الراهن صورا وأشكالا متعددة تشكل معدلات خطورة وفعالية أكثر من السابق بفعل التقدم السريع الحاصل بوسائل الاتصال والحاسوب والانترنيت وتقنيات البث الفضائي وتكنولوجيا الإعلام بصورة عامة بعد ان كانت تتخذ وسائل شفهية في اغلب الأحيان والاعتماد على الطابور الخامس وحواضن العدو ان وجدت فضلا عن مايسمى بالخلايا النائمة.. وهنا تكون المسؤولية مشتركة ما بين المواطن والأجهزة الحكومية التي تقع عليها المسؤولية الاولى في التصدي للإشاعة وتفكيكها وتحليلها وفك رموزها ومعرفة أسبابها ومصادرها ومنطلقاتها والأهداف التي تتوخاها والاهم من كل ذلك معرفة النتائج التي تركتها الإشاعة في التأثير على متانة الجبهة الداخلية ومدى الضرر الذي ألحقته بها ومدى تأثير ذلك على معنويات ونفسيات المقاتلين في سوح القتال اضافة الى المدنيين وهل أثرت فيهم؟ وذلك بالاستعانة بخبراء مختصين في الحرب النفسية لدحض الإشاعة وتفنيدها او نفيها ليس بالكلام فقط بل بالأدلة والوثائق وإرجاع ثقة المواطن بنفسه اولا وبحكومته ثانيا وترصين الجبهة الداخلية من حدوث خروقات سايكلوجية لها ذات الفعل العسكري المدمر وقد يكون لهذه الخروقات تأثير يشبه تأثير أسلحة الدمار الشامل. وعلى هذا المنوال تحاول عصابات داعش ان تنسج إشاعات مغرضة الهدف منها توهين وحدة الصف الداخلي للعراقيين والفتِّ من عزيمتهم ببث إشاعات من العيار الثقيل مثل إشاعة تفيد بقرب سقوط العاصمة بغداد تتزامنا مع ازدياد وطأة أنشطتها الإرهابية على العاصمة بالأخص والعراق عموما.. ومن الطبيعي ان تفعل مثل هكذا اشاعة فعلها السلبي على مجمل الفعاليات الحياتية والمعيشية للمواطنين في وقت يخوض الجيش العراقي والقوات الأمنية المساندة وسرايا الحشد الشعبي حربا ضروسا ضد عصابات داعش ومن لف لفهم في مناطق واسعة في عدة محافظات عراقية ابتليت بغزو هذا التنظيم الارهابي ولكن وعي المواطن العراقي ويقظة الأجهزة الحكومية اجهضت فعالية الاشاعة الداعشية ووأدتها في مهدها ولم تعد تنطلي على المواطن العراقي فبركات من هذا النوع الرخيص. إعلامي وكاتب مستقل [email protected]
أقرأ ايضاً
- عندما يصبح التعليم سلاحاً لتجهيل الأجيال
- الاستثمار في العراق سلاح ذو حدين !
- الفساد العلمي بوابة تحول المعرفة إلى سلاح في يد الفاسدين